“سجن بلا نهاية” لمن يطالبون بالإصلاح في الإمارات

الحقوقي الإماراتي محمد الركن القابع في سجون أبو ظبي منذ سنوات

يقبع في سجون الإمارات منذ سنوات، بزعم تشكيلهم تهديدا على أمن الإمارات، معارضون طالبوا بإجراء إصلاحات ديمقراطية في هذا البلد الذي لا توجد فيه أحزاب سياسية ولا انتخابات حقيقية.

وبحسب تقرير لوكالة الأناضول، تحاول الإمارات، منذ سنوات، إظهار نفسها بصورة “الدولة المتسامحة”، لكنها تبرز على الساحة حاليا بسياساتها القمعية تجاه مواطنيها، وتدخلاتها العسكرية في اليمن وليبيا.
ووفقا لمنظمات حقوق إنسان دولية وتقرير للبرلمان الأوربي، فإن الإمارات “دولة راسبة” بملف الحقوق والحريات، بسبب سياساتها القمعية تجاه المطالبين بإصلاحات ديمقراطية، بينها ضمان حرية التعبير.
ومنذ سنوات، تزج السلطات الإماراتية في السجون بالمئات من النشطاء السلميين ونشطاء حقوق الإنسان، المطالبين بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية حقيقية.
وعادة ما تنفي السلطات الإماراتية صحة اتهامات متكررة لها بارتكاب انتهاكات حقوقية.

 وضع “مخيف للغاية”

وقال مايكل بيج، مدير منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في الشرق الأوسط، إن الإمارات تنتهج سياسة صارمة للغاية في مجال حقوق الإنسان، رغم أنها قامت باستثمارات جادة لتحظى بصورة “الدولة المتسامحة والديمقراطية”.
وأضاف للأناضول” توجد جهود لإظهار دولتهم كأنها متسامحة تحترم حقوق الإنسان، حتى إنهم أعلنوا 2019 “عام التسامح”، لكن وضع حقوق الإنسان في الإمارات “مخيف للغاية”.
وتابع أن الإدارة الإماراتية تهاجم منذ 2011، باستمرار، النشطاء والمنظمات المدافعة عن حرية التعبير.
وقال إن “الحكومة الإماراتية تمارس الاعتقال التعسفي ضد مواطنيها، الذين ينتقدون الإدارة داخل الدولة.. جميع مواطني الإمارات الذين يرفعون أصواتهم بشأن حقوق الإنسان يواجهون مخاطر الاعتقال التعسفي والسجن والتعذيب”.
وأفاد بيج بأنه ليس لديهم معلومات عن عدد السجناء السياسيين في سجون الإمارات، لكن من المعلوم جيدا أن أشخاصا عديدين حُكم عليهم بالسجن لسنوات أو اضطروا لمغادرة الإمارات، بسبب ضغوط عليهم. 

 قمع الحركة الإصلاحية

في 1974، وبموافقة أمير دبي آنذاك، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، تم تسجيل منظمة (الإصلاح والتوجيه الاجتماعي) المعروفة باسم “الحركة الإصلاحية” لأول مرة في الإمارات كمنظمة حكومية مدنية.
وواصلت حركة الإصلاح أنشطتها لأكثر من 20 عاما في المجالات الرياضية والثقافية والأعمال الخيرية، كما بدأت أنشطة سياسية، وكان الهدف من الحركة إنشاء مجلس منتخب يمثل المواطنين بشكل مباشر.
وفي 1994 أبعدت الحكومة أعضاء مجلس إدارة الحركة الإصلاحية، بسبب مطالباتهم بإصلاح سياسي، وعينت مجلسَ إدارةٍ جديداً، وتم تقييد جميع أنشطة الحركة داخل الإمارات.
وجرى استبعاد المنتسبين إلى الحركة من وظائفهم، وفي مقدمتهم العاملون  في المجال الأكاديمي والإعلام والصحة.
وفي مارس/ آذار 2011، اعتقلت السلطات الشيخ سلطان بن كايد قاسمي، رئيس الحركة، لتوقيعه طلبا لإصلاح الهيكل السياسي بالبلاد. 

ثورات الربيع العربي

وبعد ثورات الربيع العربي، تم اعتقال وسجن نحو 60 آخرين من أعضاء الحركة الإصلاحية.
وأطلقت السلطات الإماراتية حملة لتشويه الحركة أمام الرأي العام، وزعمت أنهم يشكلون “خطرا استراتيجيا على الأمن في البلاد” بسبب ارتباطهم بجماعة الإخوان المسلمين.
ووفقا لتقرير أعده البرلمان الأوربي، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، فإن حركة الإصلاح ليس لديها دعم خارجي أو جناح مسلح، وترفع حزمة مطالب مشروعة، كالإصلاح السياسي، وإنشاء برلمان منتخب.
وقال إنها تتعرض باستمرار لاتهامات من الدولة بزعم أنها منظمة مدعومة من الخارج، ولها جناح مسلح وأنشطة سرية.
بعد فترة الربيع العربي خاصة، قامت إدارة أبو ظبي، التي تنتهج سياسة قمعية تجاه المنظمات والمدنيين المطالبين بوجود معارضة وإجراء إصلاح سياسي، برفع دعوى قضائية ضد 94 شخصًا وقعوا على إعلان “الإصلاح الديمقراطي”، عام 2013.
ووفقا لتقرير منصة الحملة الدولية للحرية في الإمارات (ICFUAE)، ومقرها في إنجلترا، تم اتهام النشطاء الـ94، وهم طلاب وأكاديميون وصحفيون ومدرسون، بـ”محاولة الإطاحة بالحكومة”، في 27 يناير/ كانون الثاني 2013.
وأُدين 69 من النشطاء، وحُكم عليهم بالسجن بين 7 سنوات و15 سنة.. ويفيد التقرير بأن بعض المدانين لم يُفرج عنهم حتى الآن، رغم انتهاء فترة عقوباتهم.

الناشط الحقوقي الاماراتي أحمد منصور
 استهداف حقوقيين وأكاديميين

في مارس/آذار 2017، تم اعتقال أحمد منصور، وهو ناشط إماراتي مدافع عن حقوق الإنسان وحاصل على جائزة “مارتن انالز” الحقوقية الدولية، بتهمة “نشر معلومات تضر بالوحدة الوطنية، على وسائل التواصل الاجتماعي”.
لمدة عام تقريبًا بعد اعتقاله، لم يتم الكشف عن مكان احتجاز منصور، ثم أُعلن أنه حُكم عليه بالسجن 10 سنوات، في 27 مايو/أيار 2018.
وفي أغسطس/آب 2015، اُعتقل بشكل تعسفي ناصر بن قيس، وهو أكاديمي بارز وجه انتقادات للمسؤولين الإماراتيين والمصريين، ولم يتم تحديد مكان احتجازه.
ولم يتم تقديم بن قيس إلى المحكمة، إلا بعد عامين على اعتقاله، وذلك في مارس 2017، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات.

غوانتانامو الإمارات

يتم احتجاز المفكرين والنشطاء في سجن “الرزين” الذي يخضع لإجراءات أمنية مشددة للغاية، ويقع على بعد 120 كم من أبو ظبي.
وبحسب تقرير الحملة الدولية للحرية في الإمارات، فإن هذا السجن يوصف بأنه “غوانتانامو الإمارات”، في إشارة إلى السجن الأمريكي السيئ السمعة.
وأفاد التقرير بأن السجن الموجود وسط الصحراء يسجل درجات حرارة قياسية في أشهر الصيف، وأقل بكثير من حيث المعايير التي حددتها الأمم المتحدة للسجون.
وتابع أنه يتم اختيار الحراس غالبا من دول أجنبية وغير الناطقة بالعربية، مثل نيبال، وأن السجناء في “الرزين” يتعرضون للتعذيب الشديد، ولا يُسمح لهم حتى بأداء صلاة الجمعة في جماعة.

المصدر : الأناضول