حمد بن جاسم معلقا على فضيحة تجسس بيغاسوس: هاتفي مراقب منذ سنوات

وزير خارجية قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني (رويترز ـ أرشيف)

انتقد  الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق، لجوء أنظمة في المنطقة إلى استخدام برامج تجسس للتنصت على مواطنين وشخصيات عامة، في أول تعليق منه على فضحية برنامج التجسس الإسرائيلي بيغاسوس.

وغرد المسؤول القطري السابق قائلا إنه على علم منذ سنوات أن هاتفه مراقب من قبل من وصفهم بـ”من يتسلون”.

وكتب “ما تتناقله الأخبار ويتحدث عنه المسؤولون في دول عديدة عن أنظمة تجسس انتشرت في منطقتنا خاصة، وفي مناطق أخرى أمر يثير تساؤلات كثيرة”.

وأضاف “ذلك أن الدول، كما نعلم جميعاً، لا بد أن تراقب وتتابع، من وما يمس أمنها، على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية، ويهدد سيادة البلاد وخصوصية مواطنيها، بواسطة أجهزة مسؤولة وبإشراف أناس أمناء مؤتمنين”.

غير أنه استطرد قائلا “ولكن ما يؤسف له بشدة أن هذه الأنظمة التجسسية أصبحت تستعمل من بعض الدول وخاصة في منطقتنا لغايات أخرى تخرج عن كل ما ذكرت، ولا يقوم باستعمالها مراهقون طائشون، بل تطلق لها العنان عقول في مواقع المسؤولية، فينتهكون خصوصيات الناس، ويستبيحون ما حرم الله، ويزعزعون أمن ومصالح بلدانهم تحقيقا لمكائد خبيثة يتسلون بها، وكما يفعل المراهقون الطائشون!”

وقال الشيخ حمد بن جاسم “ونحن نعلم أن المواطن في منطقتنا، عندما يقع ضحية لأجهزة التجسس ومن يشغلونها، سواء من داخل البلد أو خارجه، لا يستطيع أن يشتكي ويحمي حقوقه مع غياب المسؤولية القانونية والقضاء النزيه، الذي يستطيع إنفاذ قوانين الجرائم الإليكترونية حين تكتشف ويعرف مرتكبوها بمختلف مستوياتهم”.

وأضاف “وحين تكتشف تلك الجرائم من قبل دول خارج منطقتنا تستطيع محاسبة المجرم فلا أمل للضحايا من مواطني منطقتنا في أن يشتكي أحدهم لأن المشتكى إليه أصلاً هو صاحب نظام التجسس، اللهم إلا إذا كان يحمل جنسية دولة أخرى تحترم القانون وتنفذه”.

وكشف قائلا “وأنا اقول كل هذا وأعرف منذ سنوات أن هاتفي مراقب من قبل أولئك الذين يتسلون، ولكني لم أثر ذلك لأنه لا يهمني في ظل الوضع الحزين الذي نحن فيه في المنطقة والتي لا أتمنى لها ولا أرجو منها منذ البداية إلا الإصلاح في هذا المجال”.

“قصص ممنوعة”

كشف تحقيق أجرته 17 مؤسسة إعلامية بقيادة منظمة (فوربدن ستوريز) “قصص ممنوعة” الخيرية للصحافة ومقرها باريس أن برنامج بيغاسوس للتجسس الذي تنتجه وتبيعه شركة (إن إس أو) الإسرائيلية انتشر على نطاق واسع حول العالم “واستخدم لأغراض سيئة”.

وذكر التحقيق أن البرنامج استخدم لاختراق 37 نوعا من الهواتف الذكية تخص صحفيين ومسؤولين وناشطين بأنحاء متفرقة من العالم.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن برنامج بيغاسوس استخدم لاستهداف معارضين في الخارج.

وقالت مؤسسة أخرى وهي صحيفة الغارديان البريطانية إن التحقيق أشار إلى “انتهاك واسع النطاق ومستمر” من خلال برنامج التجسس.

ويستخدم برنامج بيغاسوس لاختراق الهواتف المحمولة والتنصت عليها بشكل كامل والتقاط الصور وتسجيل المحادثات وجمع البيانات من عليها بشكل كامل بدون معرفة الشخص المستهدف.

وتأسست شركة (إن إس أو) عام 2010، ويعمل بها نحو 500 موظف وتتخذ من تل أبيب مقرًا لها.

وكانت أرقام الهواتف المستهدفة واردة على قائمة زودت بها منظمة فوربدن ستوريز ومنظمة العفو الدولية المؤسسات الإعلامية. ولم يتضح كيف حصلت المنظمتان على القائمة.

