سياسيون تونسيون للجزيرة مباشر: الاستشارة الوطنية “مهزلة” وجرت في غرف مظلمة

الرئيس التونسي قيس سعيّد (غيتي أرشيف)

عبّر سياسيون تونسيون عن رفضهم للاستشارة الوطنية الإلكترونية ونتائجها التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، وقالوا إنها جرت في غرف مظلمة دون أي ضمانات.

وقال سيف الدين مخلوف رئيس الكتلة النيابية لائتلاف الكرامة في تونس إن الرئيس قيس سعيد يسحق جميع السلطات في البلاد، وإن الاستشارات الإلكترونية التي أعلن عن نتائجها لا تمثل الشعب وما هي إلا أرقام وهمية.

وأعلن سعيّد، الخميس، أن 82% من مواطني بلاده يفضلون النظام الرئاسي، في أولى النتائج التي كشفت عنها الاستشارة الوطنية الإلكترونية.

وأوضح مخلوف في حديث لبرنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر أن “النتائج لا تعني شيئًا فهذه أرقام وهمية وهي أرقام استبداد، حيث إن النسب المئوية فوق الـ80% والـ90% خلناها لن تعود في تاريخ تونس، وأننا لن نسمع بها بعد الثورة، لكن هذا الانقلاب الفاشي أعادنا إلى زمن ما قبل عصور التنوير وإلى زمن المستبد الواحد الذي يجمع السلطة التشريعية والتنفيذية ويدوس على السلطة القضائية”.

وتابع “هذه الاستشارة مسخرة ولا تمثل شيئًا، وقد أجريت في ظروف غير ديمقراطية. ما نحتاجه في تونس اليوم نظام برلماني معدد لا تحتكر فيه السلطات عند شخص واحد حتى لا تعود ماكينة الاستبداد، ورأينا اليوم مثالا على ذلك عبر هذه الاستشارة”.

وأكد أن المعيار الحقيقي هو الصندوق، وأن ما يحصل اليوم هو انفراد بالسلطة وتحايل على الشعب التونسي.

“استشارة في غرف مظلمة”

بدوره قال عماد الخميري رئيس كتلة حركة النهضة البرلمانية إن “الاستشارات الإلكترونية التي أعلنها قيس سعيد مهزلة وتغليف لقراراته ولا تعني شيئًا بالنسبة لنا”.

وأوضح أنه “لا يوجد من يشرف على الاستشارة الإلكترونية، وليس هناك أي دليل على أن هذه الاستشارة تتم في إطار الشفافية وفي إطار التعبير عن آراء التونسيين والتونسيات، حيث إنها تجرى في غرف مظلمة، ليس هناك لا إعلام ولا إقبال ولا فئات اجتماعية تشارك فيها”.

وتابع “هذه مسمى لخارطة طريق قدمها الرئيس التونسي بشكل أفقي ولم يستشر فيها الأطراف السياسية والمكونات الاجتماعية”، معتبرا أن الاستشارة جاءت لذرّ الرماد في العيون، ومحاولة من رئيس الجمهورية لتغليف الخيارات التي ينبغي في رأيه أن تسود في تونس.

بدوره دافع أحمد همامي المتحدث باسم تحالف أحرار عن الرئيس قيس سعيد.

وعلّق همامي على عدم نشر تفاصيل الاستشارات وعدد المشاركين فيها والنسب المؤية، وقال إن ما قدمه الرئيس سعيد هي لمحة بسيطة، فهو من بيده الأمور، كما أن وزير التكنولوجيا والاتصال قد مده بالمعلومات الكافية حتى يطلع عليها.

وأشار إلى أنه في 20 مارس/آذار القادم ستنشر تفاصيل الاستشارة، لكن الرئيس اليوم استعار فقط بعض المعلومات لإثبات أن من شاركوا لحد هذه اللحظة هم رافضون للنظام البرلماني، وسرد بعض المعطيات التي تشير، حسب زعمه، إلى أن القضاء لا يقوم بدوره ولا يحقق العدالة.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني الجاري، انطلقت الاستشارة الوطنية على منصة إلكترونية بهدف “تعزيز مشاركة التونسيين في عملية التحول الديمقراطي”، وسط دعوات قوى معارضة لمقاطعتها.

وقال سعيد -خلال اجتماع لمجلس الوزراء بثّ حساب الرئاسة التونسية على فيسبوك مقطعا مصورا منه- إن “82% من المواطنين يفضلون النظام الرئاسي، و92% يؤيدون سحب الثقة من النواب البرلمانيين”. وأضاف أن “89% من المواطنين ليست لديهم ثقة في القضاء، و81% يؤيدون أن الدولة هي التي تتولى تنظيم الشؤون الدينية”.

وأكد أن “هذه الأرقام ليست مزيفة، ولم يضعها أشخاص من مكاتب أو جهات”.

ويأتي ذلك في الوقت الذي ترفض فيه غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس -وبينها النهضة- الإجراءات الاستثنائية التي أعلن عنها سعيّد في 25 يوليو/تموز الماضي، وتعدها “انقلابًا على الدّستور”، في حين تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحًا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي.

وتعاني تونس أزمة سياسية منذ فرض سعيّد إجراءات استثنائية منها تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

وقال سعيّد، الذي بدأ في 2019 مدة رئاسية تستمر 5 سنوات، إن إجراءاته الاستثنائية هي “تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم”، حسب تقديره.

المصدر : الجزيرة مباشر