دحلان حاول إقناع الخرطوم بفوائده.. هل ينجح بومبيو في تسريع التطبيع؟

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك(يمين) وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو

لم يغادر وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الخرطوم، بصيد كبير كانت تتمناه واشنطن منذ أعلنت عن اتفاق الإمارات وإسرائيل على تطبيع العلاقات، وفقا للمعلن في بيانات سودانية وأمريكية.

وهيمنت ثلاثة ملفات على مباحثات بومبيو، أول وزير خارجية أمريكي يزور الخرطوم منذ 15 عاما، مع كل من رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان.
وهذه الملفات هي، إصرار سوداني على رفع اسم البلاد من قائمة ما تعتبرها واشنطن “دولا راعية للإرهاب” ومطلب أمريكي بتطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، ثم بحضور أقل قضية سد النهضة الإثيوبي.

عبد الفتاح البرهان ومايك بومبيو

وبينما جاءت المواقف في ملفي قائمة الإرهاب وسد النهضة تقليدية، حملت المباحثات حول ملف التطبيع مع إسرائيل جديدا، إذ طلبت الخرطوم الفصل بين ملفي التطبيع وقائمة الإرهاب، وأوضحت له أن احتمال التطبيع من عدمه مؤجل، لحين تشكيل مجلس تشريعي.
وتضم هياكل السلطة في السودان خلال المرحلة الانتقالية ثلاثة مجالس، مجلس السيادة، ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي، الذي لم يتشكل حتى اليوم.

وعقب لقائه ببومبيو، قال حمدوك “ناقشت بشكل مباشر وشفاف حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والعلاقات الثنائية، ودعم الحكومة الانتقالية”.
وقال مجلس السيادة، في بيان، إن البرهان طلب خلال مباحثاته مع بومبيو “رفع اسم السودان من قائمة العقوبات والدول الرعاية للإرهاب، في ظل التحول الديمقراطي والانفتاح على الخارج، الذي يشهده السودان”.
ورفعت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرا تجاريا كان مفروضا على السودان منذ 1997.
لكنها لم ترفع اسم السودان من قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، المدرج عليها منذ عام 1993، إثر استضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة، أسامة بن لادن.

التطبيع مع إسرائيل 

هبطت طائرة بومبيو في الخرطوم محملة بآمال أمريكية وإسرائيلية كبيرة بدفع السودان نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد أن أعلنت الإمارات وإسرائيل، في 13 أغسطس/ آب الجاري، اتفاقهما على تطبيع العلاقات بينهما.
والإمارات هي ثالثة دولة عربية تُقدم على هذه الخطوة، بعد الأردن ومصر، اللتين ترتبطان بمعاهدتي سلام مع إسرائيل عامي 1994 و1979 على الترتيب.
واستبق مسؤولون إسرائيليون، في مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، زيارة بومبيو للسودان، بتصريحات عن قرب التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب، وفقا لمبدأ “السلام مقابل السلام” وليس “الأرض مقابل السلام”، الذي يتمسك به الفلسطينيون.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان الثلاثاء، إن بومبيو التقى بحمدوك والبرهان “للتعبير عن دعمه لتعميق العلاقات بين إسرائيل والسودان”.
ولم يتطرق بيان مجلس السيادة السوداني لقضية التطبيع، رغم أن رئيسه البرهان هو صاحب أول خطوة نحو إقامة علاقات مع إسرائيل، بلقائه نتنياهو في أوغندا، فبراير/ شباط الماضي.

بومبيو في الخرطوم.. هل ينجح في تسريع التطبيع؟
التفويض الشعبي

وقال المتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، إن حمدوك أوضح لبومبيو أن “المرحلة الانتقالية يقودها تحالف عريض بأجندة محددة لاستكمال عملية الانتقال وتحقيق السلام والاستقرار في البلاد، وصولا إلى انتخابات حرة”.
وشدد على أن الحكومة الانتقالية لا تملك تفويضا بتعدي هذه المهام للتقرير بشأن التطبيع مع إسرائيل، وأضاف أن “هذا الأمر يتم البت فيه بعد إكمال أجهزة الحكم الانتقالي”.
ودعا المتحدث باسم الحكومة إلى “الفصل بين عملية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومسألة التطبيع مع إسرائيل”.
والموقف السوداني من قضية التطبيع كان مرتبا قبيل قدوم بومبيو بيوم، إذ عقد عبد الله حمدوك اجتماعا مع البرهان وقوى إعلان الحرية والتغيير.
وبينما لم تخرج تفاصيل عن اجتماع مغلق بين حمدوك والبرهان، أعلن التحالف الحاكم، في بيان فجر يوم الزيارة، أن حمدوك وقوى إعلان الحرية والتغيير اتفقوا على أن يوضح حمدوك لبومبيو أن التطبيع ليس من قضايا الفترة الانتقالية.
وسيكون 67 في المئة من أعضاء المجلس التشريعي المنتظر، من قوى إعلان الحرية والتغيير، ويرفض الكثير من مكوناتها التطبيع، وعلى رأسها ( الحزب الشيوعي، وحزب البعث وحزب الأمة القومي).

الخارجية الأمريكية: زيارة بومبيو" لتعميق العلاقات بين إسرائيل والسودان"
حمدوك غير متحمس للتطبيع

ووفقا للكاتب الصحفي عبد الحميد عوض الكريم، في حديث للأناضول، “يمكن تلخيص مباحثات بومبيو في الخرطوم بأنها لم تحقق ما أرداه الرجل بشأن قضية التطبيع بين السودان وإسرائيل”.
وأرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب هي “أن التنظيمات الأيدولوجية في قوى التغيير وقفت عائقا أمام ذلك، مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث، وكذلك حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، وهؤلاء يرفضون التطبيع”.
ومن المكونات الأخرى في قوى إعلان الحرية والتغيير (تجمع المهنيين السودانيين، تحالف نداء السودان، تحالف الإجماع الوطني، والتجمع الاتحادي) إضافة إلى قوى مدنية.
وقال “حمدوك لا يبدو متحمسا لموضوع التطبيع، باعتباره لا ينطلق من سند سياسي كافٍ لاتخاذ قرار خطير، وثالثا أن الموقف الشعبي عامة ليس مشجعا للتطبيع”.

دحلان حاول إقناع السودان 

في ذات الشأن ووفقا لفضائية (كان) الإسرائيلية فإن القيادي المفصول من حركة (فتح) الفلسطينية محمد دحلان، حاول إقناع القيادة السودانية بالتطبيع مع إسرائيل.
وذكرت فضائية كان الرسمية، تعليقا على تصريحات نقلتها عن رئيس حزب سوداني بتأييد بلاده إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.
وأوضحت أن دحلان على اتصال وثيق بالقيادة السودانية، وحاول إقناعهم بالمضي قدما في التطبيع مع تل أبيب، وقالت إن دحلان أبلغ القيادة السودانية أن التطبيع سيفيد السودان على عدة مستويات، بما في ذلك صفقات السلاح.
وكانت الفضائية ذاتها، نقلت عن رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل المهدي- ابن عم الصادق المهدي- قوله إن “غالبية الشعب السوداني يؤيد تطبيع العلاقات مع إسرائيل السودان جاد في رغبته للتطبيع”.
ولا يُقيم السودان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، غير أنه سمح في مارس/ آذار الماضي للطائرات الإسرائيلية، بالتحليق في مجاله الجوي، ولكن لم يسمح لطائرات قادمة من إسرائيل بالهبوط على أرضه.

المصدر : الأناضول