“عنصرية دفينة بغطاء حرية التعبير”.. رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يستنكر تصريحات مرشحي الرئاسة

محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية
محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (مواقع التواصل-أرشيفية)

استنكر رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي “العنصرية الدفينة” و”النقاشات الانتخابية التي تركز بشكل كبير على الإسلام”، ودعا المرشحين للانتخابات الرئاسية في أبريل/ نيسان المقبل، إلى تجنب “الخلط المؤذي بالوحدة الوطنية”.

وقال موسوي إن “تحريف العقيدة الإسلامية والممارسات الدينية من قبل المتطرفين يدعونا نحن ومواطنونا إلى توَخّي اليقظة والسعي بحزم واستمرار من أجل حماية بعضنا”.

غطاء حرية التعبير

وشجب موسوي تمحور المناظرات الانتخابية حول الإسلام، وكأنه مصدر كل الصعوبات والعلل التي تواجهها فرنسا، معتبرًا أن ذلك “خطاب أصولي يخلق هوةً بين المواطنين وانقساما في البلاد”.

وذهب رئيس أعلى هيئة إسلامية في فرنسا إلى أن “البعض يجعل من محاربة التطرف بدعوى أن سببه الإسلام، غطاءً للتخلص من المسلمين في فرنسا”.

ورأى موسوي أن النقاشات والخلافات حول الإسلام تضاعفت، و”العنصرية الدفينة المخفية تحت غطاء حرية التعبير، تتزايد أكثر فأكثر”.

ودعا رئيس مجلس الديانة الإسلامية “الرجال والنساء الذين يطمحون إلى إدارة الشأن العام الفرنسي إلى الحرص على إكمال المسار بهدوء، وتجنب كل ما من شأنه إحداث البلبلة والخلط ومخاطر الوصم التي تضر بالوحدة والتماسك الوطنيين”.

ونبّه موسوي المرشحين -إلى جانب كل الموضوعات الأخرى التي تهم الفرنسيين- إلى الاهتمام بتطرف الهوية الذي يغذي أشكال الكراهية ضد مسلمي فرنسا.

هجمة عنصرية

وتعرف الحملة الانتخابية التي بدأت قبل أشهر تصريحات ضاربة في العنصرية، أبرزها للمرشح الفرنسي ذي الأصل الجزائري إريك زمور، الذي ذهب إلى منع اسم “محمد” إذا فاز بالرئاسة، معتبرا أن المهاجرين والمسلمين في فرنسا يحرفون هوية البلد، ودعا إلى الحدّ من استقبال المهاجرين.

وفي الأسبوع الماضي، استخدمت مرشحة اليمين المحافظ لرئاسيات فرنسا فاليري بيسريس، جملة من خطاب للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي في 2005، قال فيها “سأعيد إخراج آلة التنظيف المخبأة، لقد حان الوقت لضبط الأمن وتنظيف الأحياء من البرابرة الجدد” في إشارة إلى السكان العرب والمهاجرين في المناطق الشعبية.

ولا يخفي اليمين المتطرف عداءه للإسلام والمسلمين، وسط تزايد حظوظه في الفوز، وفق ما تبينه استطلاعات الرأي الأسبوعية في فرنسا.

وكانت القيادية في حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف ماريون مارشال، قد قالت في سبتمبر/ أيلول الماضي إنه “ليس من المستبعد أن تصبح فرنسا جمهورية إسلامية في غضون 50 أو 60 عاما”.

وادّعت ابنة شقيقة زعيمة اليمين المتطرف في البلاد مارين لوبان وحفيدة السياسي جان ماري لوبن -مؤسس الحزب العنصري- أنها “قلقة بشأن الهوية والتغيرات الثقافية والحضارية التي يمكن أن يخلقها هذا الواقع في المستقبل”‏.

انقسام داخلي

وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إن الهيئة “لم تعد قادرة على البقاء” ودعا إلى تأسيس هيئة جديدة بالتشاور مع “منتدى الإسلام في فرنسا” الذي أعلنت عنه حكومة باريس.

وأوضح موسوي أن المجلس في شكله الحالي “لم يعد صالحًا” في إشارة إلى الانقسام الذي حدث داخله بعد أن رفضت اتحادات التوقيع على “ميثاق المبادئ” الذي صاغته السلطة التنفيذية في فرنسا، والذي عدّته تلك الاتحادات مخالفا للتعاليم الإسلامية.

وأطلقت الحكومة “منتدى الإسلام في فرنسا” المقرر أن يُعقد في الأسابيع المقبلة، ويهدف إلى تمثيل الإسلام على أساس الإدارة المحلية المعيّنة من السلطات الفرنسية، دون إشراف اتحادات المساجد التابعة للدول الثلاث التي تشكل المجلس (الجزائر والمغرب وتركيا).

وكانت اتحادات داخل المجلس قد اعترضت على حظر الميثاق ما سمّاه “تدخل دول أجنبية في شؤون مسلمي فرنسا”، كما اعترضت على ما تطالب به السلطات الفرنسية من تأكيد على “توافق الإسلام مع الجمهورية الفرنسية والمساواة بين الجنسين”.

ورأى محمد موسوي أن “هناك إمكانية لتأسيس منظمة جديدة للديانة الإسلامية بتنسيق مع السلطات العامة، يشرعها الفاعلون في الميدان”.

وقال إن الهيئة الجديدة “يجب أن تكون نتيجة استشارة بين المنتدى والهياكل الإدارية القائمة للديانة الإسلامية”.

وأضاف “يمكن حل المجلس بعد تأسيس الهيئة الجديدة، وفقًا لنظامه الأساسي”.

مجابهة ماكرون

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كانت اتحادات تضم مسلمي فرنسا من بينها “مسجد باريس الكبير” و”اتحاد مسلمي فرنسا” قد أعلنت تشكيل مجلس وطني للأئمة في البلاد.

وعقدت الاتحادات أول مؤتمر لها بحضور وجوه عدة تمثل الدين الإسلامي في فرنسا، واضعة حجر الأساس من أجل إنشاء المجلس الوطني للأئمة الذي سيُعنى بتنظيم مسألة انتداب الأئمة خاصة من الدول العربية وتأهيلهم.

ويعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشكيل مجلس وطني يكون مسؤولًا عن إصدار اعتمادات الأئمة المسلمين وسحبها منهم “إذا اقتضت الحاجة”، وذلك في تصعيد مستمر ضد الإسلام في فرنسا.

المصدر : الجزيرة مباشر