“25 يناير” تتصدر المنصات.. كيف بدت الثورة في أعين المصريين بعد 11 عاما؟

المصريون يحيون الذكرى الـ11 لثورة يناير (مواقع التواصل)

بين إحباط وأمل وتخبّط، يحيي المصريون الذكرى الحادية عشرة لثورة 25 يناير/كانون الثاني، وسط مشهد مشوّش زاد من ضبابيته تراجع الوضع المعيشي والاقتصادي بالتزامن مع جائحة كورونا.

ولم تختلف تلك الأوصاف المتباينة من قِبل الناشطين كثيرًا عن أعوام سابقة، وهو الحال الذي لخصه أحد الصحفيين الراحلين في عبارة “والله يناير أنا فِكري فيك حاير (يقصد حائر).. هِيا صحيح ثورة وألّا لف في دواير (دوائر)؟”.

فبعد مرور 11 عامًا على ثورة يناير أصبح أفراد الجيل الجديد الذين قادوا الثورة وهم في العشرينيات من العمر، في الثلاثينيات أو على أعتاب الأربعينيات، وهم بين مشرد في المنافي خارج البلاد أو مسجون داخلها أو صامت قهرًا ليسلم من الأذى، وسط اتهامات للنظام الحالي بتعمد طمس هوية الثورة المصرية بل ومشاركته في سرقتها وإجهاض نتائجها.

وتصدّر اليوم وسم (25 يناير) مواقع التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والإنجليزية لتصبح الثورة المصرية حديث المنصات، وبينما وصف ناشطون هذا اليوم بأنه أعظم يوم في تاريخ البلاد ولن تموت “فكرته” مع مرور السنين حتى “يتحرر” المصريون بحق، رآه آخرون مدعاة للإحباط؛ إذ لم تحقق الثورة أهدافها طوال 11 عامًا، وفق تعبيرهم.

وكان الشعار الأبرز للثورة المصرية “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية”، وهي المطالب الأربعة التي صرخ المصريون لأجلها بالهتاف الأشهر “الشعب يريد إسقاط النظام”، وقد ارتفع هذا النداء في ميادين مصر وعلى رأسها ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة.

ولعل أبرز ما تناوله النشطاء اليوم، استذكار ضحايا الثورة الذين سقطوا برصاص الأمن في الأيام الأولى من اندلاعها إذ استمرت 18 يومًا تخللها الكثير من عنف الشرطة ومناصري السلطة قابله صمود واعتصامات في الميدان من جانب الثوار، وانتهت تلك الأيام بإعلان تنحي الرئيس الراحل محمد حسني مبارك عن منصبه في 11 فبراير/شباط 2011.

كما تداول الناشطون العديد من أغنيات الثورة بقصد استحضار أجواء يناير والميدان لبث روح الأمل من جديد في نفوس المصريين التائقين إلى الحرية والعيش والعدالة والكرامة.

واستغل بعضهم الفرصة لبث رسائلهم إلى النظام الحالي بعدما تراجعت الأحوال الاقتصادية والمعيشية مع رفع الدعم عن كثير من متطلبات الحياة الأساسية كالسلع التموينية والوقود بالإضافة إلى الغلاء والبطالة وأزمات أخرى فاقمتها جائحة كورونا مما أثر على جميع مناحي الحياة.

وعلى الجانب الآخر، تعمّد البعض -وخاصة مؤيدي النظام الحالي- تجاهل 25 يناير باعتبارها ثورة لفتت أنظار العالم كله وكان من أبرز نتائجها انتخاب الراحل محمد مرسي أول رئيس مدني في تاريخ البلاد، بل تعمّدوا ذكر هذا التاريخ باعتباره عيدًا للشرطة التي ثار ضدها المصريون قبل 11 عاما بعد مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد بعض أفرادها.

وتحتفل الشرطة المصرية يوم 25 يناير من كل عام بعيدها السنوي، الذي يُعد تخليدا لذكرى موقعة الإسماعيلية عام 1952، التي راح ضحيتها 50 شرطيا و80 جريحا من رجالها أثناء تصديهم لقوات من جيش الاحتلال البريطاني طالبتهم بتسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة.

وعلى غرار الشاب محمد البوعزيزي الذي تسبب انتحاره حرقًا في إشعال ثورة الياسمين في تونس، أشعلت قضية خالد سعيد ثورة يناير في مصر بعدما تعرض للتعذيب والقتل على يد أفراد من الشرطة بمحافظة الإسكندرية قبل 6 أشهر من اندلاع الثورة.

وتضامن آنذاك ناشطون ومغردون مع قضية خالد ونظموا وقفات احتجاجية للمطالبة بمعاقبة المتهمين ودشنوا صفحة على فسبوك باسم “كلنا خالد سعيد” أطلقت دعوة للتظاهر في عيد الشرطة يوم 25 يناير/كانون الثاني للمطالبة بإقالة وزير الداخلية حينذاك حبيب العادلي ووقف التعذيب وانتهاكات الشرطة وممارستها القمعية، وهي الدعوة التي تطورت لاحقًا للمطالبة برحيل نظام مبارك.

ونجحت ثورة يناير في الإطاحة بمبارك ونظامه بعد 3 عقود في السلطة تفشى خلالها الفقر والفساد والظلم، وهو ما استذكره الناشطون اليوم أيضًا داعين لتكثيف وجودهم على المنصات كدليل على استمرار روح الثورة خاصة بعدما انطفأت شعلة الاحتفال بها في الإعلام المحلي عقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي صيف 2013.

ولفت ناشطون إلى تصاعد الأحداث السياسية وكثير من القضايا على مدار العقد الماضي، أبرزها ملف سد النهضة، إذ يعتبر المصريون نهر النيل شريان حياتهم الرئيسي وتنم سياسات إثيوبيا عن تهديد واضح لأمن مصر المائي، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية والملف الحقوقي وأوضاع المعتقلين التي كان آخرها تسريبات بشأن انتهاكات وتعذيب داخل سجون البلاد.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل