الأزمة الأوكرانية.. أوربا تستعد لفرض عقوبات “غير مسبوقة” على روسيا والناتو يضع قواته في حالة تأهب

دول حلف الناتو تضع قواتها في حالة تأهب وتعزز انتشارها في شرق أوربا (رويترز ـ أرشيف)

قال وزير خارجية الدنمارك اليوم الاثنين قبيل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوربي إن الاتحاد مستعد لفرض عقوبات اقتصادية “غير مسبوقة” إذا هاجمت روسيا أوكرانيا.

وتتنامى التوترات في أوكرانيا منذ شهور بعدما حشد الكرملين قوات قوامها نحو 100 ألف جندي قرب الحدود، وهو ما يقول الغرب إنه تحضير لحرب هدفها منع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. لكن موسكو تنفي ذلك.

وقال يبي كوفود وزير خارجية الدنمارك للصحفيين “لا شك في أننا مستعدون للرد بعقوبات شاملة غير مسبوقة إذا ما غزت روسيا أوكرانيا مجددا”، ورفض توضيح القطاعات التي قد تستهدفها تلك العقوبات.

وأضاف “يتعين على روسيا أن تعلم ويتعين على (الرئيس فلاديمير) بوتين أن يعلم أن ثمن الأعمال الاستفزازية واستخدام القوات المسلحة في تغيير الحدود في أوروبا سيكون غاليا جدا. نحن مستعدون لفرض عقوبات في غاية الصرامة وأكثر صرامة من التي فرضت في 2014”.

وفرض الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على روسيا في يوليو/ تموز 2014 استهدفت قطاعات الطاقة والبنوك والدفاع بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم.

وكشف الديمقراطيون بمجلس الشيوخ الأمريكي النقاب عن مشروع قانون لمعاقبة مسؤولين وقادة عسكريين روس ومؤسسات روسية.

لكن المستشار الألماني أولاف شولتس حث أوربا والولايات المتحدة على التفكير بتمعن لدى بحث فرض عقوبات ملقيًا الضوء على تحديات الاتفاق على نهج مشترك.

وقال جان أسلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ “نحن هنا لبذل ما في وسعنا لمنع نشوب حرب”.

وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوربي إن الاتحاد لا يعتزم حتى الآن إعادة أسر الدبلوماسيين من أوكرانيا، وذلك بعد أن أعلنت واشنطن قيامها بذلك.

وقالت السفارة البريطانية في أوكرانيا اليوم إن بعض طواقهما وأسرهم يجري سحبهم من كييف.

ونفى الكرملين مرارًا سعيه لغزو أوكرانيا لكن الجيش الروسي استولى بالفعل على جزء من أراضي أوكرانيا عندما سيطر على شبه جزيرة القرم ودعم قوات انفصالية سيطرت على أجزاء كبيرة من شرق أوكرانيا قبل 8 سنوات.

ولم يحقق وزيرا الخارجية الأمريكي والروسي انفراجًا يذكر في محادثات بشأن أوكرانيا يوم الجمعة، لكنهما اتفقا على الاستمرار في التباحث في محاولة لحل الأزمة.

تفاصيل العقوبات

وقال مصدر أوربي لوكالة الصحافة الفرنسية إن من الأمور المطروحة خفض مشتريات الغاز بنسبة 43% ومشتريات النفط بنسبة 20% من إمدادات الاتحاد الأوربي، التي تمول إلى حد كبير الميزانية الروسية.

وأوضح بوريل أن “العملية جارية للتأكد من أن كل شيء سيكون جاهزًا في حال الحاجة”.

وسيتعيّن تبني العقوبات الأوربية بالإجماع، غير أن تلك التي تتعلق بخفض مشتريات الطاقة تحدث انقسامًا داخل الاتحاد الأوربي. ومن المقرر أن يسافر رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان إلى موسكو الشهر القادم لبحث إمدادات الغاز لبلاده.

وأكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء الماضي أمام البرلمان الأوربي في ستراسبورغ أن “مصداقية ردّنا على موسكو تفترض تجنّب نقاط الضعف في مواجهة استخدام تدفقات الهجرة أو الطاقة مع اللعب على سعر الغاز أو الإمدادات”.

وطلبت ألمانيا سحب اقتراح يهدف إلى عزل موسكو عن نظام الدفع العالمي (سويفت) وهو الأداة الأساسية في التمويل العالمي التي تسمح للمصارف بتداول الأموال، وفقًا لمصدر دبلوماسي أوربي، في وقت ترفض فيه برلين تسليم أسلحة إلى كييف.

ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس الأحد إلى التعامل “بحكمة” مع احتمال فرض عقوبات على روسيا و”عواقب” هذا الأمر على ألمانيا.

دول الناتو ترسل سفنا وطائرات

من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ اليوم الاثنين إن الدول الأعضاء في الحلف تضع قواتها في حالة تأهب وتعزز انتشارها في شرق أوربا بمزيد من السفن والمقاتلات في رد فعل على تنامي الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية.

وقال ستولتنبرغ في بيان “أرحب بمساهمة الحلفاء بقوات إضافية تحت لواء حلف شمال الأطلسي. وسيواصل الحلف اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية جميع الحلفاء والدفاع عنهم، بما يشمل تعزيز الجناح الشرقي من الحلف”.

وأضاف “سيواصل حلف شمال الأطلسي اتّخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية كلّ الأعضاء والدفاع عنهم، لا سيما من خلال تقوية دول التحالف الشرقية. وسنرد دائمًا على أي تدهور في بيئتنا الأمنية، بما في ذلك تعزيز دفاعنا الجماعي”.

وأشار الحلف إلى قرارات اتخذتها الدنمارك في الأيام الأخيرة بإرسال فرقاطة وطائرات حربية إلى دول البلطيق، ودعم إسبانيا لانتشارها البحري وتحضير هولندا “لسفن ووحدات برية في حالة تأهب” لقوة الرد السريع.

وركّز البيان على عرض حديث من فرنسا بإرسال قوات إلى رومانيا، لافتًا إلى أن “الولايات المتحدة أوضحت أيضا أنها تدرس زيادة وجودها العسكري”.

وكتب وزير خارجية لاتفيا ادغار رينكيفيش على تويتر “لقد وصلنا إلى المرحلة التي يحتاج فيها التعزيز العسكري الروسي والبيلاروسي المستمر في أوروبا إلى المعالجة من خلال الإجراءات المضادة المناسبة لحلف شمال الأطلسي”.

وأضاف “حان وقت زيادة وجود قوات الحلفاء في الجناح الشرقي للتحالف كإجراءات دفاع وردع”.

وعزز التحالف قواته في دول البلطيق بعد ضمّ روسيا عام 2014 لشبه جزيرة القرم ويدرس حاليًّا خططًا لنشر المزيد من القوات في رومانيا وبلغاريا.

وأوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي، لكن بعض جيرانها ومنهم بولندا أعضاء في هذا التكتل.

على الجانب الآخر، اتّهم الكرملين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتصعيد التوتر بعد إعلان الحلف تعزيز دفاعاته في شرق أوربا.

وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن واشنطن وحلف الأطلسي يصعدان التوتر عبر “هستيريا الإعلانات” و”الخطوات الملموسة”، مشيرًا إلى أن خطر شن قوات أوكرانية هجومًا ضد الانفصاليين الموالين لروسيا “مرتفع للغاية”.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات