طفل يصور وبستاني عائد من عمله.. منظمة إسرائيلية تفضح كيف يتعمد الاحتلال قتل الفلسطينيين

المكان الذي أُطلق الرصاص فيه على عماد الحشّاش على سطح منزله (بتسيلم)

نشرت منظمة (بتسيلم) الحقوقية الإسرائيلية تقارير عن عمليات قتل ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي دون مبرر، وارتُكبت إحداها في 24 أغسطس/آب الماضي عندما اقتحم عشرات الجنود مخيّم بلاطة للاجئين. وعند انسحابهم قتل الجنود الطفل عماد الحشاش (15 عامًا) برصاصة في الرأس.

وألقى جنود الاحتلال الإسرائيلي قبل مغادرة المخيم قنبلتي غاز مسيل للدموع قرب منزل عائلة الحشاش بدعوى أن “أعمال شغب جرت أثناء تنفيذ عملية الاعتقال”، بينما كشف تحقيق أجرته (بتسيلم) استند إلى توثيق الحادثة بالفيديو أنه “لم تحدث في تلك اللحظات أي أعمال شغب”.

وأفادت المنظمة أن كل ما كان يفعله عماد الحشاش هو تصوير الجنود من على سطح منزله وهُم خارجين من المخيم.

وذهب التقرير إلى أن إطلاق النار على الطفل هو مثال آخر على سياسة إطلاق النار المخالفة للقانون التي يطبقها الجيش الإسرائيلي، والتي تسمح لجنود الاحتلال بإطلاق النار على الفلسطينيين حتى وإن لم يشكّلوا خطرًا على حياتهم.

روى محمد الحشاش (19 سنة) أحداث ليلة قتل شقيقه من طرف جنود الاحتلال وقال إن الساعة كانت تشير إلى 4 فجرًا عندما سمعا صوتًا غريبًا في الخارج فصعد عماد إلى السطح وعاد ليخبره أن جنود الاحتلال في المخيم.

أكد محمد بأن كل ما فعله عماد هو أنه أمسك بهاتفه المحمول  وصوّر خروج الجنود الذين كانوا يطلقون النار بين الحين والآخر.

عماد الحشاش (بتسليم)

وتابع “قلت لعماد هيا نبتعد لكنه أراد أن يشاهد ما يجري سحبته إلى الوراء ثم اقترب مرة أخرى ليشاهد ما يجري وعندئذ سمعت إطلاق نار ووقع عماد أرضًا منكفئًا على وجهه”.

وزاد محمد “وضعت يدي على رأسه لكي أقلبه فأحسست أنه مصاب، حملته مع أخي الأكبر وزوجته وحاولنا الخروج للشارع لنقله إلى المستشفى لكن رائحة الغاز المسيل للدموع كانت قوية فعدنا إلى الداخل”.

واختتم الأخ حديثه للمنظمة بكلمات مؤثرة، فقال “أنا لا أستوعب ما حدث، لا أفهم لماذا قُتل أخي، كنت أنظر إليه وكأنني في كابوس، كنا ننام على فراش واحد، ولو أننا لم نسمع تلك الأصوات اللعينة في الخارج لكان عماد اليوم مع أصدقائه في المدرسة”.

وقال الأب المكلوم للمنظمة إن سلطات الاحتلال ألغت تصاريح العمل لأخوي عماد وإن الأسرة تعيش ظروفًا جد صعبة منذ ذلك الحين.

ولم يتقبل الأخ الأكبر (صالح) كل ما حدث، وأفاد الأب بأنه يتوجه كل يوم في الصباح الباكر إلى قبر أخيه الشهيد ويستلقي بجواره، واختتم “لقد دمرونا كليًا، لا أعرف ماذا أفعل مع كل هذا الألم، إنه حمل ثقيل”.

عائد من عمله

أياما بعد قتل عماد وفي 31 أغسطس/آب الماضي قتل جنود الاحتلال رائد جاد الله (39 سنة) في قرية بيت عور التحتا غرب رام الله، وهو عائد من عمله وهو بستاني في الأراضي المحتلة.

عند وصوله إلى البوابة المغلقة التي نصبها الجيش عند مدخل قريته هاتَف صديقه وطلب منه أن يأتي ليوصله إلى منزله، وقبل أن يصل إلى نقطة الالتقاء في طريق القرية أطلق عليه جنود الاحتلال النار من كمين وأصابوه في خاصرته.

رائد جاد الله (بتسليم)

بعد ساعة من إطلاق النار، وفق تحقيق (بتسليم)، عثر صديق رائد وابنه يوسف جاد الله (15 عامًا) عليه ملقى على جانب الشارع “مكفيًا على وجهه وكأنه يسبح في بركة دماء”.

وتابع صديقه “بينما اتصلت من هاتفي الإسرائيلي بنجمة داوود الحمراء وأبلغتهم أن جريمة قتل حدثت، ولكي يتعاملوا معي بجدية أخبرتهم بأن المغدور يحمل بطاقة هوية إسرائيلية، كان يوسف يضع رأسه في حضن والده وهو يبكي ويصرخ”.

بعد التأكد من وفاته حاول أهالي القرية أخذ جثمانه لكن جنود الاحتلال رفضوا، وبعد السماح بنقله ألقوا نحوهم قنبلة صوت.

وأظهر تحقيق (بتسيلم) أن جنودًا أطلقوا النار على رائد جاد الله عبثًا وتعسفًا وهو في طريق عودته من مكان عمله إلى منزله.

وقالت المنظمة الإسرائيلية إن تحقيقًا قد فُتح في الواقعة وعادت لتصف جهاز إنفاذ القانون العسكري بـ “ورقة توت”، إذ يبرر سياسة إطلاق النار المنفلتة التي يطبقها جيش الاحتلال وهو بذلك يُتيح استمرار تطبيقها دون أية مساءلة أو محاسبة.

واختتمت (بتسيلم) تقريرها “المفزع في هذا الأمر هو أن سقوط الضحية القادمة هو مسألة وقت فقط”.

المصدر : الجزيرة مباشر