شاهد: أزمة في نقل جثث ضحايا كورونا في نيويورك.. والأطباء يعانون

يشعر الأطباء وطواقم التمريض بالولايات المتحدة، الذين يتصدون لفيروس كورونا الذي أصاب عشرات الآلاف وأودى بحياة المئات، بالصدمة من حجم الضرر الذي يلحقه الفيروس بالمرضى وأسرهم وبهم.

وفي نيويورك تسببت جائحة فيروس كورونا التي اجتاحت العالم بأزمة في دفن جثث الموتى بسبب الزيادة الكبيرة في عدد الوفيات بالولاية والتي تجاوزت ال 3 آلاف حالة وفاة.

وتشكو وكالات دفن الموتى من الطلبات الكثيرة التي تصلها، والتي أربكت عملها، فيما يخص عمليات الدفن، ما دفع السلطات لتخصيص مساحات جديدة لدفن الموتى لمقابلة الطلب المتزايد. 

وأكدت مديرة إحدى الوكالات أن الطلب الحالي يفوق ما حدث في 11 سبتمبر 2011، بعد الهجمات الشهيرة والتي أدت لمقتل أكثر من 3 آلاف شخص.

وتختار غالبية سكان نيويورك حرق جثث الموتى على الدفن، لكن المدينة الأمريكية الأكثر اكتظاظًا بالسكان لديها أربع محرقات فقط، وقال المديرون في موقعين من تلك المواقع إن عبء العمل اليومي قفز بصورة كبيرة.

وأدى التراكم في كميات الجثث، إلى تأخير عمليات الحرق، ما دفع المسؤولين إلى استخدام شاحنات مبردة وخيام قرب المستشفيات لوضع الجثث، في وقت يتوقع فيه ارتفاع الأعداد.

وتسببت الإجراءات التي اتخذت لوقف انتشار الوباء في إلحاق الضرر النفسي أيضا بذوي الضحايا الذين يضطرون إلى اختصار مراسم الوداع لأحبائهم.

معاناة الأطباء

وصف أطباء وأفراد من طواقم التمريض إحباطهم من نقص المعدات ومخاوفهم من نقل العدوى إلى أسرهم ولحظات اليأس الشديد التي مروا بها وانهمرت فيها دموعهم.

تقول إحدى الطبيبات، إنها تبدأ يومها بتلاوة الصلاة أثناء توجهها لعملها، قبل أن تدخل إلى ما تصفه بأنه “ساحة حرب طبية” وأحيانا لا تستطيع كبح دموعها في نهاية نوبة عملها، التي كثيرا ما تتجاوز مدتها المقررة.

وقالت “نحاول الاستمرار دون أن نغرق.. نحن خائفون. نحاول أن نحارب من أجل حياة الآخرين، لكننا نحارب من أجل حياتنا أيضا”.

وهناك شح في إمدادات اسطوانات الأكسجين وأجهزة التنفس الصناعي، كما أن المساحة باتت محدودة في مستشفى بروكديل ومستشفى سانت بارناباس في برونكس اللذين تعمل فيهما الطبيبة.

وتشعر الطبيبة -موليت- بأن الأمر يعنيها عندما ترى المرضى وهم يعانون، وهي تعلم أنها قد لا تملك ما يكفي من موارد لتساعدهم، بينما تتساءل إحدى ممرضات قسم الطوارئ في مستشفى نورثويل هيلث في منطقة مدينة نيويورك إلى متى يمكنها التحمل.

وبعد رؤية مرضى وحالتهم تتدهور على مدى أيام ومشاهدة العاملين في الرعاية الصحية والأقارب وهم ينفجرون بالبكاء، تناقش الممرضة، وهي أم لطفل، مع زوجها ما إذا كان ينبغي أن تترك عملها الذي تمارسه منذ أكثر من عشر سنوات.

وقالت الممرضة، التي اشترطت عدم نشر هويتها، إنها ترى الناس وهم يوصلون مريضا من أقاربهم وينصرفون مودعين، وأضافت “لا يمكننا أن نخبرهم بأنه قد يكون الوداع الأخير”.

وأضافت” الناس ينهارون.. الجميع خائفون جدا من الإصابة بالعدوى.. أحس بأن الكثير من العاملين يشعرون بالهزيمة”.

وقالت إنها لم تكن قلقة على سلامتها في البداية لأن المرض كان يبدو مميتا بالنسبة لكبار السن ومن يعانون من أمراض، غير أن ثقتها تبددت بعدما رأت حالات خطيرة متزايدة من المرضى الشبان.

وقالت الممرضة “الآن يجعل احتمال الموت أو التنفس بمساعدة أنبوب الذهاب إلى العمل- عملها- أصعب”.

نيويورك تعيش واقع انتشار فيروس كورونا
عمل مختلف

بدأت ممرضة في سياتل إجراء الفحوص لمرضى قد يكونون مصابين بفيروس كورونا عند بوابة المستشفى، وهي وظيفة تختلف عن عملها الأصلي.

 وقالت إنها لا تتحدث عن عملها الجديد في المنزل حتى لا يشعر أطفالها، وهم في سن الذهاب إلى المدرسة، بالقلق، في حين لا يفهم زوجها طبيعة عملها ويطلب منها رفض المهام الي قد تعرضها للخطر.

وقالت “ما أفكر فيه هو أن الأمر ليس آمنا” لكنها تخشى عزلها عن أسرتها إذا أصيبت بالفيروس، وقالت “سأعيش في سيارتي إذا اضطررت لهذا، لن أنقل المرض لأسرتي”.

وتحدثت الممرضة التي طلبت عدم نشر هويتها، عن أنه طُلب منها في آخر نوبة عمل إعطاء مرضى تظهر عليهم أعراض الإصابة بالفيروس مناديل ليغطوا وجوههم بدلا من الكمامات.

وقالت إنه طلب منها ألا تضع كمامة هي أيضا، إلا أنها تجاهلت الأمر ووضعت كمامة لكنها كانت قلقة من أن ينفذ العاملون الأقل خبرة هذا التوجيه.

وقالت “نقف أمام وجوههم مباشرة لقياس درجة حرارتهم لأننا لا نملك أجهزة لقياس الحرارة بالأشعة تحت الحمراء من على بعد ستة أقدام”.

وألقت بالمسؤولية على الحكومة لأنها لا تبذل المزيد من الجهد للاستعداد والتنسيق. وأضافت “لا ينبغي أن يموت الناس بسبب سوء التخطيط”.

هدوء.. مخيف

تقول الممرضة أنجيلا (49 عاما) إن غرفة الطوارئ في المستشفى الذي تعمل فيه بالقرب في متشيغان هادئة على نحو مخيف، وأضافت “نقول جميعا إنه الهدوء الذي يسبق العاصفة”.

وأضافت أن المصابين بالفيروس الذين يفدون إلى المستشفى يكونون”مريضين جدا” بمرض كوفيد-19 الذي يصيب الجهاز التنفسي و”تتدهور حالاتهم بسرعة كبيرة”.

وتتقبل أنجيلا احتمال إصابتها ومعظم زملائها بالمرض، لكنها قلقة على ابنتها وأختها، وهما ممرضتان، كما أنها تخشى نقل العدوى إلى زوجها الذي يبلغ من العمر 58 عاما.

وأرسلت ابنة أنجيلا أطفالها الثلاثة، وأحدهم عمره 18 شهرا ومريض الربو، للعيش مع والدهم حتى لا تنقل العدوى إليهم، في حين فعل الكثير من زملائها الشيء نفسه.

ويتحدث بعضهم عن الاستقالة لأنهم يشعرون بأنهم بلا حماية، غير أن أنجيلا قالت لمن يفكر في الأمر “عليك تذكر، ماذا لو أصيب طفلك أو أمك المرض، من سيعتني بهما عندما تنقلينهما إلى المستشفى إذا غادرنا جميعا”؟

المصدر : وكالات