في ذكرى ثورة تونس.. اعتداء على صحفيين وتنديدات بانتهاكات الشرطة بحق المتظاهرين

شكا صحفيون من انتهاكات للشرطة التونسية أثناء المظاهرة في ذكرى ثورة الياسمين (رويترز)

استخدمت الشرطة التونسية خراطيم المياه والعصي لتفريق المتظاهرين ومنعهم من الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة، أمس الجمعة، للاحتجاج ضد الرئيس قيس سعيّد، متحدّين القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا.

وشكا صحفيون من انتهاكات للشرطة أثناء المظاهرة، وقال شهود عيان إن الشرطة حاولت لاحقًا تفريق مجموعات مختلفة من المتظاهرين.

 

وقالت صحيفة (ليبراسيون) الفرنسية إن مراسلها في تونس ماتيو غالتييه تعرّض لعنف شديد من رجال شرطة حين كان يصور اعتداءً عنيفًا على محتج، بجانب مصادرة هاتفه وبطاقته الصحفية.

ونقلت الصحيفة -التي أدانت الاعتداء بشدة- عن مراسلها قوله “بدأوا في ضربي، كنت مُلقىً على الأرض.. كنت أصرخ أنا صحفي. أحدهم صدمني بالغاز.. ركلوني وأخذوا هاتفي وبطاقتي الصحفية”.

وقالت صحيفة (حقائق أونلاين) في تونس أيضًا إن أفرادًا من الشرطة صادروا هاتف مراسلتهم واطلعوا على رسائلها وصورها الخاصة حين كانت تصور خلال الاحتجاج.

وقال مالك صحيفة (بينزس نيوز) نزار بهلول إنه تم اعتقال مصور فيديو لفترة وجيزة ثم أطلق سراحه.

وتحتج أحزاب المعارضة على تعليق الرئيس قيس سعيّد عمل البرلمان وتولّيه السلطة التنفيذية وتحركات لإعادة كتابة الدستور وهو ما يصفونه بانقلاب. ورفع محتجون شعارت تقول “يا شعب ثور على سعيّد الديكتاتور.. يسقط يسقط الانقلاب”.

ولاحقت قوات الشرطة المحتجين في شارع محمد الخامس وقرب شارع الحبيب بورقيبة، حيث أطلقت القنابل الصوتية وركلت محتجين وضربتهم بالعصي من بينهم سياسيون.

وعقب المظاهرة أدانت أحزاب المعارضة “عنف الشرطة” وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين خلال الاحتجاج.

وجاء احتجاج الجمعة رغم الحظر الذي أعلنته الحكومة يوم الثلاثاء لأي تجمّع، بدعوى محاولة التصدي لتفشي كوفيد-19.

وقالت الناشطة في مبادرة (مواطنون ضد الانقلاب) شيماء عيسى “رد سعيّد الوحيد اليوم على المعارضين هو استعمال القوة وقوات الأمن. من المحزن جدًّا أن نرى تونس تشبه ثكنة عسكرية في ذكرى ثورتنا التي سقط فيها شهداء ودفعنا فيها ثمنًا باهظًا”.

واتهمت الأحزاب التي تشارك في الاحتجاج الحكومة بفرض الحظر وإعادة تطبيق حظر التجوال الليلي لأسباب سياسية وليست صحية، واتخاذه وسيلة لمنع الاحتجاجات.

وقال القيادي بحركة النهضة وعضو البرلمان المجمّد عماد الخميري “منع التونسيين الأحرار من الاحتجاج في عيد الثورة هو ضرب للثورة التونسية وحرياتهم وتراجع رهيب تقوده سلطات الانقلاب”.

البرلمان المجمّد يندد

ونددت رئاسة البرلمان التونسي المجمّدة اختصاصاته، أمس الجمعة، بما سمّته اعتداءات أمنية وصفتها بالسافرة مست قيادات سياسية ومدنية ومواطنين شاركوا في مظاهرات الجمعة، للتعبير عن آرائهم مدنيًّا وسلميًّا.

وقالت رئاسة البرلمان في بيان إن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق يكفله الدستور والقانون والمواثيق الدولية، وإن الشعب الذي أنجز ثورة 14 يناير (كانون الثاني 2011) ثورة الحرية والكرامة قادر على الدفاع عنها وحمايتها ومستعد للتضحية بالمزيد من أجل استكمال الانتقال الديمقراطي وترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

وطالب البيان بإطلاق سراح المختطفين والموقوفين والمسجونين، وفي مقدمتهم النواب نور الدين البحيري (كتلة النهضة) وسيف الدين مخلوف ونضال سعودي (ائتلاف الكرامة).

الداخلية تبرر

من جانبها، قالت وزارة الداخلية في بيان إنها استخدمت المياه لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى شارع الحبيب بورقيبة لمخالفتهم قرارًا حكوميًّا يقضي بمنع التظاهرات للوقاية من انتشار فيروس كورونا.

وأضافت الوزارة أن نحو 1200 شخص تظاهروا في الشوارع الجانبية المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، متحججين بالاحتفال بيوم 14 يناير (كانون الثاني).

وجاءت احتجاجات الجمعة، استجابة لدعوات من مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” وأحزاب النهضة (53 مقعدًا من أصل 217) والتيار الديمقراطي (22 مقعدًا) والتكتل والجمهوري والعمال (لا نواب لها)، رفضًا لإجراءات الرئيس قيس سعيّد، وتزامنًا مع ذكرى الثورة التونسية (14 يناير 2011).

ولا يزال الاقتصاد التونسي غارقًا في تبعات الجائحة، ولم يحدث تقدم يُذكر على صعيد كسب الدعم الدولي للمالية العامة الهشة، وأعلنت الحكومة التي عيّنها سعيّد في سبتمبر/أيلول الماضي ميزانية لعام 2022 لم تحظ بالشعبية.

ووافق أمس الجمعة ذكرى الثورة، وهو اليوم الذي فر فيه الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي من البلاد تحت ضغط احتجاجات حاشدة.

وتعاني تونس أزمة سياسية منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين فرض سعيّد إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

ورغم أن الخطوات التي اتخذها سعيّد حظيت بشعبية في البداية بعد سنوات من الركود الاقتصادي والجمود السياسي، فإن محللين يرون أنه فقدَ بعض الدعم منذ ذلك الحين.

وترفض غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس -وبينها النهضة- هذه الإجراءات، وتعدّها انقلابًا على الدستور، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها تصحيحًا لمسار ثورة 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس -آنذاك- زين العابدين بن علي (1987ـ2011).

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات