اعتقله محمد بن سلمان منذ مدة: شكوى أمام الأمم المتحدة ضد احتجاز أمير سعودي

الأمير سلمان بن عبد العزيز
الأمير سلمان بن عبد العزيز

تعتزم منظمتان حقوقيتان تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة بشأن الاحتجاز التعسفي لأمير سعودي يعمل في المجال الخيري، اعتقله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أكثر من عامين ونصف.

واحتجز الأمير سلمان بن عبد العزيز (37 عاما) ووالده منذ يناير/كانون الثاني 2018 في إطار حملة اعتقالات طالت أفراد في العائلة المالكة بإشراف محمد بن سلمان كمؤشر على محاولة الأخير تشديد قبضته على السلطة عبر إقصاء أقوى خصومه المحتملين.

وتأتي الشكوى المقدمة من قبل منظمة “منَا” لحقوق الإنسان ومقرها جنيف ومنظمة “القسط” ومقرها لندن بعد دعوى قضائية رفعها المسؤول السابق في الاستخبارات السعودية سعد الجبري في محكمة أمريكية يتهم فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمحاولة اغتياله.

ولم يكن لدى الأمير سلمان، خرّيج جامعة “السوربون” العريقة في باريس والذي يتقن لغات عدة، أي طموح سياسي وكان معروفا بتمويله لمشاريع تنموية في الدول الفقيرة.

والأمير “سلمان بن عبد العزيز سلمان بن محمد بن سعود بن فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود” ينتمي لفرع آخر في عائلة آل سعود بخلاف فرع عبدالعزيز آل سعود الذي ينحدر منه حكام البلاد.

وبعد احتجازه لنحو عام في سجن الحائر قرب الرياض ثم في فيلا خاصة مع والده الأمير عبد العزيز بن سلمان، نُقل إلى موقع احتجاز سري في مارس/آذار الماضي، حسب وكالة أنباء فرانس برس.

وذكرت الوكالة أنه تمت إعادته بشكل غامض إلى الفيلا بعد نحو شهرين، بعد جهود ضغط بلغت كلفتها مليوني دولار ومناشدات من برلمانيين أوربيين تدعو لإطلاق سراحه.

وفي مسعى لتعزيز الضغوط، تقدم منظمتا “القسط” و”منا” لحقوق الإنسان شكوى مشتركة الثلاثاء لدى الفريق العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة في جنيف بشأن اعتقاله.

وأكدت مديرة مجموعة “منا” إيناس عصمان لوكالة فرانس برس أن “الأمير سلمان ووالده محتجزان منذ عامين ونصف دون توجيه أي تهم” إليهما. وتابعت “اعتقالهما ليس له أي أساس قانوني”.

سياسة قذرة

ومن المتوقع أن يعلن فريق الأمم المتحدة “رأيا” بشأن القضية في الأشهر المقبلة، بعد استماعه للشكوى. ويذكر أن الحكومة السعودية غير ملزمة قانونيا بالرد.

لكن الشكوى تسعى إلى تسليط الضوء مرة أخرى على احتجاز الأمير، وهو واحد من بين عدد من أفراد العائلة المالكة الذين تم احتجازهم منذ بروز ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كشخصية نافذة في دوائر السلطة السعودية.

وتقول الوكالة إن أكثر ما يثير الاستغراب أن الأمير ووالده لم يخضعا لأي استجواب.

ونقلت عن عصمان قولها إن “ذلك يضيف إلى تعسفية احتجازهما”.

واعتقل الأمير سلمان مع 11 أميرا بعد أن نظموا ما قال النائب العام السعودي إنه احتجاج في القصر الملكي في الرياض لمطالبة الدولة بمواصلة دفع فواتير الكهرباء والمياه الخاصة بهم.

وبحسب البيان في حينه فإن الأمراء “رفضوا مغادرة” القصر وتم اعتقالهم في سجن الحائر مؤكدا أن “الجميع سواسية أمام الشرع ومن لم ينفذ الأنظمة والتعليمات سيتم محاسبته كائناً من كان”.

لكن رفض مقرب من الأمير المعتقل سلمان هذه الرواية، واصفا إياها بـ”سياسة قذرة”.

ونقلت الوكالة عن المصدر قوله إن الأمير الثري الذي كان يمنح موظفيه مبالغ سخية، لا يهتم بنفقات بسيطة مثل المياه والكهرباء.

وتؤكد منظمة “القسط” الحقوقية ومقرها لندن أن الأمير المعتقل تعرض “للضرب الشديد والتعذيب” بعد استدعائه لتجمّع أميري.

وبحسب “القسط”، “اتهم بعض الحاضرين بالمشاركة في اجتماعات واتفاقات تهدف لإزاحة بن سلمان من ولاية العهد، وتبادل هذه الأفكار مع جهات في الخارج بهدف المساعدة على تحقيقها”. ولا يزال مكان تواجد الأمراء العشرة الباقين غير واضح.

مناشدات في أوربا والولايات المتحدة

وأفادت “القسط” أنه بعد ذلك بيوم، تم احتجاز والد الأمير سلمان عقب مداهمة منزله في الرياض بعدما اتصل “بشخصيات في أوربا بهدف المساعدة للإفراج عن ابنه، وكان من بينهم محامٍ فرنسي يقيم في باريس”.

وأضافت المنظمة أنه تمت مداهمة المنزل “من قبل قوات كبيرة مدججة بالأسلحة، والتي قامت بتدمير كاميرات المراقبة في المنزل قبل أن تقوم باعتقاله ومصادرة عدد من الأجهزة في منزله بتهمة التواصل مع جهات خارجية”.

وقد يكون لقاء الأمير مع عضو الكونغرس الأمريكي عن الحزب الديمقراطي آدم شيف وهو من منتقدي الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترمب قبل الانتخابات الأمريكية في 2016، أزعج الديوان الملكي، بحسب مقربين من الأمير.

لكن يؤكد مساعدوه أنه لم يتم التطرق إلى أو مناقشة “أي شيء سياسي”.

وبشكل منفصل، وقعت مجموعة ضغط في واشنطن تدعى “سونوران بوليسي غروب” تابعة لروبرت ستريك عقدا بقيمة 2 مليون دولار في مايو/أيار الماضي للضغط على الولايات المتحدة وحكومات أوربية للدعوة إلى إطلاق سراح الأمير.

وقدم عدد من النواب الأوربيين عريضة للسلطات السعودية لإطلاق سراح الأمراء المحتجزين ومن بينهم الأمير سلمان خلال زيارة إلى الرياض في فبراير/شباط الماضي.

وكان الاتحاد الأوربي أثار هذه القضية مع وزارة الخارجية السعودية ولجنة حقوق الإنسان في المملكة في “عدة مناسبات” من دون نتيجة، حسب مراسلات داخلية تعود إلى أواخر مارس/آذار الماضي.

المصدر : مواقع فرنسية