توقعات بارتدادات سياسية.. الزلزال يثير الجدل بشأن الفساد في إنشاء المباني بتركيا (فيديو)

قال الباحث السياسي المختص في الشأن التركي سعيد الحاج إن الزلزال الذي ضرب جنوبي البلاد، فجر الاثنين الماضي، يتطلب مسارا قانونيا خاصا من حيث الشفافية والدقة والعدالة، لأن الفاجعة تتطلب فتح ملف مخالفات البناء في تركيا.

وفي 6 فبراير/شباط الجاري، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، مخلفا خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين، وهو ما أعاد إلى الأذهان الزلزال الأقسى الذي شهدته تركيا عام 1999.

وأوضح الحاج خلال مشاركته، الاثنين، في برنامج المسائية عبر شاشة الجزيرة مباشر أن “زلزال كهرمان مرعش كشف مدى التراخي في تطبيق معايير البناء وعمليات المتابعة والرقابة عليها التي تم إقرارها عام 2000”.

وتابع “التحقيقات لا بد أن تشمل المؤسسات كافة بما فيها -مؤسسات البيروقراطية التركية- كالبلديات ودواوين الحكومة التي لها صلة بإعطاء تصاريح البناء”.

وكانت تركيا قد طبقت معايير أمان أكثر صرامة في أعقاب زلزال عام 1999، في محيط مدينة إزميت شمالي غرب البلاد، الذي قُتل فيه 17 ألف شخص.

ويتزايد الغضب في تركيا، لأن التراخي في تطبيق المعايير أسهم في انهيار العديد من المباني جراء زلزال كهرمان مرعش الأخير الذي تسبب في حصد أرواح الآلاف.

بدوره، قال عضو المجلس الاستشاري التركي للزلازل البروفيسور تونغاي تايماز إن العديد من المباني في تركيا غير آمنة بسبب “الفساد المستشري والسياسات الحكومية”.

وأضاف تايماز خلال مشاركته، الاثنين، في برنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر أن “تركيا شددت معايير البناء في أعقاب الكوارث السابقة -كان آخرها عام 2018- ولهذا صمدت المباني التي أقيمت بعد هذا التاريخ في وجه الزلزال”.

وأوضح تايماز أن هذا يشير إلى أهمية اختيار أماكن البناء والرسوم الهندسية المتبعة.

وطالب تايماز بالتحقيق في الفساد المتعلق بقطاع العقارات، لكنه أكد أن الأمور لن تتغير في المستقبل المنظور لأن البلاد على مشارف انتخابات عامة.

وبشأن تأثير الزلزال على المشهد السياسي في تركيا مع ترقب البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أكد سعيد الحاج أن الزلزال سيكون له ما بعده على شكل ارتدادات سياسية لا تقل أهمية وخطورة عن الهزات الارتدادية.

وأضاف “سيفرض الزلزال نفسه كأحد الملفات المهمة في سياق الانتخابات المقبلة بالنسبة للحزب الحاكم أو المعارضة”.

وأشار الحاج إلى أن المعارضة ستسعى حتما إلى تحميل الحزب الحاكم وحكومة أردوغان المسؤولية إزاء تعاملها مع كارثة الزلزال، في حين ستسعى الحكومة إلى تأكيد أن الكارثة أكبر من قدرات أي حكومة مهما كانت استعداداتها.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة العدل التركية اعتقال أكثر من 100 مقاول في إطار التحقيقات بانهيار مبان جراء الزلزال بسبب عدم التقيد بمعايير البناء.

وقالت الوزارة إنها أنشأت مكاتب تحقيق في الجرائم المتعلقة بالزلزال والوفيات والإصابات.

وأشار وزير العدل التركي بكر بوزداغ إلى أن وزارته أنشأت مكاتب خاصة للتحقيق في اتهامات بالغش في أعمال البناء الذي قد يكون سبب انهيار المباني في الزلزال.

وأوضح بوزداغ “ستكون المكاتب مسؤولة عن إجراء التحقيقات العدلية بشكل قانوني، وتوقيف المهملين أو المستغلين أو المستخدمين للمواد الرديئة”.

وبعد انهيار وتضرر أكثر من 25 ألف مبنى جراء الزلزال، تعهّدت السلطات التركية بإجراء تحقيقات مستفيضة مع أي شخص يُشتبه بمسؤوليته عن انهيار المباني جراء عدم التقيد بالمعايير.

وتجاوزت حصيلة قتلى الزلزال في تركيا وسوريا 36 ألفا إثر انتشال المزيد من الجثث من تحت أنقاض المباني المدمرة في البلدين، مع استمرار العثور على ناجين رغم مرور أسبوع على الكارثة.

وبلغ عدد ضحايا الزلزال في تركيا 31 ألفا و643 قتيلا وأكثر من 80 ألف مصاب، في حين وصل العدد في سوريا إلى نحو 4500 قتيل و7429 مصابا.

وتمكنت فرق البحث والإنقاذ من انتشال العديد من العالقين تحت الأنقاض في مدن تركية عدة، لكن الآمال في العثور على المزيد من الناجين تتراجع، في حين أعلن الدفاع المدني في الشمال السوري انتهاء عمليات الإنقاذ.

المصدر : الجزيرة مباشر