خبراء سودانيون يحذرون: هناك مساع لعمل انقلاب مدني.. ولا مانع من رحيل حمدوك والبرهان (فيديو)

تباينت ردود أفعال عدد من السياسيين السودانيين بشأن المظاهرات التي تشهدها البلاد خلال الساعات الأخيرة، وسط محاولات للخروج من المأزق الراهن وتخوفات من عواقب استمرار الاحتقان بين المكونين العسكري والمدني.

وقال صديق الصادق المهدي نائب رئيس حزب الأمة وعضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير “ما حدث اليوم بالسودان في واقعه صغير وعابر، لكنه في معناه ورمزيته كبير”.

وأضاف “حاولت مجموعة أن تعطّل المؤتمر الصحفي، وهذا ضد حرية الرأي والممارسة المدنية السليمة، ويجب أن تتاح حرية الرأي للجميع”.

وأكد المهدي في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر “نتجنب أية إثارة للعنف أو احتكاك، ونسعى قدر استطاعتنا إلى تجنيب شعبنا الممارسات غير الرشيدة”، وأثنى على موقف الشرطة السودانية لعدم انزلاقها في صدام مع المحتجين.

وردًا على سؤال بخصوص من يقف وراء المحتجين، قال المهدي “الانقسام الحالي في صفوف الشعب السوداني يتفرع إلى مجموعتين، الأولى داعية إلى المدنية والتحول الديمقراطي، وتمثل معسكر الثورة، والثانية تدعو إلى الرِّدة – على حد تعبيره – والتحول عن أهداف الثورة”.

وأشار المهدي إلى أن مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم -وزير المالية والتخطيط الاقتصادي والزعيم السابق لحركة العدل والمساواة في السودان- يمارسان “انقلابًا مدنيًا” من خلال تفويض العسكريين وحل حكومة عبد الله حمدوك، وذلك بما يخالف الدستور القائم، وتجاوز الدستور يعني الانقلاب عليه أو تقويضه.

وبشأن الدعوة إلى توسيع المشاركة السياسية، علّق المهدي بالقول: “مني أركو مناوي حاكم أكبر إقليم في السودان (إقليم دارفور)، وتجمعه بجبريل شراكات كبيرة، وجبريل على رأس وزارة المالية وهي أكبر وزارة في البلاد، وتوجد وزارات أخرى تابعة لهم، هم شركاء ولديهم شراكات واسعة جدًا”.

ونفى المهدي وجود أربع قوى سياسية فقط تحكم السودان ممثلة في الحكومة، وإنما جميع القوى الفاعلة لها دور في الحكم، في حين أن

وطالب المكوّن العسكري بالالتزام بنص الوثيقة الدستورية وحفظ أمن البلد وسلامته، فضلًا عن التوافق مع المكون المدني حول الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، مع توحيد المكون العسكري كله تحت قيادة واحدة.

وفي معرض رده على سؤال: هل يتطلب واقع السودان الآن إعادة تشكيل حكومة حمدوك؟ أجاب صديق المهدي “الوضع في السودان يتطلب مراجعة في كل شيء، وحكومة حمدوك بحاجة لمراجعة أدائها وتقويمه”، مستدركًا “خلافنا في هذه النقطة يجب أن يكون مرجعه الدستور، وليس بالرجوع إلى أيm ركيزة أخرى”.

وأبدى موافقته على رحيل المجلسين (مجلس الوزراء، ومجلس السيادة) لا سيّما وأن أحدًا من الموجودين حاليًا لم يأتِ عبر صناديق الاقتراع، مشددًا على أن كل شيء بما في ذلك الرحيل يجب أن يكون من خلال الآليات المتفق عليها سلفًا.

وجددت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، السبت، دعمها لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وحذرت من “انقلاب زاحف” في مؤتمر صحفي حاول متظاهرون داعمون للجيش تعطيله.

في السياق، قال الأمين داوود -رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، والقيادي في قوى الحرية والتغيير مجموعة التوافق الوطني- إن إعلان الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية لم تخصّص أحزابًا بعينها، بل تشمل جميع أحزاب إعلان الحرية والتغيير الذين كانوا في منصة التأسيس، ويزيد عددهم عن 75 حزبًا مشاركًا.

وأضاف داوود “نحن نتكلم عن الإقصاء والفشل التاريخي لهذه المجموعة التي سرقت الثورة -على حد قوله- وهو فشل في شتى مناحي الحياة، الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية”.

وبخصوص مطالبات بتسلم المكون العسكري زمام الأمور في السودان، قال الأمين داوود “نحن مع الشراكة بين المكونين المدني والعسكري حتى انتهاء الفترة الانتقالية، ولم نقل قط بتسليم السلطة للعسكر”.

وتابع “ما يحدث في الولايات الشرقية مجرد امتداد تاريخي لما مرّ على السودان خلال السنوات السابقة”.

وفي مؤشر إلى تواصل التوتر، أحرق مئات المتظاهرين، السبت، إطارات مطاطية أمام مبنى وكالة الأنباء الرسمية (سونا) الذي استضاف مؤتمرا صحفيا لقوى إعلان الحرية والتغيير، ما دفع لإرجاء المؤتمر نحو ساعتين.

وعن اقتحام لوكالة السودان للأنباء (سونا)، السبت، قال محمد عبد الحميد المدير العام في مداخلة هاتفية للجزيرة مباشر “جاءت جماعة صغيرة ممثلة في 3 عربات لتوقف بالقوة مؤتمرًا صحفيًا نظمته قوى الحرية والتغيير”.

