“هنا لندن” للمرة الأخيرة.. راديو “بي بي سي” يودع مستمعيه بهذه الكلمات بعد بث دام 85 عاما

مع حلول الساعة الرابعة من عصر اليوم الجمعة بتوقيت مكة المكرمة، أُسدل الستار على واحدة من أشهر العبارات التي قيلت عبر الأثير في تاريخ الإذاعة “هنا لندن”، لينهي ذلك بثًّا استمر 85 عامًا لإذاعة “بي بي سي” البريطانية.

وأعلنت هيئة الإذاعة البريطانية أن يوم 27 يناير/ كانون الثاني 2023، سيكون موعد انتهاء الرحلة التي انطلقت عام 1938، وبنت خلالها الإذاعة “ثقة كبيرة” مع المستمعين إليها في العالم.

آخر ما بثه الأثير

وكان آخر ما بثه أثير إذاعة بي بي سي عربي “دعونا نجعل هذه اللحظة لحظة احتفاء وتقدير واعتزاز. احتفاء بما قدمته إذاعتنا من عطاء وإرث نفخر به جميعًا، وأيضًا بمن أسهموا في هذه المسيرة الحافلة والباقية مهما مر الزمن. نتذكر بكل الاعتزاز والتقدير من رحلوا عن عالمنا، وندعو بالصحة والعافية لرفاق المشوار، ثم لكم أنتم رصيدَنا الأكبر والأعز يا مستمعينا الأعزاء.. تحية لوفائكم ومحبتكم وإخلاصكم، كل الشكر والتقدير والامتنان على مر هذه المسيرة”.

ونوّهت الإذاعة في بيانها الختامي الذي ألقاه الإعلامي المصري محمود المسلمي، رفقة زميله المغربي نور الدين زورقي “أن ما تمتلكه الإذاعة من كنوز في الأرشيف على مدى 85 عامًا، سيكون موضع اهتمام منها لإتاحة الفرصة للجمهور من أجل الاستماع والاستمتاع به”.

ومنذ مطلع يناير الماضي، عاش مستمعو إذاعة “بي بي سي عربي” مرحلة التوقف التدريجي عن البث، الذي يكتمل انتهاؤه اليوم.

ومن المقرر أن يظل محتوى الإذاعة متاحًا عبر الموقع الإلكتروني للهيئة، ومنصات “بي بي سي” للتواصل الاجتماعي وأبرزها فيسبوك وتويتر وإنستغرام.

وكشفت الإذاعة عن قرارها بالاستناد إلى شعار “الزمن يتغير ولكن لا يتوقف”، معلنة عن بدء خطط لتسريع وتيرة تحول خدماتها صوب المحتوى الرقمي وزيادة التأثير الجماهيري في العالم، في ظل مساعٍ حثيثة من أجل توفير النفقات.

وقالت الهيئة البريطانية في عدد من بياناتها إن قرار الإغلاق “يتماشى مع التغيرات التي طرأت على احتياجات الجمهور حول العالم، وتحول المزيد من الناس صوب المنصات الإخبارية الرقمية”.

الأديب المصري طه حسين في استضافة بي بي سي العربية عام 1949 (بي بي سي)

وعلى مدى نحو تسعة عقود، رافقت الإذاعة العريقة أجيالًا عدة، ومع دقات “بيغ بن” وعبارة “هنا لندن” وأصوات مذيعيها ارتبطت في أذهان مستمعيها بذكريات خاصة، وكانت لهم المصدر الرئيسي للمعلومة والخبر والتحليل المعمق، كما استضافت أبرز المفكرين والكتاب والنجوم، ومن بينهم أم كلثوم وفاتن حمامة وفيروز وطه حسين ومحمد عبد الوهاب، وغيرهم.

المغنية اللبنانية فيروز في زيارة لبي بي سي العربية عام 1961 (بي بي سي)

يشار إلى أن خدمة “بي بي سي” باللغة العربية، التي انطلقت عام 1938، لم تقتصر على الصوت بل تعاملت مع الكلمة المكتوبة أيضًا، وذلك عبر مجلاتها الشهيرة: “المستمع العربي” و”هنا لندن” و”المشاهد السياسي”.

وتنوعت آراء المتابعين بين مؤيد للخطوة التي تتواكب مع الثورة الرقمية الحاصلة في وسائل الاتصال، وبين حزين على فقد منبر لطالما ظل مرتبطا في الوجدان العربي بالكثير من الأحداث والقضايا الهامة.

المصدر : الأناصول + الجزيرة مباشر + بي بي سي