“مليونية 25 ديسمبر”.. قوات الأمن السودانية تطلق قنابل الغاز لتفريق آلاف المتظاهرين في محيط القصر الرئاسي (فيديو)

آلاف السودانيين خرجوا في مظاهرات الأيام الماضية ضد ما وصفوه بـ"الحكم العسكري" (رويترز)

أطلقت قوات الأمن السودانية، السبت، قنابل الغاز المسيل للدموع، لتفريق آلاف المتظاهرين الساعين للوصول إلى القصر الرئاسي بالخرطوم.

ووفق شهود عيان “استخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين تمكنوا من الوصول إلى شارع القصر الرئاسي من البوابة الجنوبية (مقر مجلس السيادة)”.

وأوضح شهود العيان أن “حالة من الكر والفر سادت بين المحتجين وقوات الأمن في شارع القصر وسط العاصمة الخرطوم، جراء إطلاق قنابل الغاز والصوت”.

وتمكن محتجون آخرون من تسلق حواجز عند مدخل جسر الملك نمر الذي يربط بين الخرطوم والخرطوم بحري (شمال العاصمة)، بعد إغلاقه بحاويات للشحن، وفق شهود العيان.

وصباح السبت، قطعت خدمة الإنترنت تحسبا لانطلاق مظاهرات تطالب بـ”الحكم المدني” فيما كثفت قوات الأمن والدعم السريع من تواجدها لإغلاق الطرق المؤدية إلى الجسور النيلية التي تربط الخرطوم بضواحيها.

ونزل آلاف السودانيين إلى الشوارع، اليوم السبت، في العاصمة الخرطوم وضواحيها ومدن أخرى، للمطالبة بـ”الحكم المدني” واحتجاجًا على الاتفاق السياسي بين رئيسَي مجلسي السيادة عبد الفتاح البرهان والوزراء عبد الله حمدوك، وفق مراسل الجزيرة مباشر حيث قطعت السلطات خدمات الإنترنت والهاتف.

ورغم الانتشار الأمني الواسع في العاصمة فقد تشكلت قوافل المتظاهرين وبدأت تتجه الى القصر الرئاسي في ذكرى مرور شهر على إجراءات قائد الجيش ضد شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي شُكّلت بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، والتي يُفترض أن تقود البلاد إلى انتخابات حرة ينتج عنها حكومة مدنية منتخبة.

وخرجت مظاهرات اليوم تحت شعار “مليونية 25 ديسمبر” في محيط القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم للمطالبة بـ”سلطة مدنية ثورية”.

ووفق مراسل الجزيرة مباشر وشهود عيان، فقد خرجت مظاهرات بمنطقة الشجرة والديم جنوبي الخرطوم، متوجهة نحو القصر الرئاسي بالعاصمة.

وردد المشاركون هتافات منها “مدنية أنتِ أساس”، كما حملوا الأعلام الوطنية ولافتات كُتب على بعضها “الثورة ثورة شعب..السلطة سلطة شعب”.

كما خرجت مظاهرة بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل (شمال) وحمل المشاركون فيها لافتات مكتوب عليها “يا (إما) سلطة مدنية..يا (وإما) ثورة أبدية”، و” الثورة مستمرة..والردة مستحيلة”، حسب وكالة الأناضول.

كما خرج محتجون في مدينة مدني مركز ولاية الجزيرة (وسط) يحملون الأعلام الوطنية، وفق شهود.

وأفاد مراسل الجزيرة مباشر بوقوع إصابات إثر إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين حاولوا الوصول إلى القصر الرئاسي.

والخميس، دعا “تجمع المهنيين السودانيين” (قائد الحراك الاحتجاجي) إلى المشاركة في مظاهرات السبت، للمطالبة بـ”تأسيس سلطة مدنية كاملة”.

وأعلنت تنسيقيات “لجان المقاومة”، أمس الجمعة، أن مواكب السبت “ستحاصر” القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم.

في المقابل اعتبرت لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم، في بيان، أن الخروج عن السلمية والاقتراب أو المساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية مخالف للقوانين مع التأكيد على حق التظاهر السلمي.

قطع الاتصالات

كانت خدمات الإنترنت والاتصالات بالعاصمة الخرطوم قد توقفت في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، قبيل الاحتجاجات التي ينظمها المطالبون بالحكم المدني، وهي العاشرة منذ الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وانتشر الجنود وقوات الدعم السريع بأعداد كبيرة لإغلاق الطرق المؤدية إلى الجسور التي تربط بين الخرطوم ومدينة أم درمان على الجانب الآخر من نهر النيل.

وأفاد مراسل الجزيرة مباشر في الخرطوم أن اتصالات الهاتف النقال انقطعت في البلاد تزامنًا مع دعوات التظاهر. كما توقفت خدمة الإنترنت للهواتف النقالة مع استمرار الإنترنت الأرضي.

وقال مسؤول كبير بإحدى شركات مزودي خدمة الإنترنت في السودان، إن انقطاع الخدمات جاء بعد قرار من الهيئة القومية للاتصالات التي تشرف على القطاع.

من جهته، قال وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق خالد عمر إن قطع الإنترنت والاتصالات “لن يثني أحدًا عن المضي قدمًا حتى تأسيس دولة مدنية ديمقراطية توفر حياة كريمة لهذا الشعب العظيم”.

وأضاف على تويتر “لا خيار أمام سلطة الانقلاب سوى تسليم السلطة للشعب الذي لن يخضع للاستبداد أبدًا”.

وذكرت وكالة السودان للأنباء الرسمية أن ولاية الخرطوم أغلقت الجسور، مساء أمس الجمعة، تحسبًا للاحتجاجات.

ونقلت عن لجنة تنسيق شؤون أمن الولاية أن “الخروج عن السلمية والاقتراب والمساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية بوسط الخرطوم مخالف للقوانين، وسيتم التعامل مع الفوضى والتجاوزات مع التأكيد على حق التظاهر السلمي”.

حماية المتظاهرين

وحثت بعثة الأمم المتحدة بالسودان “يونتاميس”، سلطات البلاد على حماية المتظاهرين السودانيين.

جاء ذلك في تغريدة لرئيس البعثة الأممية بالسودان، فولكر بيرتس، عبر حسابه على تويتر، بالتزامن مع انطلاق مظاهرات للمطالبة بـالحكم المدني في السودان.

وقال بيرتس: ‏أحث السلطات السودانية وقوات الأمن على حماية المظاهرات المخطط لها اليوم.

وأضاف: حرية التعبير حق من حقوق الإنسان، وهذا يشمل الوصول الكامل إلى الإنترنت، وحسب المواثيق الدولية، يجب ألا يُعتقل أي شخص بسبب نيته في الاحتجاج السلمي.

واستمرت الاحتجاجات المناهضة لما وُصِف بـ”الحكم العسكري” حتى بعد إعادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك -الذي أطاح به الجيش- إلى منصبه الشهر الماضي، إذ يطالب المحتجون بعدم تولي الجيش أي دور في الحكومة خلال المرحلة الانتقالية حتى إجراء انتخابات حرة.

كان تجمّع المهنيين السودانيين (قائد الحراك الاحتجاجي) قد دعا، الخميس الماضي، إلى المشاركة في مظاهرات اليوم السبت، للمطالبة بتأسيس سلطة مدنية كاملة.

وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة، الجمعة، أن مواكب السبت ستحاصر القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم.

وقال منظمو الاحتجاجات إن المسيرة المقررة اليوم السبت ستشمل المرور بالقصر الرئاسي، لكن الاحتجاجات ستنتهي في الخامسة مساء (15:00 بتوقيت غرينتش).

ويوم الأحد الماضي، نظم الآلاف مسيرة إلى القصر الرئاسي، وأطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والأعيرة النارية لتفريق المحتجين الذين حاولوا بدء اعتصام.

وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قد أعلن -في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي- إقالة حكومة عبد الله حمدوك وحلّ مجلس السيادة، وهما سُلطتا الحكم خلال المرحلة الانتقالية التي يُفترض أن تفضي إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًّا في العام 2023.

ورغم إعادة حمدوك إلى منصبه من دون حكومته في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بموجب اتفاق سياسي معه، فلم يَنل هذا الاتفاق رضا الشارع السوداني الذي يطالب بحكم مدني خالص.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات