بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي للعراق.. شبح ديمقراطية وخوف من المستقبل

جندي أمريكي يزيل ملصقًا للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين- 21 مارس 2003 (غيتي)

بعد عشرين عاما من احتلاله، لا يزال العراق يعاني تبعات الغزو الأمريكي، الذي جاء بدعوى “تأسيس نظام ديمقراطي يصلح أن يعمم على دول المنطقة أجمع”، و”تخليص البلاد” من حكم الرئيس الراحل صدام حسين.

ففي 20 مارس/ آذار 2003، أعلن الرئيس الأمريكي حينها جورج بوش بدء عملية أطلق عليها اسم “عملية حرية العراق”، ونشر نحو 150 ألف جندي أمريكي و40 ألف جندي بريطاني في العراق لإسقاط نظام صدام حسين، بحجة وجود أسلحة دمار شامل نووية وكيميائية على الأراضي العراقية، لم يتمّ العثور عليها بعد اجتياح البلاد.

ورغم إسقاط صدام حسين في 9 أبريل/ نيسان 2003، استمر الوجود الأمريكي طوال عقدين مع إعلانات متعددة بالانسحاب ثم العودة.

واعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير نشر أمس الأحد أن “الشعب العراقي هو من دفع الثمن الأعلى للغزو”. وحثّت المنظمة “أطراف النزاع على تعويض الضحايا ومحاسبة المذنبين”، لكن “الإفلات من العقاب لا يزال قائمًا”.

ومنذ عام 2003 وحتى عام 2011، تاريخ انسحاب القوات الأمريكية من العراق، قتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي، وفق منظمة “ضحايا حرب العراق”. في المقابل، فقدت الولايات المتحدة قرابة 4500 من أفرادها في العراق.

وبعد 20 عاما، يخيّم شبح نقص الخدمات والفساد الذي يدفع العراقيين إلى النظر إلى المستقبل بتشاؤم، في حين يلوح في الأفق خطر التغير المناخي ونقص المياه والتصحر.

وأقرّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مؤتمر للحوار في بغداد تحت عنوان “العراق عشرون عاما.. وماذا بعد؟” أمس الأحد بوجود استياء من “سوء الإدارة وهدر الأموال بالتنامي”.

وقال “شهدنا الكثير من علامات السخط إزاء عدم قدرة مؤسسات الدولة على الإصلاح والقيام بواجباتها”.

ونددت بعثة الأمم المتحدة في العراق العام الماضي بوجود “مناخ من الخوف والترهيب” يعرقل حرية الرأي في العراق.

جندي أمريكي يعتلي تمثال الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق (رويترز)

من سيئ إلى أسوأ

وعلى الرغم من أن العراق بلد غني بالنفط، فإنه لا يزال ثلث سكانه البالغ عددهم 42 مليونًا يعيشون في الفقر، مع ارتفاع البطالة في أوساط الشباب.

ويرى عراقيون أن الأوضاع في العراق عموما لم تتحسن بما فيه الكفاية، سواء على مستوى الاقتصاد أو البنية التحتية أو الخدمات أو وحدة المجتمع أو سيادة الدولة.

وقال أكاديمي عراقي لوكالة الأناضول للأنباء إنه بعد سقوط صدام، كان العراقيون يأملون أن تغيير نظامه الاستبدادي الدكتاتوري، سيبني لهم دولة جديدة، مبنية على الديمقراطية، والتوزيع العادل للثروة.

وأضاف “بعد عقدين من الزمان، أنتج التغيير عملية سياسية عرجاء، يشوبها الفساد المالي والإداري والمحاصّات الطائفية واقتسام الموارد بين القوى المتنفذة”.

وذلك في حين تعيش الغالبية العظمى في العراق، تحت وطأة تردي الخدمات، وشيوع ظاهرة السلاح المنفلت، وعصابات الفساد، وعصابات الجريمة المنظمة، وفق الأكاديمي العراقي.

 

يعيش العراق انقساما سياسيا (رويترز)

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2019، شهدت العاصمة بغداد ومحافظات أخرى وسط وجنوبي العراق، احتجاجات شعبية حاشدة ضمن ما عرف بـثورة تشرين، التي يخرج المتظاهرون في ذكراها كل عام للتذكير بمطالبهم.

وطالب المتظاهرون بمحاربة الفساد وتحسين أوضاع المعيشة والخدمات العامة وتوفير فرص عمل، وإيقاف نظام المحاصّة بين الشيعة والسُّنّة والأكراد، وإنهاء تبعية قوى سياسية للخارج، ولا سيما إيران والولايات المتحدة.

القوات الأمريكية في العراق

وتراجع عدد القوات الأمريكية في العراق منذ بداية الغزو في 2003، من نحو 130 ألفا مع بداية الغزو، وبقي متذبذبا بين 100 ألف و150 ألفا، إلا أنه عاد إلى الارتفاع إلى نحو 170 ألفا مع اشتداد العنف في 2007.

ومع نهاية 2011، أنهت الولايات المتحدة الأمريكية احتلالها للعراق في عهد الرئيس باراك أوباما، وسحبت قواتها من البلاد، باستثناء عدد قليل من المستشارين العسكريين.

ومع اجتياح تنظيم الدولة لوسط وغربي البلاد عام 2014، ضاعفت واشنطن قواتها لتبلغ أكثر من 5 آلاف عنصر، قبل أن تخفضها مجددا إلى 3 آلاف عام 2021، ثم إلى نحو 2500 في العام الجاري.

المصدر : وكالات