إثيوبيا.. إعلان حالة الطوارئ إثر أنباء عن زحف جبهة تيغراي نحو أديس أبابا وأمريكا تدعو مواطنيها للمغادرة

مخاوف في العاصمة الإثيوبية إثر أنباء عن زحف قوات جبهة تحرير تيغراي إلى أديس أبابا (غيتي - أرشيفية)

أوصت الولايات المتحدة، الثلاثاء، رعاياها في إثيوبيا بالاستعداد لمغادرة البلاد بسبب تردي الوضع الأمني هناك.

جاء ذلك في بيان صادر عن السفارة الأمريكية بالعاصمة، أديس أبابا، بعد ساعات من إعلان الأخيرة الطوارئ في عموم البلاد نتيجة تقدم قوات الجبهة الشعبية لتحرير “تيغراي” بإقليم أمهرة(شمال).

وقال البيان “الوضع الأمني في إثيوبيا تدهور بشكل كبير خلال الأيام الماضية مع استمرار تصعيد النزاع المسلح والاضطرابات المدنية في أقاليم أمهرة وعفر وتيغراي”.

وأضاف البيان “نوصي بقوة بأن يعيد المواطنون الأمريكيون النظر بجدية في السفر إلى إثيوبيا وأن يفكر الموجودون حاليًا هناك في اتخاذ الاستعدادات للمغادرة”.

وأكد البيان أنه “يُحظر حاليًا على موظفي السفارة الأمريكية السفر خارج حدود العاصمة أديس أبابا”.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن مجلس الوزراء الإثيوبي حالة طوارئ في كل أنحاء البلاد بعدما سيطرت قوات جبهة تحرير شعب تيغراي على مدينتين رئيسيتين في محاولة للتقدم نحو العاصمة على ما يبدو، كما أفادت وسائل إعلام رسمية.

ونقلت الوكالة الفرنسية للأنباء عن (فانا برودكاستينغ كوربوريشن) قولها إن “حالة الطوارئ تهدف إلى حماية المدنيين من الفظائع التي ترتكبها جماعة جبهة تحرير شعب تيغراي الإرهابية في أجزاء عدة من البلاد”.

جاء إعلان فرض الطوارئ عبر وسائل إعلام تابعة للدولة بعد يومين من طلب رئيس الوزراء آبي أحمد من المواطنين حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أصدرت السلطات في أديس أبابا توجيهات للسكان لتسجيل أسلحتهم والاستعداد للدفاع عن الأحياء التي يقطنونها.

وفُرضت حالة الطوارئ بعد أن قالت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إنها سيطرت على عدة بلدات في الأيام الأخيرة وتبحث الزحف على أديس أبابا الواقعة على بعد نحو 380 كيلومترا من مواقعها الأمامية.

كانت آخر مرة فرضت فيها إثيوبيا الطوارئ، في فبراير/شباط 2018، لمدة ستة أشهر قبل انتقال السلطة إلى آبي أحمد، كما فُرض حظر للتجول ووُضعت قيود على تحركات الناس فيما اعتُقل الآلاف.

وقالت إدارة المدينة إن على المواطنين تسجيل أسلحتهم والتجمع في أحيائهم.

وقالت إدارة المدنية في بيان لها إن السلطات تجري تفتيشا من بيت إلى بيت في العاصمة وتلقي القبض على مثيري الاضطرابات.

وأضاف البيان “يستطيع السكان التجمع في محال إقامتهم وأن يحرسوا الأماكن القريبة منهم، ننصح من بحوزتهم أسلحة ولكنهم لا يستطيعون المشاركة في حراسة الأماكن القريبة منهم بأن يسلموا سلاحهم إلى الحكومة أو إلى أقرب أقاربهم أو أصدقائهم”.

وقبل صدور الإعلان، كانت حركة النقل تسير بصورة عادية في أنحاء العاصمة.

وقالت امرأة طلبت عدم نشر اسمها “سأحاول شراء الطعام مقدما لكنني لم أشتر أي شيء حتى الآن”.

وقالت قناة فانا التلفزيونية التابعة للدولة إن حكومات أربعٍ من عشرة مناطق في البلاد دعت الإثيوبيين إلى التعبئة استعدادا للقتال ضد قوات تيغراي.

وتفجرت شرارة الصراع، في ليل الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما استولت قوات موالية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، تضم بعض الجنود، على قواعد عسكرية في الإقليم الشمالي، وردا على ذلك أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد مزيدا من القوات للمنطقة.

وظلت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي تهيمن على الحياة السياسية في إثيوبيا لقرابة ثلاثة عقود لكنها فقدت الكثير من نفوذها عندما ارتقى آبي أحمد لرئاسة الوزراء في 2018 إثر احتجاجات مناوئة للحكومة.

وتدهورت العلاقات مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بعد أن اتهمت الجبهة آبي أحمد بأنه يحكم البلاد مركزيا على حساب الولايات الإثيوبية، وينفي آبي الاتهام.

المعارك مستعرة بين القوات الحكومية وقوات تيغراي وأورومو للسيطرة على مدن إستراتيجية (رويترز ـ أرشيف)

ويوما السبت والأحد، الماضيان، أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير “تيغراي” السيطرة على مدينة ديسي الاستراتيجية وكومبولتشا بولاية أمهرة، شمالي البلاد.

وتأتي التطورات في “تيغراي” بعد نحو عام من اندلاع اشتباكات في 4 نوفمبر/ تشرين ثان 2020، بين الجيش الإثيوبي و”الجبهة الشعبية”، بعدما دخلت القوات الحكومية الإقليم ردا على هجوم استهدف قاعدة للجيش.

وفي 28 من الشهر نفسه، أعلنت إثيوبيا انتهاء عملية “إنفاذ للقانون” بالسيطرة على الإقليم بالكامل، رغم ورود تقارير عن استمرار انتهاكات حقوقية في المنطقة منذ وقتها، حيث قُتل آلاف المدنيين.

السيطرة على بلدات

بدروه، قال المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي جيتاتشيو رضا، اليوم، إن قوات تيغراي وحلفاءها سيؤسسون حكومة مؤقتة في حالة النجاح في الإطاحة بالحكومة.

وأوضح “في حالة سقوط الحكومة سيتم وضع ترتيبات مؤقتة”.

وأضاف أنه ستكون هناك حاجة أيضا لحوار وطني، لكن لن يُدعى أبي ووزراؤه للمشاركة فيه، وقال “سيحاكمون”.

وتقول الحكومة أيضا إنها تريد محاكمة قادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

وتزعم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بأنها استولت على بلدات ديسي وكومبولتشا وبوركا، وكلها في منطقة أمهرة، في الأيام الأخيرة.

ونفى متحدث باسم الحكومة الاتحادية سقوط ديسي وكومبولتشا لكنه أصدر بيانا في وقت لاحق قال فيه إن “متسللين” قتلوا 100 شاب في كومبولتشا.

ولم يرد متحدثون باسم الحكومة والجيش الإثيوبي وحكومة إقليم أمهرة على طلبات للتعليق.

وأمس الإثنين، قالت قوات تيغراي إنها انضمت إلى مقاتلين من قوة في إقليم أورومو تقاتل الحكومة المركزية أيضا.

والأورمو هم أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا وكثير من زعمائهم السياسيين في السجون.

انزعاج أمريكي

وتسبب الصراع، في بلد كان ينظر إليه على أنه حليف مستقر للغرب في منطقة مضطربة في معاناة نحو 400 ألف شخص في تيغراي من المجاعة، كما أودى بحياة آلاف المدنيين وأجبر أكثر من مليونين ونصف المليون على النزوح عن ديارهم.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان، الثلاثاء، إن واشنطن منزعجة من تدهور الوضع الإنساني في شمال إثيوبيا وطالب جميع أطراف الصراع بإيجاد حلول للتهدئة والسماح بدخول المساعدات.

وقال فيلتمان للصحفيين إن بلاده تلمح علامات على حدوث مجاعة قريبة وإن القيود الحكومية هي التي تمنع في أغلب الأحوال وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وتنفي الحكومة منع وصول المساعدات.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات