“الذباب الإلكتروني الإماراتي” يستهدف المغرب.. ما السبب؟

رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني في مداخلة برلمانية
رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني

بينما دول العالم منشغلة بمكافحة فيروس كورونا، شن الذباب الإلكتروني الإماراتي، هجمات منظمة على الحكومة المغربية، ورئيسها سعد الدين العثماني، متهمة إياها بالفشل في مواجهة الوباء.

فخلال الأيام القليلة الماضية، تجاوزت الهجمات والشائعات المستهدفين الاعتياديين لهما، وهما قطر وتركيا، لتصل إلى المغرب، باتهام حكومة العثماني بعدم توفير احتياجات المواطنين في ظل الوباء، بل واعتبار أن المملكة مقبلة على مجاعة، وفق إعلامي وباحث مغربيان.

وأثارت تلك الهجمات، بما تحمله من شائعات، سخطا شديدا لدى الأوساط المغربية، وأطلق مغاربة وسما (هاشتاغ) على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “شكرا العثماني”، تصدر قائمة الوسوم في الممكلة، دفاعا عن أداء الحكومة في مواجهة الوباء.

وسجل المغرب 6281 حالة إصابة بكورونا، بينها 188 وفاة، و2811 حالة شفاء، بينما سجلت الإمارات 18 ألفا و878 إصابة، توفي منهم 201، وتعافى 5 آلاف و381

أزمة غير معلنة

تأتي تلك الهجمات الإلكترونية وسط أنباء مستمرة عن اندلاع أزمة غير معلنة بين الرباط وأبو ظبي.

وبدأت بوادر هذه الأزمة مطلع العام الماضي، عقب إعلان المغرب على لسان وزير خارجيته ناصر أبو ريطة، في لقاء مع قناة الجزيرة لأول مرة رسميًا أن الرباط انسحبت من التحالف السعودي الإماراتي في اليمن.

ويدعم هذا التحالف منذ عام 2015، القوات الموالية للحكومة اليمنية ضد مسلحي جماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ 2014، بدعم من إيران التي تصارع الرياض على النفوذ في دول عربية عديدة.

وطفت على السطح أخبار تداولتها مواقع مغربية تفيد بسحب الرباط سفيرها وقنصليْها في الإمارات؛ بسبب عدم تعيين سفير إماراتي في الرباط بعد عام من خلو  المنصب.

وحسب تلك المواقع، فإن الرباط قامت أيضا بإفراغ سفارتها في أبو ظبي من جميع المستشارين والقائم بالأعمال؛ مما قلل من تمثيلها الدبلوماسي بشكل كبير.

صراع غير مسبوق

ويرى عبد الصمد بنعباد، إعلامي وباحث مغربي في التواصل السياسي، أن هجمات الذباب الإلكتروني الإماراتي على المغرب تعكس مستويات غير مسبوقة من الصراع بين البلدين.

ويضيف بنعباد أن هذا الصراع يرجع إلى الاستقلالية العلنية التي يتبناها المغرب عن القرار السعودي الإماراتي.

ويذكر أن المغرب هو الدولة الوحيدة التي انسحبت من تحالف اليمن، وأعلنت ذلك، وهو ما لم يرق للإمارات.

بينما يعتبر عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات (غير حكومي)، أن الهجمات الأخيرة على المغرب تقف خلفها جهات معينة في الإمارات (لم يسمها) لا يروقها موقف الرباط من الأزمة الخليجية.

وقطعت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين، في 5 يونيو/ حزيران 2017، علاقاتها بقطر ، ثم فرضت عليها إجراءات عقابية؛ بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الدول الأربع بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

ويقول البلعمشي: لا يمكن اعتبار هذا الهجوم موقفا رسميا للإمارات، لكن سكوت هذه الدولة على التمادي في تلك الإساءات يثير نوعا من الشكوك في  إمكانية أن يكون موجها من الدولة.

ويستطرد: يجب على الدولة الإماراتية رفض هذه التصرفات؛ لأنها تسيء لها وللعلاقات بين البلدين.

لغة غير دبلوماسية

ويصف بنعباد الهجوم على المغرب بـأنه خروج عن الأعراف الدبلوماسية، واستهداف بوسائل لا تنتمي إلى القنوات الرسمية.

ويتابع موضحًا أن الإمارات بدأت، بعد حصار قطر 2017، تستخدم هذه الطريقة في استهداف الدول التي تعارض توجهات أبو ظبي.

ويردف: كل دولة تقف في وجه التوجه الإماراتي تعرض نفسها لهجوم من قبل الذباب الإلكتروني الإماراتي والإعلام التابع لها، ومن بين ركائزه السوشيال ميديا.

توقيت مقصود

جاء الهجوم على المغرب في وقت تشهد فيه المملكة، كغيرها من الدول، حالة غير مسبوقة من الإجراءات الاستثنائية للحد من انتشار كورونا.

ومن أبرز هذه الإجراءات، إعلان السلطات المغربية في 20 مارس/ آذار الماضي حالة الطوارئ الصحية لمدة شهر، وتقييد الحركة في المملكة، ثم تمديدها لشهر آخر.

ويعتبر بنعباد أن توقيت الهجوم مقصود لضرب حالة الإجماع الوطني بالمغرب في ظل انتشار جائحة كورونا.

ويمضي قائلا: حاول الذباب الإماراتي اللعب على وتر التفرقة الحزبية بتوجيه الهجوم نحو شخص رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (إسلامي)، قائد الائتلاف الحكومي.

وتواجه الإمارات اتهامات في دول عربية عديدة بالعداء والعمل على إفشال قوى الإسلام السياسي، خوفا من تأثير نجاحها المحتمل على نظام الحكم الإماراتي، وهو ما تنفيه أبو ظبي.

ويقول بنعباد إن رد فعل النشطاء المغاربة كان قويا وحازما على هذه الهجمة، وأطلقوا وسما هاتشاغ بعنوان شكرا العثماني.

ويشدد البلعمشي على أن الهجمة على المغرب أمر مؤسف، خاصة في ظروف تتطلب تعاونا بين الدول.

وعن مدى تأثير هذه التصرفات على العلاقات الرسمية بين البلدين، يعتبر أنها لن تكون ذات تأثير قوي على العلاقات الدبلوماسية ما دامت هذه الإساءات خارج حدود ما هو رسمي.

المصدر : الأناضول