ولم تكن الأرقام الواردة في القائمة منسوبة لأصحابها لكن صحيفة واشنطن بوست قالت إن صحفيين تعرفوا على أكثر من ألف شخص في أكثر من 50 دولة. وكان من بينهم بعض الأفراد في عدة أسر حاكمة في العالم العربي وما لا يقل عن 65 مديرا تنفيذيا بقطاع الأعمال و85 ناشطا حقوقيا و189 صحفيا وأكثر من 600 سياسي ومسؤول حكومي بعضهم رؤساء دول أو رؤساء حكومات.

وقالت الغارديان إن أرقام هواتف أكثر من 180 صحفيا وردت في البيانات بمن فيهم مخبرون صحفيون ومحررون وتنفيذيون في مؤسسات فاينانشال تايمز وسي.إن.إن ونيويورك تايمز والإيكونوميست وأسوشييتد برس ورويترز.

كيف يخترق بيغاسوس الهواتف؟

يعتقد باحثون أن الإصدارات المبكرة من برنامج القرصنة التي كشفت لأول مرة عام 2016، استخدمت رسائل نصية مفخخة لتثبيت نفسها على هواتف المستهدفين.

ويجب أن ينقر المستهدف على الرابط الذي وصله في الرسالة حتى يتم تحميل برنامج التجسس.

لكن ذلك حد من فرص التثبيت الناجح، لا سيما مع تزايد حذر مستخدمي الهواتف من النقر على الروابط المشبوهة.

واستغلت الإصدارات الأحدث من بيغاسوس “ثغرات” في تطبيقات الهواتف النقالة الواسعة الانتشار.

في عام 2019، رفع تطبيق واتساب دعوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية قال فيها إنها استخدمت إحدى الثغر المعروفة باسم “ثغر يوم الصفر” في نظام التشغيل الخاص به لتثبيت برامج التجسس على نحو 1400 هاتف.

وبمجرد الاتصال بالشخص المستهدف عبر واتساب، يمكن أن ينزل بيغاسوس سرا على هاتفه حتى لو لم يرد على المكالمة.

وورد في الآونة الأخيرة أن بيغاسوس استغل ثغرا في تطبيق (آي ميساج) الذي طورته شركة أبل.

ومن المحتمل أن ذلك منحها إمكان الوصول تلقائيا إلى مليار جهاز “آي فون” قيد الاستخدام حاليا.

ماذا يفعل البرنامج إثر تنزيله؟

يشرح أستاذ الأمن الإلكتروني في جامعة سوري في المملكة المتحدة آلان وودوارد أن “بيغاسوس هو على الأرجح إحدى أكثر أدوات الوصول عن بُعد كفاءة”.

ويضيف “فكر في الأمر كما لو أنك وضعت هاتفك بين يدي شخص آخر”.

يمكن استخدام البرنامج للاطلاع على رسائل الهاتف والبريد الإلكتروني للضحايا، وإلقاء نظرة على الصور التي التقطوها، والتنصت على مكالماتهم، وتتبع موقعهم وحتى تصويرهم عبر كاميرات هواتفهم.

ويؤكد الباحث أن مطوري بيغاسوس صاروا “أفضل مع الوقت في إخفاء” كل آثار البرنامج، ما يجعل من الصعب تأكيد إن كان هاتف معين قد تعرض للاختراق أم لا.

كيف طورت الشركة برنامجا بهذه الفعالية؟

يعتقد المحللون أن شركة (إن إس أو) التي يضم طاقمها أعضاء سابقين في نخبة الجيش الإسرائيلي، تراقب عن كثب شبكة الإنترنت المظلم حيث يبيع قراصنة معلومات حول الثغر الأمنية التي اكتشفوها.

ويتابع وودوارد “من الجدير بالذكر أنه ليس لدى كل شخص هاتف حديث يحتوي على أحدث إصدارات التطبيقات”.

بناء على ذلك، فإن “بعض الثغر القديمة التي أغلقتها أبل وكذلك غوغل في برنامجها أندرويد، يحتمل أنها لا تزال موجودة”.

هل يمكن التخلص من البرنامج؟

نظرا للصعوبة البالغة في معرفة ما إذا كان هاتفك يحمل البرنامج الخبيث، فإنه يصعب أيضا أن تعرف بشكل قاطع إن تمت إزالته.

وأوضح وودوارد أن بيغاسوس قد يثبت نفسه على أحد المكونات الصلبة للهاتف أو في ذاكرته، اعتمادا على الإصدار. وإذا تم تخزينه في الذاكرة، فإن إعادة تشغيل الهاتف يمكن أن تمحوه نظريا، لذلك يوصي الخبير الأشخاص المعرضين لخطر الاستهداف مثل رواد الأعمال والسياسيين بإغلاق أجهزتهم وإعادة تشغيلها بشكل منتظم.

وأضاف “يبدو الأمر مبالغا فيه بالنسبة لكثيرين، لكن يمكن اللجوء إلى برامج لمكافحة الفيروسات متوافرة لأجهزة الجوال”.

وختم “إذا كنت مهددا، فربما عليك تثبيت بعض برامج مكافحة الفيروسات على هاتفك”.

المصدر : الجزيرة مباشر