وأضاف “لم نتبين هوية هؤلاء المحتجين، لكن ما أقدموا عليه يتنافى مع أبجديات قواعد حرية التعبير ووسائل ممارسة العمل السياسي ومعارضة الآخرين، فضلًا عن تعريض سلامة الصحفيين والعاملين في الوكالة للخطر”، مشيرًا إلى إيثار الوكالة سلامة الجميع وعدم الدخول في صدام مع المحتجين بالرغم من وجود قوة حراسة صغيرة لتأمين الوكالة وحمايتها.

وردا على أنصار الجيش، احتشد عشرات الآلاف من الداعين لنقل كامل السلطات إلى المدنيين، الخميس، في استعراض للقوة يستبعد خبراء أن يسرع الانتقال السياسي المتعثر بعد ثلاثة عقود من الحكم الدكتاتوري.

وأشعل المحتجون إطارات السيارات أمام البوابة الرئيسية للوكالة مرددين هتافات مناوئة لقيادات إعلان الحرية والتغيير من ضمنها “الحرية والتغيير – باعوا الدم – دم الشهيد”.

بدوره، رأى إبراهيم الشيخ -وزير الصناعة السوداني والقيادي بالمجلس المركزي لتحالف الحرية والتغيير- أن دعوته لإبعاد البرهان من رئاسة مجلس السيادة ما زالت قائمة، ويتعين الإسراع بتنفيذها لا سيما وأنها أصبحت تعبر عن غالبية الشعب السوداني.

وأضاف “نحن نتمسك برحيل البرهان واختفائه الكامل من المشهد، فهو لم يعد صالحًا لاستقرار البلد وتماسكه، بل إنه يكيد للبلاد”، على حد تعبيره.

وعن مظاهر هذا الكيد، قال الشيخ “هذه الفترة الانتقالية يُفترض أن تنصرف جميع الأطراف فيها لإعادة بناء السودان وإنقاذه وانتشاله من تجربة الإنقاذ التي دامت 30 عامًا، فكان المأمول من الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، لكن ما حدث فعليًا هو الانخراط في مشاكل اختلقها البرهان وفريقه”.

واستطرد “لم يوظف البرهان ما لديه من موارد مادية كبيرة لصالح البلاد، ولم يبذل المال لتعافي السودان اقتصاديا، وتدخل في نزاعات بين المدنيين، بل ودعا إلى حل الحكومة تارة وتوسعة المشاركة السياسية تارة أخرى”.

وتابع “الشراكة بين المكونين المدني والعسكري مرهونة بالوثيقة الدستورية، بينما تجرأ البرهان وأقدم على شراء الطرق الصوفية ويسعى لإضعاف الحرية والتغيير ويخلق حكومة تأتمر بأمر وحرية وتغيير بديلة لحركة الحرية والتغيير”.

وبشأن الحديث عن رحيل حمدوك والبرهان، قال “الحرية والتغيير لا تمانع في الرحيل، لكن الرحيل يستلزم تقديم مسوغات لهذا الرحيل، وثمة مؤشرات حيوية كثيرة تشهد لحكومة حمدوك، ومع ذلك لا نمانع من الرحيل من دون ترك فراغ دستوري”.

ونفى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، السبت، موافقته على إجراء تعديل وزاري، أو إجراء تغيير في السلطات الانتقالية، في وقت تتزايد شائعات حول ذلك منذ أيام.

وتشهد الخرطوم تحركات دبلوماسية حثيثة، فبعد زيارة للمكلف الشؤون الأفريقية في الخارجية البريطانية، التقى المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، السبت، المسؤولين السودانيين.

وأمام حمدوك ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، شدد فيلتمان على “دعم الولايات المتحدة الأمريكية لانتقال ديمقراطي مدني وفقًا للرغبات المعلنة للشعب السوداني”، وفق السفارة الأمريكية في الخرطوم.

وحث فيلمتان “جميع الأطراف على تجديد الالتزام بالعمل معًا لتنفيذ الإعلان الدستوري واتفاقية جوبا للسلام”.

وأمس الجمعة، تلقت وسائل الإعلام دعوة من وكالة السودان للأنباء لحضور مؤتمر صحفي لقيادات قوى إعلان الحرية والتغيير، أبرزهم المستشار السياسي لرئيس الوزراء ياسر عرمان والقيادي بحزب الأمة القومي صديق الصادق المهدي والقيادي بتجمع المهنيين السودانيين محمد ناجي الأصم.

وجاء خروج مظاهرة الخميس بالتزامن مع في ذكرى ثورة أكتوبر 1964 والتي أطاحت حينها بحكومة عسكرية وأذنت بفترة من الديمقراطية البرلمانية في البلاد.

وانتقد المتظاهرون في هتافاتهم رئيس مجلس السيادة الحاكم الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان واتهمته بالولاء للبشير، وطالب البعض بتسليم القيادة إلى المدنيين وطالب آخرون بإقالته، وردد المحتجون في أحد الهتافات قائلين “البلد دي حقتنا.. مدنية حكومتنا”.

وتقاسم الجيش الحكم مع المدنيين في سلطة انتقالية منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019 في انتفاضة شعبية بعد ثلاثة عقود في السلطة، ويقول الجيش إنه ملتزم بالانتقال إلى الديمقراطية والانتخابات، نهاية 2023.

ومنذ 16 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يواصل أنصار تيار “الميثاق الوطني” (من مكونات قوى التغيير والحرية)، اعتصاما مفتوحا أمام القصر الرئاسي بالخرطوم، للمطالبة بحل الحكومة الانتقالية، وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية.

ومنذ أسابيع، تصاعد توتر بين المكونين العسكري والمدني بالسلطة الانتقالية بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية على خلفية إحباط محاولة انقلاب في 21 من سبتمبر/أيلول الماضي.

ويعيش السودان، منذ 21 من أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل