الاتحاد الأفريقي يدين بشدة “خطاب الكراهية العنصري” ضد المهاجرين في تونس والسلطات ترد

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

انتقد الاتحاد الأفريقي تونس وحثها على تجنب “خطاب الكراهية العنصري” بعد أن أمر الرئيس التونسي قيس سعيد بطرد المهاجرين الذين لا يحملون وثائق قائلًا إن الهجرة مؤامرة لتغيير التركيبة السكانية لبلاده.

وقالت مفوضية الاتحاد الأفريقي إنها أبلغت ممثل تونس، قلقها من استهداف المواطنين الأفارقة بغض النظر عن وضعهم القانوني.

وكان الرئيس التونسي قد قال خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي خُصص لمناقشة هذه القضية، إن “الهدف غير المعلن للموجات المتلاحقة من الهجرة غير الشرعية هو اعتبار تونس دولة أفريقية فقط لا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية”.

وعبر الاتحاد الأفريقي عن “الصدمة والقلق العميقين” إزاء شكل البيان الصادر عن السلطات التونسية ومضمونه مذكرًا تونس بالتزاماتها بوصفها عضوًا في التكتل المكون من 55 دولة بمعاملة المهاجرين بما يصون كرامتهم.

تنديد بمواقف “صادمة”

وأدان الاتحاد الأفريقي مواقف سعيّد بشأن المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء ودعا دوله الأعضاء إلى “الامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الأذى بأشخاص”.

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد في بيان “ندين بشدة تصريحات السلطات التونسية الصادمة ضد مواطنينا الأفارقة، التي تتعارض مع روح منظمتنا ومبادئنا التأسيسية”.

وذكّر “جميع البلدان لا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بأن عليها الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، أي معاملة جميع المهاجرين بكرامة، من أينما أتوا، والامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الأذى بأشخاص، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الأساسية”.

وكرر موسى فقي محمد “التزام المفوضية بدعم السلطات التونسية لحل قضايا الهجرة بهدف جعل الهجرة آمنة وكريمة ونظامية”.

من جانبها قالت سفارة مالي في تونس في بيان إنها تتابع “باهتمام بالغ وضع المواطنين الماليين” في البلاد متحدثةً عن “لحظات مقلقة جدًّا”. ودعت الماليين إلى “الهدوء واليقظة، ومَن يرغبون في التسجيل للعودة الطوعية”.

الخارجية التونسية ترد

من جانبها أبدت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة التونسية “استغرابها” من البيان الصادر عن مفوضية الاتحاد الأفريقي حول وضعية الجالية الأفريقية في تونس ورفضت ما ورد فيه.

وقالت إنها “تأسف للخلط غير المبرّر وغير المفهوم في هذا البيان بين المهاجرين الأفارقة القانونيين الذين يعيشون بسلام وتحت حماية قوانين الدولة التونسية وبين الجماعات غير القانونية التي تتاجر بالبشر وتزج بهم في قوارب الموت وتستغلهم لأغراض إجرامية”.

وجدّدت الوزارة التزام تونس بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي وكافة الدول الأفريقية في حل مشاكل الهجرة لجعلها “هجرة آمنة وكريمة ونظامية في إطار من المسؤولية والاستقلالية ومبدأ التضامن الأفريقي”.

الداخلية تنفي إيقاف مهاجرين

أما وزارة الداخلية التونسية، فقد نفت وجود حملة إيقافات ضد المهاجرين الأفارقة ورفضت ما يتم ترويجه مؤخرًا ببعض وسائل الإعلام وبمواقع التواصل الإجتماعي في هذا الشأن.

وأكدت الداخلية في بيان على “التقيّد التام والتزامها بالتعامل مع كافة الأجانب من مختلف الجنسيات المتواجدين بالتراب التونسي وفق مقتضيات التشريع الوطني النافذ والمواثيق والمعاهدات الدولية في كنف الاحترام التام لمبادئ حقوق الانسان”.

كما أكدت الوزارة أن “الوحدات الأمنية تحرص على حماية حقوق المهاجرين المتواجدين بالتراب الوطني على اختلاف جنسياتهم دون تمييز أو انتقاء وذلك في إطار دعم التعايش السلمي لجميع الوافدين على بلادنا دون استثناء مع الانفتاح على كلّ الثقافات والحضارات”.

“جحافل المهاجرين غير النظاميين”

وكان الرئيس التونسي قد قال في حديثه عن المهاجرين إن تدفق “جحافل المهاجرين غير النظاميين” يؤدّي إلى “عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، فضلًا عن أنه مجرّم قانونا”.

وأشار إلى “مخطط إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس”، داعيا إلى “العمل على كل الأصعدة الدبلوماسية والأمنية والعسكرية والتطبيق الصارم للقانون المتعلق بوضعية الأجانب في تونس وباجتياز الحدود خلسة”.

ونددت منظمات حقوقية تونسية، الأربعاء، بخطاب الرئيس الذي دعا فيه إلى وقف تدفق المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، معتبرة أنه “عنصري” ويدعو إلى “الكراهية” ويؤجج الأوضاع.

وفي بيان مشترك أعربت 18 منظمة غير حكومية من بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن “تضامنها الكامل مع المهاجرين والمهاجرات من أفريقيا جنوب الصحراء ومع كافة الجمعيات والمنظمات المدافعة عنهم”.

وشدّد البيان المشترك على أن خطاب سعيّد “يمثل تحريضًا على الكراهية وتذكيرا بحقبة معسكرات الإبادة العرقية النازية أثناء الحرب العالمية الثانية”.

وقال نشطاء حقوقيون إن قوات الشرطة اعتقلت في اليومين الماضيين عشرات المقيمين، كما قال بعض الأفارقة إن الخوف من الاعتقال أو الانتهاكات المحتملة دفعهم إلى البقاء في منازلهم في اليومين الماضيين.

ورفض سعيد، الخميس، انتقادات نشطاء وجماعات حقوقية له بالعنصرية، بعدما أمر بوضع حد فوري لتدفق مهاجرين من جنوب الصحراء بشكل غير قانوني، قائلًا إن بعض هؤلاء المهاجرين أنشؤوا محاكم خاصة بهم.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات