هل يكذب “تيك توك” على الإعلام والمستخدمين بشأن “فيديوهات التسول”؟ مصدر لـ”موقع الجزيرة مباشر” يجيب

تيك توك التطبيق الأكثر تحميلا في العالم عام 2020 (غيتي)

في نهاية مايو/أيار 2017 فوجئ المجتمع التكنولوجي بإبرام صفقة بنحو مليار دولار لشراء أحد التطبيقات الناشئة حديثًا، شركة “بايت دانس” الصينية اشترت تطبيق “ميوزيكال.لي”، الذي طُرح قبلها بثلاثة أعوام فقط، ليحمل بعد ذلك اسم “تيك توك”.

سنوات قليلة كانت كافية ليحتل منصة الفيديوهات القصيرة “تيك توك”، قائمة التطبيقات الأكثر تنزيلًا على الهواتف الذكية، مزاحمًا عمالقة المجال، فيس بوك وتويتر وإنستغرام وسناب شات، بل ومتفوقًا عليهم في بعض السنوات ليحتل المرتبة الأولى من حيث عدد مرات تنزيله.

انتشر “تيك توك” مستغلًا سهولة استخدامه، وسلاسة مشاهدة مقاطع الفيديو التي تتراوح ما بين 15 و60 ثانية، وكذلك يتيح رفع مقاطع مصورة طويلة من خارج التطبيق وإمكانية البث المباشر، وتمرير ما لا يعجب المستخدم، بالإضافة لعدم وجود مساحة إعلانية إجبارية عليه، وعبر الذكاء الاصطناعي يملك التطبيق خوارزمية تتكيف بسرعة مع ما يريد المستخدم رؤيته، وفي هذه الآلية يتفوق على جميع منافسيه.

ويمتلك تيك توك، وفقًا لإحصاء أجري في يناير/كانون الثاني 2022، أكثر من 1.1 مليار مستخدم نشط شهريًا، وفقًا لموقع “بيزينس أوف آبس” (business of apps).

جذور التطبيق

“ميوزيكال.لي” كان يعتمد على مزامنة حركة الشفاه مع الأغاني فقط، لكن بعد الاستحواذ عليه توسّع ودخل إليه العديد من المحتوى المختلف والمتنوع، ما بين الهادف وغير الهادف، لكن ظل العنصر الأساس هو انتشار المقاطع التمثيلية والراقصة، وهو أمر منطقي نظرًا لجذور التطبيق.

تعرض التطبيق لمساءلات قانونية من بلدان عدة، كالولايات المتحدة وبريطانيا والهند وكذلك أوربا، وتنوعت الاتهامات بين انتهاك قوانين حماية المستهلك، لا سيما أنه أول تطبيق صيني يغزو أمريكا وأوربا، وأيضًا اتهم محتواه بعدم مناسبته للأطفال، لما يحتويه من مشاهد جنسية أو عنيفة.

على سبيل المثال، في مصر قضية باتت تعرف بـ”فتيات تطبيق تيك توك” وهنّ مجموعة من الفتيات موقوفات قضائيًا، حكم على بعضهن بالسجن والآخر بغرامة مالية كبيرة، بعدما وجهت لهن النيابة تهم “خدش الحياء والاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع المصري، واستدراج الفتيات واستغلالهن عبر البث المباشر، وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر”.

التربح من “تيك توك”

أطلق التطبيق ميزة لا توجد في منافسيه، حيث يحتوي على عملات معدنية افتراضية، يمكن جمعها إذا أصبح الشخص مؤهلًا للبث المباشر من خلال المتابعين، ثم يتم تحويلها إلى نقود حقيقية بعد انتهاء البث، يمكن صرفها من مكاتب التحويلات المالية، ولكي يصبح الشخص مؤهلًا لفتح البث يجب أن يكون عمره أكبر من 16 عامًا، ولديه ما لا يقل عن ألف متابع.

