حبس معتقلين سياسيين في تونس والاحتجاجات تعم 5 ولايات.. والنهضة: الاعتقالات طريق الديكتاتورية

تونس تعيش أزمة اقتصادية وسياسية حادة (غيتي)

أصدر قاضي التحقيق في تونس، اليوم السبت، “بطاقات إيداع” في السجن (حبس احتياطي على ذمة التحقيق) بحق 5 سياسيين ضمن “حملة الاعتقالات” التي بدأت في 11 فبراير/شباط الجاري.

وشمل القرار عضوي “جبهة الخلاص” شيماء عيسى وجوهر بن مبارك، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والناشط والمحامي رضا بالحاج.

وبحسب المحامية وعضو هيئة الدفاع عن الموقوفين إيناس الحراث، فإن “حاكم التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أصدر بطاقات إيداع بالسجن في حق كل من عيسى وبن مبارك والشابي وبالحاج والشواشي.

وصباح اليوم، قال المحامي سمير ديلو إن هيئة الدفاع قاطعت الترافع عن الموقوفين “لانتفاء أبسط شروط المحاكمة العادلة، ولقناعتنا بأن قرارات الإيداع بالسجن ليست قضائية بل سياسية بحتة سبق اتخاذها”.

طريق الديكتاتورية

بدورها، قالت حركة النهضة إن حملة الاعتقالات لن تحل مشكلات البلاد بل تسير بها نحو “الديكتاتورية”.

وتعليقا على حملة الاعتقالات المستمرة في تونس وشملت سياسيين وإعلاميين وناشطين وقضاة ورجال أعمال، أفادت الحركة بأن “سلسلة الاعتقالات والتنكيل بالمعارضة واستهداف رموزها بتهم ملفقة لن يحل مشاكل المواطنين ولن يزيد الأزمة في البلاد إلا تعقيدا وسيرا حثيثا نحو عودة الديكتاتورية ودولة التعذيب والقمع الممنهج والتنكيل بالشعب في قوته اليومي”.

وأدانت النهضة في بيان “حملة الاعتقالات العشوائية التي شملت عددا من السياسيين”، كما أعربت عن “تضامنها مع المعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم جميعا”.

ولم يصدر تعليق من السلطات التونسية على بيان الحركة، إلا أن الرئيس قيس سعيّد اتهم، في 14 فبراير الجاري، بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”.

ومقابل تشديد سعيّد مرارا على استقلال المنظومة القضائية، تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، مما أحدث انقساما حادا في البلاد.

احتجاجات

وفي وقت سابق اليوم، شارك آلاف التونسيين باحتجاجات في 5 ولايات، تنديدا بالوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وأفاد شهود عيان بأن الاحتجاجات التي دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية بالبلاد) جرت بولايات باجة والكاف (شمال غرب) وسليانة (وسط) وقفصة (جنوب) والمهدية (شرق).

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد سامي الطاهري “جئنا لنسمع صوت كل العمال وصوت كل تونسي يعيش تحت القهر والمعاناة والفساد ودولة الاستبداد”.

وأضاف “يجب أن نكون يدا واحدة ضد الاستبداد وسنحاربه ونحاسبه”.

وتابع “حق كل المناطق المهمشة اليوم أولوية. قمنا بالثورة من أجل الحرية والكرامة والتشغيل والعدالة الاجتماعية، ولم نر غير وضع اجتماعي متدهور”.

وأردف “أصبحنا نفتقر لأبسط الضرورات الحياتية. قطاعات الصحة والنقل والتعليم دُمرت، ولن نصمت بعد الآن أمام هذا التخريب الناتج عن حكومات الفشل المتعاقبة بعد الثورة”.

وأكد الطاهري “كان أملنا في 25 يوليو (تموز) 2021 (تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيّد إجراءاته الاستثنائية) أن ننقذ البلاد ونخرج من الخندق الذي وضعتنا فيه حكومات ما بعد الثورة، ولكن للأسف لم يتحول هذا التاريخ إلى مسار، وجاءت حكومة متآمرة على تونس”.

ولم يصدر تعليق من السلطات على هذه الاحتجاجات التي دعا إليها اتحاد الشغل في 3 فبراير الجاري، رفضا لـ”استهداف العمل النقابي والوضع الاقتصادي في البلاد”.

وأواخر يناير/كانون الثاني الماضي، قال سعيّد خلال زيارته ثكنة عسكرية بالعاصمة تونس “الحق النقابي مضمون بموجب الدستور، لكن لا يمكن أن يتحول لتحقيق مآرب سياسية”.

يأتي هذا في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة تعانيها تونس منذ 25 يوليو 2021، حين بدأ سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.

وتلك الإجراءات تعدّها قوى في تونس “تكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس حينئذ زين العابدين بن علي (1987-2011).

ومدعوما من الفريق الثاني، قال سعيّد إن إجراءاته “ضرورية وقانونية” لإنقاذ الدولة من “انهيار شامل”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات