تصاعد عداء اليمين المتطرف.. مسلمون يفكرون في مغادرة فرنسا بعد رئاسيات 2022

مواطنون فرنسيون يحملون لافتات خلال مظاهرة للاحتجاج ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا (الأناضول)

يحتل الإسلام حيزًا كبيرًا في النقاشات السياسية والإعلامية ويتساءل مسلمو فرنسا عن وضعهم بعد الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تجرى في أبريل/نيسان 2022، ويتصاعد قلقهم مع تزايد استطلاعات الرأي التي تذهب إلى أن حظوظ اليمين المتطرف في الفوز أوفر.

واستعرض تقرير لموقع (فرانس إنفو) آراء مسلمين من شرائح عمرية مختلفة بمدينة ستراسبورغ شرقي فرنسا، وجعلهم يفصحون عن مخاوفهم وقلقهم قبل 5 أشهر من يوم الاقتراع.

وعبّر عدد من مستجوَبي الموقع عن قلقهم من المرشح المحتمل للرئاسيات الكاتب إريك زمور، الذي لا يفوت فرصة لإبراز العداء للمسلمين والمهاجرين رغم أصوله الجزائرية.

وصم بـ “الأصول”

قال أشرف (18 عامًا) -أحد شباب حي نيوهوف الشعبي- إنه اكتشف أفكار إريك زمور من خلال مقتطفات قصيرة من ظهوره التلفزيوني على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير، أن كاتب المقالات اليميني المتطرف كان قد أُدين في مايو/أيار 2018 بسبب تصريحات معادية للمسلمين أدلى بها في عام 2016، واعتبرت أنه “يزيد من هجماته على الإسلام في فرنسا”.

ورأى الموقع أن الموضوع يغذي النقاشات في فرنسا، حتى لو كان الناخبون أكثر قلقًا بشأن القدرة الشرائية، وفقًا لاستطلاع رأي حديث لشركة (إيلاب).

والتقى (فرانس إنفو) عثمان في مكتبه في نيوهوف -موظف الإدماج المهني في مركز نيوهوف الاجتماعي- حيث يفتح الباب أمام شباب الحي الذين يعبرون عن تطلعاتهم وتخوفاتهم بعد الجدل حول الأسماء (في إشارة إلى تصريح زمور الذي قال فيه إنه سيحظر اسم محمد في حال فاز بالرئاسة).

واعتبر المتحدث أنه “عندما نخبر الشباب أن أسماءهم ليست فرنسية، وأنهم مختلفون عن الآخرين، وأنهم ينتمون إلى أصول مختلفة، فهذا وصم لهم”.

وأوضح عثمان أنه إضافة إلى كونهم مسلمين يتعرض سكان نيوهوف إلى تمييز آخر، لأنهم من أحياء الطبقة العاملة، “إذا لم يصمهم اليمينيون بالمسلمين، يصمونهم بأنهم من الضواحي”.

وزاد: الحديث عن “الأراضي المفقودة من الجمهورية” (وهو تصريح آخر لزمور قال فيه إن المهاجرين يحتلون فرنسا تدريجيًا)، وهو ما اعتبره عثمان أنه “يبرز ثقل التمييز الذي يقع على كاهل الشباب هنا”.

وبالحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي، قال الشاب إنه “في السابق كان أتباع أفكار اليمين المتطرف متحفظين، لكن الآن أصبح الخطاب المعادي للإسلام غير مقيّد تمامًا”.

وروت جميلة لـ (فرانس إنفو) تفاصيل عن طفولتها في ستراسبورغ، وقالت “عانى آباؤنا، الجيل الأول (المهاجر) الوافد إلى فرنسا، من هذا النوع من الملاحظات”.

خطاب التهديد

في حي ميناو، حيث يتم بناء مسجد “أيوب سلطان” العملاق من طرف منظمة “مللي غوروش” الإسلامية التركية، لم يعد التهديد ظاهريًا، بل استُهدف المبنى، بعد أن اتهمت الحكومة المنظمة بـ “مخالفة قيم الجمهورية”، والسبب أنها رفضت التوقيع على (ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا) في يناير/كانون الثاني الماضي.

وتدعي الحكومة أن الميثاق “يندد بالاستغلال السياسي للإسلام ويحظر التدخل من الدول الأجنبية في الشأن الداخلي”، فيما أدانته المنظمة واعتبرته “غامضًا” وأنه “تدخل سياسي في الدين”.

وقال الرئيس الإقليمي للمنظمة أيوب شاهين إن رسائل التهديد تضاعفت، وأنها تذهب في اتجاه “مؤامرة تهدد السكان البيض والمسيحيين بالاختفاء بوصول المهاجرين المسلمين”.

وقال شاهين إن التصريحات العنيفة التي تنتشر ضد المسلمين تثير مخاوفهم، موضحًا أن “دور المسجد هو تهدئة الجدل، ونحن نكيّف خطبة الجمعة لاستحضار هذا المناخ المعادي للإسلام، بدون الدخول في اعتبارات سياسية، وكلما زاد خطاب الكراهية زاد تكثيفنا لخطاب السلام”.

خيار المغادرة

عبد الله (25 سنة) هو واحد من الشباب الذين استقى (فرانس إنفو) رأيهم، وقال إنه يخشى في كل مرة يذهب فيها للصلاة أن تُنفذ بعض التهديدات، وزاد “علينا أن نعيش مع الخوف، هذا ليس طبيعيًا”.

تستمع سميرة بحكم عملها شمال المدينة، وهي طبيبة نفسية، لنساء محجبات وأقاربهن يتحدثن عن مخاوفهن في مواجهة “النظرات المشبوهة”، وقالت للموقع إنهم يتحدثون باستمرار عن “الصدمة التي يواجهونها” وعن خشيتهم التعرض للاعتداء.

وقالت الأخصائية النفسية -وهي نفسها ترتدي الحجاب- إن “السياسيين يتحدثون باستمرار عن تحريرنا، في حين نتمنى فقط أن لا نكون موضع نقاش”.

وصرح رئيس جمعية (تبادل) الثقافية، ميلود الداودي، وهو واحد من الذين استجوبهم (فرانس إنفو)، بأن ضعف القدرة الشرائية موضوع مزعج وأنه أولى بالنقاش هو والتهديدات المناخية.

وقال إن في فترة الوباء “وزعت الجمعية أكثر من 100 وجبة في اليوم وفتحت خط مساعدة للأشخاص المعزولين، آنذاك دعمنا بعضنا من دون تمييز أو تمييز في لون البشرة، واعتقدنا أننا انتهينا من مناقشات الهوية”.

خلص الموقع إلى أن الشباب الذين جرت مقابلتهم لا يكفّون عن التساؤل عن مستقبلهم في فرنسا، وأن الهجرة إلى ألمانيا أصبحت خيارًا أمام المهندس الشاب عبد الله، فيما يفكر المراهق أشرف في الأمر نفسه عندما رأى أخته تنتقل إلى دبي للعمل في مجموعة فرنسية كبيرة هناك.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع فرنسية