ساسة وخبراء سودانيون: الانتخابات ستدخل البلاد في أتون حرب أهلية (فيديو)

أجمع ساسة وخبراء سودانيون أن البلاد تواجه حالة غير مسبوقة في التصعيد بين المكونين العسكري والمدني، وأن قضية إجراء الانتخابات تمثل حجر الزاوية في هذا التصعيد بين إصرار قيادة الجيش على تسليم السلطة لحكومة منتخبة، وتأكيد المكون المدني أن الشروط العامة غير مواتية لإجراء هذه الانتخابات.

وقال الوليد آدم مادبو خبير الحوكمة والمستشار في التنمية الدولية “إن إجراء الانتخابات في الظروف العامة التي يجتازها السودان أمر مستحيل في ظل السيولة الأمنية والتدهور الاجتماعي والانهيار الاقتصادي، وإذا حدث وتمت فإنها ستدخل البلاد في أتون حرب أهلية، وقد تمكن مجموعات معينة من العودة إلى الحكم”.

وأضاف مادبو خلال مشاركته في برنامج المسائية على الجزيرة مباشر، الإثنين، أنه لا بد من تدابير مؤسسية لتهيئة المواطنين السودانيين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات حرّة ونزيهة.

ورأى مادبو أن الشارع السوداني بقيادة تجمع المهنيين السودانيين هو الذي يقود عملية الإصلاح في السودان من خلال تصعيد قيادات شبابية صادرة من القاعدة الشعبية.

وشدد على أن السودان أضاعت ثلاث سنوات دون تحقيق أي تقدم على مستوى الجهاز التشريعي أو المؤتمر الدستوري.

وتابع قائلًا “إن المعضلة الكبرى التي تواجه السودان هي طريقة الحكم المعتمدة، فهل سيتم تبنى النموذج الأميركي أم الفرنسي؟ مؤكدًا أن انتخاب المؤتمر الدستوري هو الخيار الوحيد الذي سيحدد سير عمل الانتخابات والقوانين الضامنة لنجاحها.

وقال “إن الجماهير في الشارع السوداني سحبت التفويض من عبد الله حمدوك، وهي اليوم تبحث عن شرعية دستورية جديدة تكون فيه الكلمة للمؤتمر الدستوري الذي سيحدد الانتخابات وشكل الحكومة والفترة الانتقالية”.

وأضاف “لا يمكن الاستمرار في تقديم شباب الثورة السودانية كقرابين، ولا بد من تدخل إقليمي أو دولي للحد من هيمنة المؤسسة العسكرية”. محمّلًا قادة المكون العسكري تداعيات التصعيد الذي يعرفه الشارع.

من جهته ثمّن الناطق باسم تجمع المهنيين السودانيين بشرى الفكي الضغوطات الأجنبية التي يتعرض لها المكون العسكري، مؤكدًا أن الشراكة مع العسكر لم تكن في صالح مستقبل السودان، وأن أفراد الجيش غير مؤهلين لتدبير الخيارات المختلفة والمتعددة للتحوّل السياسي في السودان.

وقال إن مليونية الشهداء محطة أخرى في مسيرة مواجهة العسكر، مؤكدًا أن ما يحدث في السودان من “مجازر وتكميم للأفواه والاعتقالات والنهب في الشوارع تؤكد ضلوع الجيش في قمع المدنيين وقتل المتظاهرين”.

وحول ما أثير بشأن وجود طرف ثالث في المتظاهرات يقوم بقتل المدنيين، قال الفكي إن المكون العسكري المسيطر على مؤسسات الدولة هو المسؤول عمّا يقع في البلاد، وعجزه عن الوصول إلى هذا الطرف دليل على فشله.

وقالت لجنة الأطباء إن قتيلين سقطا، فيما أصيب عدد من المتظاهرين السودانيين جراء إطلاق قوات الأمن للغاز المسيل للدموع بشكل كثيف لتفريق آلاف المتظاهرين المشاركين فيما سمّي مليونية ُ “الوفاء لدماء الشهداء” في الخرطوم، وذلك للمطالبة بحكم مدني، ومحاسبة قتلة المتظاهرين خلال احتجاجات الأسبوع الماضي.

واستهدفت قوات الأمن المتظاهرين الذين توجهوا في مسيرات باتّجاه القصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم، حيث رددوا هتافات تدعو الجيش للعودة إلى الثكنات، وتسليم السلطة للمدنيين.

وسبقت هذه التحركات إجراءات ٌ أمنية اتخذتها قوات الأمن من بينها إغلاق الجسور التي تربط مدن العاصمة، وتم قطع خدمات الهاتف الجوال، وشبكة الإنترنت بالعاصمة.

وقال كاميرون هديسون الدبلوماسي الأمريكي السابق إن الخارجية الأمريكية سبق أن “شجبت الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين المدنيين، وهددت بفرض عقوبات ضد العسكريين في السودان دون أن تقدم على خطوات عملية مثلما فعلت في الصومال وأثيوبيا”.

وأضاف “واشنطن في وضعية صعبة؛ فهي تحاول أن تكون متشددة مع العسكر، لكنها ملزمة بالتواصل مع قيادته في ظل غياب محاور بديل”.

وشدد قائلًا” المعضلة السودانية تتحدد في أن العسكريين لا يستجيبون، وواشنطن مدعوة لمزيد من الضغط”.

وقال الفريق أول فتح الرحمن محي الدين قائد القوات البحرية السودانية الأسبق إن المجلس العسكري أخطأ في الشراكة مع المكون المدني، وكان على القيادة العسكرية أن تسيطر على مفاصل الدولة جميعها، وتدعو لتشكيل حكومة كفاءات”.

وأضاف بعد ثلاث سنوات ونصف عن إسقاط نظام حكم الرئيس عمر حسن البشير ظل المكون العسكري مُصرًّا على ضرورة إجراء الانتخابات شرطًا أساسيًا لتسليم السلطة لحكومة منتخبة، في حين أن المكون المدني ظل طوال هذه المدة يتهرب منها.

المصدر : الجزيرة مباشر