رويترز: حميدتي جمع ثروة من الذهب وصدر لشركة في دبي

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مع قواته

قال تقرير لوكالة رويترز للأنباء إن قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو(حميدتي) يمتلك مع أسرته شركة تنقل سبائك ذهب بملايين الدولارات إلى دبي.

نقل سبائك ذهب بملايين الدولارات إلى دبي
  • التحقيق وجد أن حميدتي في الوقت الذي كان يتهم فيه رجال الرئيس السوداني المعزول عمر البشير بالتربح على حساب الشعب كانت شركة تملكها أسرته تنقل سبائك ذهب بملايين الدولارات إلى دبي.
  • قال مسؤولون حاليون وسابقون ومصادر من قطاع الذهب إنه في عام 2018.. عندما كان الاقتصاد السوداني ينهار، أطلق البشير يد حميدتي في بيع الذهب أغلى مورد طبيعي في السودان عن طريق مجموعة (الجنيد) التي تملكها أسرته.
  • المصادر نقلت، عن نحو ستة مصادر أن مجموعة الجنيد كانت في بعض الأحيان تتجاوز قواعد البنك المركزي المنظمة لتصدير الذهب وفي أحيان أخرى كانت تبيعه للبنك المركزي نفسه بسعر تفضيلي.
  • ألقت فواتير الطيران وقسائم الدفع التي اطلعت عليها رويترز، الضوء على تعاملات الجنيد- وهو ما يعتبر سرًا مصانًا في بلد يعيش ثلثا سكانه تحت حد الفقر.
  • تظهر وثائق تغطي أربعة أسابيع من نهاية العام الماضي أن مجموعة الجنيد أرسلت ما قيمته نحو 30 مليون دولار من سبائك الذهب إلى دبي وهو ما يزن نحو طن من الذهب.
  • ردا على طلب رويترز التعليق على هذا التقرير، نفي مكتب حميدتي أي صلة بين “القائد” وبين مجموعة الجنيد، غير أن عبد الرحمن البكري المدير العام لمجموعة الجنيد قال في مقابلة منفصلة إن الشركة مملوكة لعبد الرحيم شقيق حميدتي ونائب قائد قوة الدعم السريع.
  • رغم ذلك أكد البكري عدم وجود أي صلة بين الجنيد وحميدتي وقواته التي انبثقت عن ميليشيا في دارفور لتصبح أقوى قوة أمنية في السودان.
  • قال البكري لرويترز في مقر الشركة شديد التحصين “الجنيد أبعد ما يكون عن قوة الدعم السريع” وأطلع رويترز على وثائق تسجيل ورد فيها اسم عبد الرحيم باعتباره المالك.
  • أقرّ البكري بأن مجموعة الجنيد صدّرت الذهب لدبي في أواخر 2018 لكنه قال إنها قامت بذلك بناء على طلب من جهاز مخابرات البشير، ونفى أن تكون الشركة قد باعت الذهب للبنك المركزي بسعر تفضيلي.
نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو
 البشير وحميدتي.. (حمايتي)
  •  تُظهر سيطرة حميدتي على قطاع الذهب الحيوي في السودان نطاق التحديات أمام إصلاح الاقتصاد الذي دمره سوء الإدارة والفساد والحروب على مدى عقود.
  • بدأت حياته العملية كرجل ميليشيا في دارفور الغربية حيث حمل متمردون السلاح في وجه الخرطوم في 2003. وحشد البشير عدة قوات لسحق التمرد وفي القتال الذي أعقب ذلك قُتل نحو 300 ألف شخص وفر أكثر من مليونين من ديارهم.
  • تبرأت الحكومة من المقاتلين “المخالفين للقانون” الذين قتلوا مدنيين لكن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال للبشير في جرائم حرب وفرضت الولايات المتحدة المزيد من العقوبات الاقتصادية على حكومته.
