توتال وشيفرون تنسحبان من ميانمار بسبب انتهاكات حقوق الإنسان

رحبت منظمة هيومن رايتس ووتش بقرار الشركة الفرنسية الانسحاب ودعت الحكومات إلى "منع أي كيانات أخرى من الدخول إلى السوق" (رويترز)

أعلنت المجوعتان العملاقتان للنفط والغاز الفرنسية توتال إينرجي والأمريكية شيفرون، الجمعة، انسحابهما من ميانمار حيث كانتا شريكتين في حقل الغاز (يادانا)، ولبتا بذلك طلبا ملحا من المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في أعقاب الانقلاب العسكري، العام الماضي.

وأشارت توتال في بيان إلى أن وضع حقوق الإنسان “المتدهور” في بورما سبب قرار الانسحاب من هذا البلد، في خطوة تحرم المجموعة العسكرية الحاكمة من مصدر رئيسي للعائدات.

وستنسحب المجموعتان من حقل الغاز يادانا الواقع في بحر أدمان.

وقالت توتال “الوضع الذي لا يكف عن التدهور في بورما (ميانمار) في مجال حقوق الإنسان وبشكل عام أكثر في مجال دولة القانون منذ انقلاب فبراير/شباط 2021، جعلنا نعيد تقييم الوضع ولم يعد يسمح لتوتال إينرجي بتقديم مساهمة إيجابية كافية في هذا البلد”.

من جانبها أعلنت شيفرون الانسحاب “في ضوء الأوضاع في ميانمار”.

وقال المتحدث باسم شيفرون (كامرون فان است) في البيان “قمنا بمراجعة مصلحتنا في مشروع يادانا للغاز الطبيعي من أجل تمكين انتقال مخطط له ومنظم يؤدي إلى الخروج من البلد”.

وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن مشاريع الغاز الطبيعي هي أكبر مصدر منفرد لعائدات العملة الأجنبية، وتعود على سلطات ميانمار بأكثر من مليار دولار سنويا.

بيد أن توتال قالت إنها لم تحدد أي وسيلة أخرى لفرض عقوبات على المجموعة العسكرية من دون تجنب وقف إنتاج الغاز وما يترتب على ذلك من مدفوعات لمؤسسة ميانمار للنفط والغاز (MOGE) والتي يسيطر عليها الجيش.

رسالة قوية

وأعلنت الشركة العام الماضي عن تعليق المدفوعات النقدية لمشروعها المشترك مع الجيش، شركة مواتاما لنقل الغاز المحدودة.

ودفعت توتال قرابة 230 مليون دولار للسلطات الميانمارية في 2019 ثم 176 مليون في 2020، بشكل ضرائب و”حقوق إنتاج” وفق البيانات المالية للشركة.

وقالت توتال، الجمعة، إنها حاولت “بقدر ما هو ممكن ماديا وقانونيا” الحد من الدفعات المالية التي تتلقاها شركة مواتاما.

لكنها أضافت أنه كان “من المستحيل فعليا” منع تدفق الإيرادات لأن شركة الطاقة الوطنية التايلاندية “بي تي تي” (PTT) سددت معظم مدفوعات مبيعات الغاز.

وقال الرئيس التنفيذي لـ”بي تي تي”، مونتري روانشيكول، اليوم الجمعة، إن الشركة “تدرس بإمعان” توجهها في أعقاب إعلان توتال إينرجي.

ورحبت منظمة هيومن رايتس ووتش بقرار الشركة الفرنسية الانسحاب ودعت الحكومات إلى “منع أي كيانات أخرى عديمة الضمير من الدخول إلى السوق”.

وقال الباحث في شؤون ميانمار في المنظمة ماني مونغ لوكالة الصحافة الفرنسية إن “إعلان توتال يؤكد نجاح ضغط المستثمرين والشركات التي تركز على حقوق الإنسان. لم يعد لدى الحكومات المبرر لتأخير فرض عقوبات محددة على كيانات النفط والغاز”.

بدورها قالت حكومة الظل في ميانمار إن الأنباء توجه “رسالة قوية جدا” للمجموعة العسكرية الحاكمة.

وقالت وزيرة الظل في حكومة الوحدة الوطنية (ناو سوزانا هلا هلا سوي): “يتعين على الشركات الأخرى أن تقتدي بتوتال لممارسة مزيد من الضغط على الجنرالات كي يوقفوا قمعهم الدموي”.

عقوبات غربية

ويباع قرابة 30% من الغاز المنتج في يادانا إلى شركة مواتاما لنقل الغاز، ما يؤمن نصف إمدادات الكهرباء لرانغون، أكبر مدن ميانمار، وفق توتال إينرجي.

وقرابة 70% من الإنتاج يصدر إلى تايلاند ويباع إلى “بي تي تي”.

وتمتلك توتال إينرجي قرابة ثلث حقل الغاز الذي تشغله منذ 1992 وينتج قرابة 6 ملايين أمتار مكعبة من الغاز سنويا.

وتمتلك شيفرون حصة أقلية في المشروع، وشركة يونوكال ميانمار أوفشور التابعة لها موجودة في بورما منذ مطلع التسعينيات.

وستستمر توتال في تشغيل الموقع للأشهر الـ6 القادمة على أبعد تقدير، حتى انتهاء فترة التعاقد.

ويتزايد الضغط الدولي على المجموعة العسكرية الحاكمة في ميانمار منذ انقلاب أطاح العام الماضي الحاكمة المدنية أونغ سان سو تشي، إذ فرضت دول الغرب عقوبات اقتصادية محددة على الجيش.

وللمجموعة العسكرية مصالح في قطاعات عدة من اقتصاد البلاد من التعدين إلى المصارف مرورا بالنفط والسياحة.

وباعت شركة الاتصالات النرويجية تيلينور هذا الأسبوع حصتها في خدمة دفع رقمية في ميانمار، على خلفية الانقلاب.

كما علقت الشركتان الإيطالية بينيتون والسويدية إتش اند إم جميع الطلبيات الجديدة من ميانمار العام الماضي.

وقتل أكثر من 1400 مدني في قمع الجيش الميانماري للأصوات المعارضة ولحرية الصحافة، وفق مرصد محلي، فيما تشكلت العديد من الميليشيات المعارضة للمجلس في أنحاء البلاد.

وأدينت (سو تشي) هذا الشهر في 3 اتهامات جنائية وحكم عليها بالسجن 4 سنوات، وتواجه الآن خمسة اتهامات جديدة بالفساد.

بدوره يُتهم الجيش في ميانمار بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على خلفية معاملته لأقلية الروهينغا الإثنية المسلمة في غالبيتها.

المصدر : الفرنسية