يشتري المستخدم أو ما يطلق عليه بـ”الداعم” هذه العملات الافتراضية، وتبدأ أسعارها من 1.39 دولار مقابل 100 قطعة معدنية، ويمكن إرسال هدايا يرمز لها برسوم كمكافأة لصانع المحتوى، وتتنوع هذه الهدايا بين ورود رقمية بقيمة بضع سنتات، وأسود وأكوان افتراضية تصل قيمتها إلى 500 دولار.

التطبيق كان منتشرًا بالفعل في المجتمع العربي، لكن مع إضافة ميزة التربح المادي، وجد التطبيق أرضية كاسحة في مجتمع يعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة تحُول بينه وبين تحقيق أي استقرار مادي، بالإضافة لدخول العديد من البلاد في حروب وتحول جزء كبير من مواطنيها لنازحين.

وبدلًا من اقتصار التطبيق في البداية على صغار السن والمراهقين، الذين كانوا يجدون في التطبيق ترفيهًا لهم، اتسعت الرقعة لينضم إليهم الكبار، رجالاً ونساء، بحثًا عن الشهرة والثراء السريع.

اتهامات بالاحتيال

أصبح في تيك توك مجتمع مواز، وانتقل إليه العديد من مستخدمي يوتيوب بحثًا عن التربح السريع، وقام المستخدمون ببث فيديوهات يومية تطول لساعات تعرض حياتهم الشخصية في العمل والمنزل، أو في صالات الرقص والرياضة، وأي نشاط مثير للانتباه، وأثناء البث يطالب صاحب الفيديو بالدعم والهدايا، وهو ما يعدّه بعض النشطاء تسولا إلكترونيًا.

وعندما وُجهت الاتهامات للشركة حول استغلال الأسر المحتاجة، سواء عن طريق الوسطاء الذي تنكر الشركة علاقاتها بهم، أو عن طريق نشر المحتوى عن عمد لتتربح الشركة، قالت الشركة، في إطار ردها على تحقيق أجرته “بي بي سي”، إنها ستتخذ إجراءات فورية ضد “التسول الاستغلالي”، مشددةً على أن هذا النوع من المحتوى غير مسموح به على منصتها.

وتتعاقد الشركة الأم “بايت دانس” مع شركات فرعية للقيام بهذه الأدوار، كحذف حسابات صغار السن الذين لا تتعدى أعمارهم الـ13 عامًا، والحسابات الوهمية، وكذلك أي فيديو يخالف معايير المنصة.

لا حذف لفيديوهات التسول

في هذا الصدد قال مصدر مطلع داخل إحدى هذه الشركات الموكل لها تنفيذ سياسات الشركة الأم لـ”موقع الجزيرة مباشر” إن سياسات الشركة تتضمن إزالة الفيديوهات التي تحتوي مشاهد جنسية صريحة والسلوكيات التي تعبر عن كراهية، والتنمر والأنشطة غير المشروعة، والإيذاء النفسي والانتحار، وأي فيديو يسبب أذى من أي نوع.

لكن المصدر المنوط بتنفيذ سياسات المنصة، أكد أن الشركة الأم لا تعطيهم أي تعليمات بإزالة المحتوى الذي يطالب أصحابه للهدايا أو الدعم المادي، أيًا كان، الاستثناء الوحيد فقط إذا تطرق الفيديو لأغراض جنسية صريحة، لكن ما دون ذلك وخاصة فيديوهات النازحين السوريين لا تعطي الشركة أي تعليمات بحذفهم. وذلك بالرغم من الشبهات والتساؤلات التي تتعرض لها الشركة حول إمكانية استغلال المستخدمين المحتاجين من أطراف مجهولة.

بل تسعى منصة “تيك توك”، وفقًا للمصدر، للمساعدة عبر خوارزميات التطبيق في نشر أي فيديو يطالب فيه ناشره بالهدايا، لأن جزءًا كبيرًا من أرباح الشركة في النهاية يأتي من هذا المصدر، لذلك من غير المنطقي أن تحذف الشركة فيديوهات تدر من ورائها أرباحًا ضخمة.

المصدر : الجزيرة + الجزيرة مباشر + صحف ومواقع أجنبية