  • في دارفور اكتسب حميدتي سمعة قائد بلا رحمة وخادم مخلص للبشير، وأطلق عليه البشير لقب “حمايتي” وبعد أن استولى حميدتي على مناجم الذهب في منطقة جبل عامر في دارفور سمح له البشير بالاحتفاظ بجائزته.
  • قال أمجد فريد السياسي والناشط المدافع عن الديمقراطية “أصبح الملك الجديد لجبل عامر وذهبه” وأضاف “بالنسبة للبشير كان ولده المخلص والقوة التي تحميه”.
الرئيس السوداني المخلوع ( يسار) ومحمد حمدان دقلو
منجم جبل عامر
  • سيطر حميدتي وقواته بشكل كامل على مناجم جبل عامر في عام 2017.. العام الذي بدأت فيه الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على السودان، ولم يواجه عقبات تذكر في توسيع أعماله من دارفور إلى جنوب كردفان ومناطق أخرى في البلاد.
  • تعاملت مجموعة الجنيد مع عمال مناجم فقراء يستخدمون الزئبق السام في استخراج الذهب ما ينطوي على خطر كبير على صحتهم، والتربة المتبقية المعروفة باسم “الكرته” ينقل بعضها لمنشآت المجموعة حيث تعالج بالسيانيد لجمع ما تبقى بها من ذهب.
  • وضعت هذه الممارسات مجموعة الجنيد في بعض الأحيان في صراع مع السكان المحليين، وفي أكتوبر تشرين الأول أضرم سكان قرية تولادي في جنوب كردفان النار في مقر للمجموعة واتهموا الشركة بنهب ذهبهم وتلويث تربتهم.
  • قال البكري المدير العام للمجموعة “سكان جنوب كردفان يجب أن يشكروا الجنيد” على كل ما قامت به من أجل المنطقة، وقدر قيمة الأضرار الناجمة عن حرق المقر بنحو ستة ملايين دولار.
قوات الدعم السريع قالت إنها عثرت على كميات من الذهب المهرب-9 مايو
معاملة خاصة.. وشركة في دبي
  •  من المفترض أن بنك السودان المركزي هو الجهة التي تشرف على صادرات الذهب لكن مسؤولين حكوميين حاليين ومسؤولا سابقا وعددا من المصادر في صناعة الذهب أبلغوا رويترز بأن البشير سمح في بعض الأحيان لحميدتي بالتملص من هذه القاعدة.
  • قالوا إن الرئيس السابق سمح لمجموعة الجنيد ببيع الذهب كيفما تشاء لأن قوات الرد السريع بقيادة حميدتي كانت تمثل قوة مضادة مهمة لكبار الضباط في الجيش الذين كان البشير يعتبرهم خطرا على حكمه.
  • أظهرت وثائق وفواتير التصدير التي اطلعت عليها رويترز، وهي تغطي مدة أربعة أسابيع في نهاية عام 2018.. أن مجموعة الجنيد كانت تنفذ أعمالا مع شركة في دبي اسمها (روزيلا).
  • عندما تواصلت رويترز مع روزيلا، أكدت الشركة أن مجموعة الجنيد كان لها تعاملات معها، وقال مسؤول في الشركة إن التعاملات بين الشركتين جرت لمدة ثلاثة أشهر في أواخر عام 2018.
  • قال البكري، مدير عام مجموعة الجنيد، لرويترز إن روزيلا هي الشركة الوحيدة التي تعاملت معها المجموعة في دبي.
  • قال مسؤولون حكوميون إنه بموجب ترتيب مع البشير، تُسلم مجموعة الجنيد بعض عائداتها من التصدير إلى الدولة لتمويل شراء الحكومة الوقود والقمح. وأكد البكري استخدام بعض عائدات بيع الذهب لشراء الوقود.
  • أضاف أن مجموعة الجنيد تجاوزت البنك المركزي لمدة ثلاثة شهور فقط في أواخر عام 2018 بناء على طلب من البشير.
سبائك من الذهب الخام يعتقد أنها معدة للتهريب ضبطتها السلطات
الدعم السريع يقاتل مع التحالف السعودي الإماراتي
  • غير أن مسؤولًا حكوميًا كبيرًا قال لرويترز إنه لا توجد أي سجلات رسمية تثبت أن مجموعة الجنيد أعطت أموالا للدولة، وأضاف أن حميدتي استخدم عائدات صادرات الذهب لشراء أسلحة للبشير ولنفسه.
  • تابع قائلًا إن حميدتي ضخ ما يقدر بملايين الدولارات لشراء أسلحة ومركبات لقوات الدعم السريع التي تجوب الشوارع بسيارات دفع رباعي مزودة بقذائف صاروخية ومدافع رشاشة.
  • قال عبد المنعم الصديق رئيس شعبة مصدري الذهب في السودان إنه حتى إذا باعت مجموعة الجنيد الذهب إلى البنك المركزي، كما هو من المفترض، فإنها حصلت على سعر تفضيلي، وهو ما نفاه البكري.
  • تشكل قوات (الدعم السريع) التي يبلغ قوامها عشرات الآلاف من الجنود، قاعدة نفوذ حميدتي، فهي منتشرة في أنحاء السودان لحماية مناجم الذهب والمباني الاستراتيجية، ويقاتل الآلاف منهم لصالح السعودية واليمن في الحرب الأهلية باليمن.
  • المقاتلون الذين يقودهم حميدتي موالون له بشدة، وقال أحدهم، طالبا عدم ذكر اسمه إن حميدتي أحيانا يتصل بالأفراد هاتفيا بنفسه وإنهم سيواصلون دعمه إلى الأبد.
  • أضاف المقاتل أنه حصل على 20 ألف دولار للقتال في اليمن لمدة ستة أشهر، في حين يعيش كثير من أهل الريف بمبلغ يقل عن عشرة دولارات شهريا.
    فوضى وتحديات
  • يواجه وزير الطاقة والتعدين السوداني، تحديا كبيرا لإصلاح قطاع صناعة الذهب، وقال إن الوزراء المتعاقبين تقاعسوا عن ضمان منح الامتيازات بشكل عادل وشفاف ما أدى إلى الفساد، مضيفا أن هذه فوضى.
  • قال إبراهيم البدوي وزير المالية، الذي قدر حجم الدعم الدولي الذي تحتاجه بلاده بما يصل إلى خمسة مليارات دولار، إن الحكومة ستعمل على إنهاء الاحتكار في قطاعات منها التنقيب عن الذهب، وأكد البكري أن مجموعة الجنيد لا تهيمن على السوق.
  • بالنسبة لكثير من السودانيين فإن حميدتي ومؤسسته رمزان لماضي البلاد القمعي والتفاوت الاقتصادي، كما أن الرجل وبحسب تقارير عديدة متورط في فض اعتصام القيادة الذي راح ضحيته العشرات.
  • روى أحد تجار الذهب لرويترز كيف أنه وقف أثناء مؤتمر خاص بالصناعة في الآونة الأخيرة ليشكو من أن شركة حميدتي العاملة في مجال الذهب أصبحت مهيمنة على هذا القطاع بشكل كبير.
  • أضاف أنه بعد ذلك بيومين، نقلته الشرطة إلى مكتب الادعاء لسؤاله عن هذا التعليق، ولم يتسن التأكد من صحة هذه الرواية بشكل مستقل بحسب رويترز.
  • في سوق الذهب بوسط الخرطوم تتلألأ لافتة إعلانية ضخمة لمجموعة الجنيد فوق صفوف من متاجر الذهب الخالية من الزبائن.
  • قال صاحب أحد المتاجر ويدعى محمد عوض إن قلة من السودانيين يمكنها شراء ذهب اليوم. وعند سؤال تاجر آخر عما إذا كانت صادرات الذهب أضرت بتجارته، أشار إلى لافتة مجموعة الجنيد فوق متجره وقال إنه يتمنى أن يغير حميدتي أساليبه ويبقي على الذهب داخل البلد.
المصدر : رويترز