“الوفاق الليبية” تفضح فرنسا بسبب دعمها لحفتر.. ما النتائج؟

لقاء ماكرون وحفتر في فرنسا في يوليو/ تموز 2017

أثار الوجود الفرنسي عسكريا وسياسيا بجانب اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر منذ ظهوره في المشهد العام في ليبيا، عدة تساؤلات عن مصالح “باريس” مع الجنرال الرافض لحكومة الوفاق.

التفاصيل
  • حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، المعترف بها دوليا، صعدت من جانبها ضد “فرنسا” ووجهت لها اتهامات رسمية ولأول مرة بأن لها مواقف “غامضة” من أزمة ليبيا، وأنها الداعم القوي الآن لحفتر في كل تحركاته التي أفسدت العملية السياسية، وأن هذا الدعم جعل الأخير يتنصل من أي مفاوضات سابقة.
  • “السراج” اتهم رسميا الجانب الفرنسي بأنه “داعم” لحفتر وأن هذا لم يعد مخفيا، مؤكدا أن هذا الدعم هو الذي دفع حفتر إلى تنفيذ هجومه والخروج من العملية السياسية، وفق قوله.
  • وقال: “يدهشنا ويحيرنا موقف فرنسا.. فكيف يمكن لبلد يتطلع إلى الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية أن يكون له موقف غير واضح للغاية حيال الشعب الليبي، الذي يطمح إلى نفس القيم؟، مضيفا: “نحن قلقون حيال سمعة فرنسا في الرأي العام بسبب موقفها غير الواضح وعدم تضامنها معنا”، بحسب مقابلة لصحيفة “لوموند” الفرنسية.
انتهاء التفاوض:
  • رئيس حكومة الوفاق، استنكر بقوة موقف المجتمع الدولي من العدوان الذي تشنه قوات “حفتر” على العاصمة الليبية، واصفا إياه بأنه “رد فعل غير كاف”، مؤكدا أن إدانة هجوم قوات “حفتر” يجب أن تكون مصحوبة بإجراءات ملموسة، بما في ذلك الوقف الفوري لإطلاق النار وإعادة جميع القوات إلى مواقعها الأولية”.
  • “السراج” اعتبر أن تصاعد العنف يعيد ليبيا إلى المربع الأول، واصفا هجوم “حفتر” وقصفه العاصمة بالصواريخ ونزوح السكان بسبب أعمال العنف بأنه جريمة حرب، مؤكدا أن الصراع الآن بين مؤيدي النظام العسكري والاستبدادي ومؤيدي دولة مدنية تضمن الحريات ولا علاقة له بما يسوقه “حفتر” وحاشيته بأنه معركة ضد الإرهاب”، حسب كلامه.
  • وبخصوص التفاوض والرجوع للعملية السياسية من جديد، استبعد رئيس “الوفاق الليبية”، استئناف أي محادثات سياسية على المدى القصير، مشدداً على أنه من المستحيل تجديد الحوار السياسي في سياق هذه المعارك، موضحا أن أولوية اللحظة هي “وقف القتال ومعاناة السكان”، في إشارة لرفضه أي تفاوض يضم “حفتر”.
تصعيد وقطع علاقات
  • سبقت خطوة هجوم “السراج” واتهاماته، قرار من وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي باشاغا، بإيقاف التعامل مع الجانب الفرنسي في الاتفاقيات الأمنية والمجالات التدريبية، وكذلك أي اتفاقيات أخرى بسبب موقف الحكومة الفرنسية بدعم “المجرم المتمرد” على الشرعية، خليفة حفتر”.
  • في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، أن “اتهامات حكومة الوفاق الليبية حول دعم “باريس” للجيش (قوات حفتر)، غير صحيحة، وهو ما أكده مسئول بالرئاسة الفرنسية لوكالة “رويترز” بأنه حتى الآن “باريس” تدعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا وأنها تدعم الحل السياسي الشامل في ليبيا، ولا تعترف إلا برئيس الحكومة كمحاور شرعي”، وفق وصفه.
  • لكن هذه التصريحات “الدبلوماسية” تكذبها عدة حوادث متتالية تشير إلى دعم بشكل ما من قبل الجانب الفرنسي لحفتر وتحركاته في ليبيا وآخرها عدوانه على العاصمة “طرابلس” والذي قابله ردود باهتة من باريس والتي ادانت مثلها مثل أي دولة اخرى من باب المجاملة ورفع الحرج عنها.
  • ومن هذه الحوادث: القبض على 24 أوربيا مسلحا، بينهم 13 فرنسيا، يحملون جوازات سفر دبلوماسية اجتازوا الحدود التونسية قادمين من ليبيا، تم توقيفهم في تونس، والتي حاولت السفارة الفرنسية في تونس أن تخفي الأمر عبر رواية تم تكذيبها من قبل السلطات التونسية، حيث زعمت السفارة أن المجموعة المذكور هم من أفراد فريق الحماية الأمنية لسفيرة باريس في ليبيا”، وأن عملية نقل المجموعة جرت بتنسيق مع السلطات التونسية.
  • وزير الدفاع التونسي، عبد الكريم الزبيدي، كشف أن “مجموعة مسلّحة تتكون من 13 فرنسيا تحت غطاء دبلوماسي حاولت، اجتياز الحدود البرية، بسيارات رباعية الدفع عبر معبر رأس جدير على الحدود مع ليبيا، وأن أفراد المجموعة رفضت تسليم أسلحتها في البداية، إلا أن السلطات العسكرية في المعبر أجبرتها على ذلك”.
  • هذا التكذيب الرسمي لرواية سفارة باريس في تونس، وكذلك موقف فرنسا الباهت من عدوان “حفتر” وتراخيها في التصويت في مجلس الأمن على قرار يدين الأخير، يؤكد تناقضها وموقفها المخادع للحكومة، ناهيك أن تتحرك هي بمشروع قرار في مجلس الأمن كونها أحد الفاعليين الدوليين في الملف الليبي، إضافة إلى اتهامات مباشرة من قبل دولة إيطاليا بأن “فرنسا تخرب أي حل سياسي في ليبيا بدعمها الخفي لحفتر وتحركاته”.
أدوات التصعيد الحكومي
  • وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر أكد للجزيرة مباشر أنه “من واجب “السراج” أن يقوم بتوضيح حقيقة ما يهدف إليه “حفتر” من هجومه على طرابلس وأن الأمر كله ما هو إلا غطاء لأهدافه الحقيقية وهي العودة بالبلاد إلى حكم أسري دكتاتوري تطبيقا لأجندة إقليمية”.
  • وأشار في تصريحات خاصة إلى أن “فرنسا وخلافا لما هو متوقع منها تساند “حفتر” على مهاجمة طرابلس بنفس الطريقة التي هاجم بها القذافي بنغازي في 2011 والتي سارعت فرنسا لصده وتدميره، هذا التصرف من فرنسا يثير الاستغراب وهو مادفع “السراج” بانتقادها لموقفها المزدوج”.
  • واستدرك قائلا: “وفي الواقع إن ما صرح به “السراج” لا يرقى إلى المطالبات الشعبية والتي تطالب باستدعاء السفير الليبي وقطع العلاقات وتجميد عقود شركة “توتال” وغيرها ومنعها من أي نشاط في ليبيا”، وفق قوله.
  • أستاذ القانون الدولي بجامعة “طرابلس” الليبية، محمد بارة قال للجزيرة مباشر إن “تدخل فرنسا في ليبيا عبر الزمن هو بحثا عن مصالحها الخاصة البعيدة عن مصلحة الليبيين أنفسهم، والحقيقة أن “السراج” كان يسعى دائما إلى عدم الاصطدام بفرنسا بل وكسب ودها كونها إحد ىالدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لكن يبدو أنه مؤخرا وصل لدرجة لم يعد يستطيع فيها التوافق معها والاستجابة لأطماعها، فأعلن عن موقفه تجاهها صراحة وتجاه من تدعمه في ليبيا (حفتر)، وهذا التصعيد يحمل رسالة مفادها أن ليبيا دولة ذات سيادة وينبغي التعامل معها على هذا الأساس”، وفق تقديره.
  • لكن وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي والمؤيد لهجوم حفتر على طرابلس رأى أن “هجوم “السراج” واتهاماته لفرنسا هي محاولة منه لكسب رضا حليفته إيطاليا التي تنافس فرنسا في تولى الشأن الليبي، وقد وجد رئيس الحكومة فرصته في تأييد “فرنسا” للجيش (قوات حفتر) في القضاء على “الميليشيات” المسيطرة على “طرابلس” والتي تمولها “روما” خاصة “العصابات” التي تتبع مدينة “مصراتة” (غرب ليبيا) ويخشاها “السراج” نفسه، في حين يؤيدها وزير داخليته فتحي باشاغا”، حسب تصريحاته للجزيرة مباشر.
  • المستشار السياسي السابق لحفتر، والمحلل السياسي الليبي المقيم في الولايات المتحدة، محمد بويصير كشف للجزيرة مباشر أنه “ومجموعة معه سيقومون بتحديد التعويضات المستحقة للمواطنين الليبيين الذي تأذوا من محاولة “الانقلاب” التي قام بها “حفتر” وأنهم سيفرضون الحراسة القضائية على مصالح فرنسا الحالية في ليبيا ومنها مبلغ نصف مليار دولار، كونها دولة متآمرة وداعمة لهذا الانقلاب”، حسب قوله.
  • “وأنهم سيسعون لفرض حراسه قضائية على شركة توتال التي تفوق نصف مليار دولار، كونها دولة متآمرة وداعمة لهذا الانقلاب” كما صرح.
  • الباحث السوداني المتخصص في الملف الليبي، عباس صالح قال للجزيرة مباشر إن “تعثر عدوان “حفتر” على طرابلس ومشروعه ككل هو فرصة كبرى أمام حكومة السراج لتجريم فريق “حفتر” وداعميه الدوليين، وليس أمام الحكومة سوى بالتمسك بالآليات الدبلوماسية والإعلامية لفضح القوى المتواطئة مع “حفتر” وتخريبه للعملية السياسية في ليبيا.
المصدر : الجزيرة مباشر