التوتر الجزائري الفرنسي.. تبون يرفض المبادرة لتخفيف حدة الأزمة وجيشه يوبّخ ماكرون

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يمين) ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (يمين) ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) (مواقع التواصل)

أكّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه لن يقوم “بالخطوة الأولى” لمحاولة تخفيف التوتر مع فرنسا بعد تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون التي انتقد فيها الأمة الجزائرية.

وفي مقابلة مع المجلة الالمانية الأسبوعية (دير شبيغل)، قال تبون “لا اشعر بأي ندم، أعاد ماكرون فتح نزاع قديم بطريقة غير مفيدة”.

وتابع “لو قال اليميني المتطرّف إيريك زمور شيئًا من هذا القبيل، فلا يهمّ ولا أحد ينتبه، لكن عندما يعلن رئيس دولة أن الجزائر ليست أمّة قائمة بذاتها فهذا أمر خطير للغاية”.

وتشهد العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وباريس، منذ فترة، توترًا وفتورًا رافقهما نزيف اقتصادي لدى شركات فرنسية غادرت البلاد ولم تجدّد السلطات الجزائرية عقودها.

وأضاف تبون أنه في هذه الظروف “لن أبادر بالخطوة الأولى وإلّا سأخسر كلّ الجزائريين، فلا علاقة لهذا بشخصي إنّما بالأمة كلّها”، مشددًا على أنه “لن يقبل أي مواطن جزائري أن أتواصل مع الذين أهانونا”.

وتصاعد توتر العلاقات الفرنسية الجزائرية بعد تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون نقلتها صحيفة (لوموند) الفرنسية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رأى فيها أن الجزائر بنيت بعد استقلالها في 1962 على “ريع للذاكرة” كرسه النظام السياسي العسكري. وشكّك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي.

وقال الرئيس الجزائري “لا مساس بتاريخ شعب ولا لشتم الجزائريين”.

واستطرد “ما ظهر هو الكراهية القديمة للأسياد المستعمرين وأنا أعلم أن ماكرون بعيد عن التفكير بهذه الطريقة”، متسائلًا “لماذا قال هذا؟ أعتقد أن ذلك أسبابه انتخابية استراتيجية”.

ويرى تبون أن ماكرون “وقف بذلك في صفّ الذين يبرّرون الاستعمار”، ولفت إلى أن الجزائر وفرنسا لم تعودا “مضطرتيْن للتعاون مع بعضهما”، متهمًا ماكرون بـ”المسّ بكرامة الجزائريين”.

الجيش يوبخ ماكرون

واعتبر الجيش الجزائري، اليوم السبت، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “لم يعد يفرق بين الواقع والوهم وبين الحقيقة والإفك”.

جاء ذلك في تعليق لمجلة “الجيش الجزائري” لسان المؤسسة العسكرية في البلاد خلال عدد نوفمبر/تشرين الثاني الجاري والصادر اليوم، ردا على تصريحات سابقة للرئيس الفرنسي وصفت بالمسيئة وطعنت في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي لها عام 1830.

صورة لفقرات من المقال المنشور بمجلة الجيش الجزائري والموجه لفرنسا
صورة لفقرة من مقال مجلة الجيش الجزائري والموجه لفرنسا

وقالت المجلة في تعليقها “لقد اختلط على الرئيس ماكرون فشل سياسته ونكسات تاريخ بلاده، فلم يعد يفرق بين الواقع والوهم وبين الحقيقة والإفك وبين المعرفة والجهل”، على حد وصفها.

وأضافت “نقول لمن يعادي الجزائر إذا كنتم لا تستطيعون التخلص من ماضيكم الاستعماري الفظيع في بلادنا، فدواء هذا الداء هو الاعتذار أو على الأقل الصمت، لأن بعضا من السكوت أفضل من تحريف التاريخ إن لم نقل أفضل من الكذب والجهل”.

مقتطف مرئي من مقالة الجيش الجزائري الموجهة للرئيس الفرنسي
مقتطف مرئي من مقالة الجيش الجزائري الموجهة للرئيس الفرنسي

وأشارت المجلة الجزائرية إلى أن فرنسا “لم تحفظ الدرس في بلادها وقد أذل جنود جيش التحرير الوطني كبرياء وغطرسة (الجنرالات والمارشالات)، الذين طُردوا جميعًا شر طردة من بلد الشهداء (الجزائر)”، وعلّقت “ألم يكونوا جميعًا ضباطًا من ورق؟”.

وتساءلت “لماذا يقفز ماكرون على الحقائق ويذهب إلى حد التشكيك في وجود أمة جزائرية قبل استعمار بلاده للجزائر؟”.

وأردفت “هناك من يُرجع تصريحات ماكرون إلى المعضلات الداخلية التي يواجهها وفشله في تحقيق ما وعد به الفرنسيين، ومن ثم تراه يسعى إلى مغازلة جمهور الناخبين بقضايا تدغدغ المشاعر”.

وأضافت المجلة “يرى كثير من المحللين أن ماكرون لم يقدِّر أبعاد تصريحاته ويجهل فوق جهل الجاهلين”، على حد تعبيرها.

وشددت على أن “الأمة الجزائرية تعي وتدرك جيدًا أنه لا فرق بين ماكرون وماري لوبان وإريك زمور (مرشحون محتملون للرئاسة الفرنسية العام المقبل)، ولا فرق بين يمينهم ويسارهم، فكلهم يرى في الجزائر -بجيشها وشعبها وحكومتها- عدوًا لدودًا”.

 

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات