لمن يصوت مسلمو أمريكا في الانتخابات؟ وما مدى تأثيرهم على النتيجة؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترمب(يسار) المرشح الديمقراطي جو بايدن

رغم انخفاض نسبتهم مقارنة بعامة السكان، يبرز المسلمون الأمريكيون كأقلية يمكنها تغيير مصير الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والمقرر أن تجري اليوم الثلاثاء.

ووفقا لاستطلاعات الرأي ومحللي الانتخابات، تمتلك الجالية المسلمة خلال الانتخابات الرئاسية الحالية، فرصة تاريخية للتأثير على نتائجها، لاسيما في ولايات ميشيغان وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا ونورث كارولاينا، وهي الولايات الحاسمة التي ستحدد مصير الانتخابات.

ويتنافس في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، الرئيس الحالي المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترمب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن.

بايدن

ووفقا للاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، وهو أحد أكبر المنظمات غير الحكومية الإسلامية في الولايات المتحدة، تعتزم 71 بالمئة من الجالية المسلمة التصويت لمرشح الرئاسة الديمقراطي بايدن.

وأضاف الاستطلاع، أن حوالي 18 بالمئة فقط من الناخبين المسلمين، أعربوا عن رغبتهم في التصويت لترمب.
وأُجري هذا الاستطلاع على الناخبين المسلمين، بعد المناظرة الانتخابية الأولى بين ترمب ومنافسه بايدن، في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي.

مسلمون يرفعون لافتات لحملة جو بايدن داخل المركز الإسلامي في ولاية أيوا في فبراير الماضي (غيتي)

وأشار إلى أن 89 بالمئة من الناخبين المسلمين المسجلين، يعتزمون المشاركة في عملية التصويت، بينما ما يزال 11 بالمئة مترددين بشأن الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

ولفت الاستطلاع إلى أن الناخبين المسلمين ورغم تأييدهم لبايدن، إلا أنهم أعربوا عن قلقهم بشأن النهج الذي سيتبعه بايدن في الشرق الأوسط إذا تولى رئاسة الولايات المتحدة.

لمحة عامة

أظهرت دراسة أجراها مركز “بيو” الأمريكي للأبحاث عام 2017 أنه يوجد حوالي 3.45 ملايين مسلم في الولايات المتحدة، وهو ما يمثل حوالي 1.1 في المائة من السكان في البلاد.

وتوقعت نفس الدراسة أن يتجاوز عدد السكان المسلمين في الولايات المتحدة، بحلول عام 2040، عدد السكان اليهود، ليصبحوا ثاني أكبر مجموعة دينية في البلاد بعد المسيحيين.

وأشارت إلى أن نسبة السكان المسلمين في الولايات المتحدة ليست كبيرة بشكل عام في الوقت الحالي، لكن تركزهم في المدن الكبرى والولايات الحرجة يجعلهم أقلية تستطيع أن تؤثر على نتيجة الانتخابات بشكل مباشر.

فعلى سبيل المثال، هناك ما يقرب من 270 ألف مسلم في ميشيغان، إحدى الولايات المتأرجحة، ورغم أن هذا العدد يمثل 2.75 في المئة من سكان الولاية، إلا أنه يمتلك القدرة على تغيير التوازنات في صندوق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية والعامة.

تأثير 11 سبتمبر

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، أثّر ربط المسلمين بـ”الإرهاب” والحروب ضد الدول ذات الغالبية المسلمة، وخاصة أفغانستان والعراق، على موقف المسلمين في الولايات المتحدة من الحياة السياسية والمشاركة في التصويت والانتخابات.

فقبل 11 سبتمبر، وقف 80 بالمئة من المسلمين على مقربة من الحزب الجمهوري لأسباب دينية وأخلاقية، وبعد 11 سبتمبر، تحولوا إلى الحزب الديمقراطي بعد تزايد نسبة العنصرية ومناهضة المسلمين في المجتمع.

وبينما صوت 70 بالمئة من المسلمين لصالح جورج بوش، عام 2000 ضد المرشح الديمقراطي آل غور، انخفضت نسبة الذين صوتوا لبوش في الانتخابات بعد 4 سنوات لأقل من 4 بالمئة من نسبة المسلمين.

وازداد توجه الناخبين المسلمين نحو الحزب الديمقراطي، مع باراك أوباما في انتخابات 2008، وقدم المسلمون تأييدا بنسبة 82 بالمئة لهيلاري كلينتون ضد ترمب في انتخابات 2016. 

النائبتان المسلمتان بالكونغرس رشيدة طليب وإلهان عمر

ومنحت مشاركة امرأتين مسلمتين من ولاية مينيسوتا، وهما إلهان عمر من أصل صومالي ورشيدة طليب من أصل فلسطيني، من الحزب الديمقراطي لأول مرة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، المسلمين الثقة بالنفس وأهمية المشاركة في العملية السياسية.

ومنذ ذلك التاريخ، بدأ سياسيون ومرشحون عن الحزب الديمقراطي بالظهور في أنشطة ومساجد الجالية المسلمة من أجل الوصول إلى هذه الكتلة من الناخبين الذين طالما تركوا على الهامش في المعادلة الانتخابية.

وزن الأصوات

أظهر استطلاع أجراه هذا الصيف، مركز “سياسة الهجرة الأمريكية” في جامعة كاليفورنيا، القوة التي تمتلكها الأصوات الانتخابية للجالية المسلمة في ولايتي أريزونا وجورجيا، وهما ولايتان حاسمتان في الانتخابات الرئاسية.

ولفت الاستطلاع إلى أن “أهمية الناخبين المسلمين بدأت بالتزايد بالنسبة لنتائج الانتخابات الرئاسية والسياسة الأمريكية في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2020”.

وبحسب نتائج الاستطلاع، يعيش ما يقرب من 60 ألف مسلم في كل من ولايتي أريزونا وجورجيا، وهذه النسبة لها قوة يمكنها بسهولة تغيير التوازنات في الانتخابات، خاصة بين الرئيس الجمهوري ترمب وخصمه الديمقراطي جو بايدن. 

وأشار إلى أن فلوريدا، وهي أحد الولايات المتأرجحة، يسكنها نحو 150 ألف ناخب مسلم، وقال “بالنظر إلى أن فارق الأصوات بين المرشح الديمقراطي آل غور، والمرشح الجمهوري جورج بوش كان 537 فقط في الانتخابات الرئاسية عام 2000، فإن أهمية الناخب المسلم في تغيير توازنات الانتخابات الرئاسية باتت واضحة تماما”.

ويعيش حوالي 128 ألف ناخب مسلم مسجل في ولاية بنسلفانيا، وهي واحدة من أكثر الولايات أهمية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وفي انتخابات 2016، فاز ترمب بـ44 ألف صوت انتخابي فقط في هذه الولاية ضد منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وفاز بجميع المندوبين العشرين في الولاية.

وحسب مصادر محلية، هناك ما يقرب من 30 ألف ناخب مسلم في ولاية كارولينا الشمالية مع 15 مندوبا.

موقف المسلمين

يرغب المسلمون في الولايات المتحدة في رؤية رئيس في البيت الأبيض، يعترف بالحقوق الإنسانية والمدنية للمسلمين في قضايا مثل العنصرية والتمييز والهجرة والحرية الدينية.

والناخبون المسلمون، الذين يرون أنفسهم أقلية مستهدفة من العنصرية إلى جرائم الكراهية، يتدافعون إلى صناديق الاقتراع لإظهار أنهم جزء من المجتمع الأمريكي من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية.

ووفقا لبحث أجراه معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم الأمريكي (ISPU)، خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية هذا الصيف، تم تسجيل مشاركة 78 بالمئة من الناخبين المسلمين في عملية التصويت، بعد أن كانت 60 بالمئة فقط في انتخابات عام 2016.

وبينما شعر المسلمون ولسنوات عديدة، أنهم أقرب للحزب الجمهوري من حيث القيم الدينية والعائلية والثقافية في قضايا مثل الإجهاض والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية، إلا أنهم يتبنون آراء الحزب الديمقراطي في قضايا اجتماعية مثل العنصرية والهجرة والتسليح.
ويعتقد المسلمون أن نهج الجمهوريين في المجال الاقتصادي، وترمب على وجه الخصوص، سيكون أفضل، لكنهم في الوقت ذاته يشعرون بأنهم مستبعدين من قبل الجمهوريين في المجال الاجتماعي.

المصدر : الأناضول