نيويورك تايمز: من أفغانستان إلى كأس العالم.. قطر تعزز ثقلها العالمي

نالت مساعدة قطر استحسان الإدارة الأمريكية (رويترز)

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لمدير مكتبها في بيروت (بن هبارد) استعرض فيه دور قطر المميز بالملف الأفغاني واستعداداتها المتواصلة لكأس العالم لكرة القدم مما يعزز من ثقلها بالمسرح العالمي.

ويرى الكاتب أنه بينما سادت الفوضى على جهود الولايات المتحدة لإجلاء أكثر من 120 ألف من مواطنيها وشركائها من أفغانستان الشهر الماضي، وجدت دولة قطر فجأة نفسها في وضع فريد يسمح لها بالمساعدة، فاستقبلت حوالي 60 ألف أمريكي وأفغاني، أي أكثر من أي دولة أخرى.

وبفضل علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة -إذ تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط- وطالبان، فإن قطر في وضع جيد للعب دور قوي كوسيط بين أفغانستان الجديدة التي تديرها طالبان والغرب.

قطر تحظى بدائرة الضوء العالمية

في الوقت الذي تقدم فيه قطر أطنانًا من المساعدات الغذائية والطبية إلى أفغانستان وتستضيف وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين -اللذين سافرا إلى هناك هذا الأسبوع- كانت هناك أخبار أخرى لافتة للانتباه تتعلق بعالم كرة القدم، إذ وقعت قطر مؤخرًا عقدا مع أحد أفضل اللاعبين وهو ليونيل ميسي لصالح فريق باريس سان جيرمان الذي تملكه، بينما تستعد أيضا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.

وقال مايكل ستيفنز الأستاذ بمعهد أبحاث السياسة الخارجية والخبير بالسياسة الخليجية “لطالما أرادت قطر أن تكون لاعباً عالمياً سواء كان ذلك من خلال استضافة أحداث رياضية ضخمة أو التعاقد مع لاعبين رئيسيين أو تقديم نفسها كمحور إقليمي للسياسة والدبلوماسية العالمية. وفي الوقت الحالي يبدو أنهم اتخذوا المبادرات الصحيحة في الوقت المناسب”.

ونالت مساعدة قطر بالجسر الجوي استحسان الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي بالدوحة الثلاثاء “لقد كثفت العديد من الدول للمساعدة في جهود الإجلاء وإعادة التوطين في أفغانستان، لكن ما من دولة فعلت أكثر من قطر”.

وزيرا الدفاع والخارجية في قطر والولايات المتحدة خلال اجتماعهم في الدوحة (رويترز)

وأضاف “الشراكة بين قطر والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى”، ووصف وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الولايات المتحدة باعتبارها “أهم حليف لنا”.

وشكلت هذه اللحظة المشمسة تحولًا حادًا في العلاقات الثنائية -برأي الكاتب- بعدما دعمت الإدارة الأمريكية السابقة في البداية حصارًا ضد قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لكنه انتهى في وقت مبكر من هذا العام قبل تنصيب بايدن.

وسيط لا يقدر بثمن

والآن أصبحت علاقات قطر الجيدة مع أطراف مثل طالبان وإيران تجعل منها “وسيطا لا يقدر بثمن”، مما سمح لقطر بالترويج لما تسميه “الدبلوماسية الوقائية”، على حد تعبيره.

وقالت لولوة الخاطر مساعد وزير الخارجية القطري في مقابلة “في بعض الأحيان الحجم الصغير يسمح لك فعلاً بلعب هذا الدور بالضبط، لأنك لا تخيف أحداً. إنها دولة صغيرة لا يقلقها أحد ولن تشن حربا ضد أحد”.

تشترك قطر-التي يبلغ عدد مواطنيها حوالي 300 ألف- في حقل غاز طبيعي ضخم مع إيران، ومنحت عائداته لشعبها حيث يزيد دخل المواطن عن 90 ألف دولار سنويًا، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم، وفقًا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

ويضيف الكاتب “استخدمت قطر هذه الأموال لتمويل رؤيتها للمنطقة والترويج لها، ولتقديم العرض الناجح لاستضافة كأس العالم 2022. وعلى طول الطريق، حافظت على علاقات مع مجموعة من الجماعات الإسلامية، بما في ذلك حركة حماس في غزة والإخوان المسلمين في مصر وطالبان في أفغانستان”.

وأضاف “ثبت أن هذه العلاقات لها فائدتها للغرب الذي اعتمد عليها للتفاوض بشأن إطلاق سراح الرهائن في دول مثل سوريا، كما استضافت قطر محادثات السلام مع طالبان، التي فتحت مكتبا لها في الدوحة عام 2013 بإذن ضمني من الولايات المتحدة”.

والعام الماضي، وقع اتفاق في الدوحة بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب وطالبان يحدد جدولًا زمنيًا للانسحاب الأمريكي، ومنذ إخلاء السفارة الأمريكية في كابل الشهر الماضي، نقلت الولايات المتحدة عملياتها الدبلوماسية الأفغانية إلى الدوحة.

وبحسب مسؤولين قطريين، سلمت قطر في الأيام الأخيرة 68 طنا من المساعدات الغذائية والطبية إلى العاصمة الأفغانية كابل، كما سافر مسؤولون وفنيون قطريون إلى كابل للقاء طالبان والعمل مع نظرائهم من تركيا حول كيفية إعادة فتح مطار المدينة.

وقالت لولوة الخاطر إن قطر تستخدم نفوذها للضغط على طالبان للوفاء بتعهداتها بالاعتدال موضحة “نحاول تشجيع طالبان على تشكيل حكومة تمثل الجميع. لسنا متأكدين من تمثيل المرأة لكننا على الأقل ندفع بهذا الاتجاه”.

المصدر : نيويورك تايمز