“سيطعننا البرد هذا العام لكن الخبز أولى”.. الجزيرة مباشر ترصد معاناة نازحين سوريين يقضون شتاء آخر بلا تدفئة (فيديو)

أجمع نازحون سوريون في أحد مخيمات إدلب على أن فصل الشتاء المقبل سيكون قاسيا جدا عليهم، إذ لم يتمكن أغلبهم من توفير عتاد التدفئة.

وقد زارت كاميرا الجزيرة مباشر مخيمًا للنازحين، ونقلت شهادات مؤلمة عن معاناتهم من البرد في ظل الوضع المعيشي المتردي في شمال غرب سوريا.

يثقل فصل الشتاء النازحين في الخيام المهترئة بتكاليف جديدة، إذ ترتفع أسعار المحروقات ووسائل التدفئة شتاءً في ظل انعدام الرقابة بمحافظة إدلب.

الخبز أولًا

يتقاضى العمال من النازحين ما بين 20 و25 ليرة تركية (أقل من دولار ونصف) راتبًا يوميًّا، ويرون أن الخبز أولى بهذا المبلغ من التدفئة.

يستعد النازحون السوريون في المخيمات للشتاء، بجمع النعال البلاستيكية لإحراقها كي يوفروا بعض الدفء لأطفالهم.

وقالت نازحة للجزيرة مباشر: “لا نملك ثمن الخضار فكيف بثمن التدفئة”، وأكدت أنهم لا يتمكنون من شراء حطب التدفئة ولا أخذه من المنظمات الإنسانية.

وتابعت: كل ما سنفعله أننا سنلف الأطفال في بطانيات حتى تحميهم بعض الشيء من شدة البرد.

وتعرف المناطق التي أقيمت فيها مخيمات النازحين في الداخل السوري وعلى الحدود منخفضات جوية شديدة القسوة، بسبب إقامتها في مساحات مرتفعة تخلو من المباني.

وتساءل نازح آخر مستهجنًا “عن أي تدفئة تتحدثون؟ مقارنة بالعام الماضي سيكون هذا عاما سيئا، إذ يصل طن الحطب إلى 250 دولارا”.

وأكد نازح آخر أنهم لا يتمكنون من توفير هذا المبلغ، وأن قشر الفستق الذي كانوا يستخدمونه في التدفئة أصبح أيضا غاليًا.

وذهب آخر إلى أن الإمكانيات منعدمة تماما وأن المواطنين لا يكادون يتمكنون من توفير ربطة خبز، فكيف بالحطب والمازوت.

مواد سامة

يعمل شباب المخيم في قطف الزيتون، ويتقاضون مقابل الساعة الواحدة 3 ليرات، وهو مبلغ زهيد لا يمكن من توفير شيء، وفق نازح ختم حديثه المؤلم بالقول “نعلم أن البرد سيطعننا هذه السنة”.

التقت الجزيرة مباشر نازحا في السوق، قال إنه يبحث عن نعال بلاستيكية وأكياس نايلون لإحراقها في البرد. وتشكل هذه المواد السامة خطرًا على ساكني الخيام، إذ تنبعث عند إحراقها روائح تؤدي إلى الاختناق.

ويعاني أحد النازحين من الإعاقة ويعيل 5 أطفال لا يستطيع توفير حاجياتهم، ومنها حطب التدفئة. وهو ينتظر المنظمات الخيرية والمتبرعين، مشددا على أن كل همهم توفير الخبز.

ويكافح النازحون السوريون في شمال غرب البلاد كل شتاء في درجة حرارة تحت الصفر وفي مهب العواصف الثلجية، من أجل ألا يتجمدوا في ظل عواصف تعمّق جراحهم وتجبر قطاعًا منهم على المبيت في العراء بعد سقوط خيامهم. يأتي ذلك في وقت لا يحصل فيه المهجّرون على غذاء يطعمهم من جوع ولا مواد تدفئة ولا ملابس تؤمنهم من خوف البرد القارس.

تحذيرات أممية

وعلى مدى 11 سنوات تتكرر معاناة أكثر من 1.5 مليون نازح يسكنون تلك المخيمات مع معاناة مضنية لا تعرف طريقًا إلى النهاية.

وحذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين من “عواقب وخيمة” لنقص المساعدات اللازمة للنازحين واللاجئين السوريين استعدادًا لفصل الشتاء المقبل.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية رولا أمين في لقاء سابق مع (المسائية) على الجزيرة مباشر إن هناك ضرورة لتقديم مساعدات مثل الأغطية ومواد التدفئة، وكذلك تقديم مساعدات نقدية إلى النازحين واللاجئين السوريين من أجل مواجهة الظروف الصعبة خلال فصل الشتاء.

وأوضحت أن نقص الأغطية والخيام يعني زيادة الأمراض بينهم، خاصة الأطفال، مما يعني حرمانهم من التعليم، وأن نقص المساعدات المادية يعني عدم قدرة العائلات على توفير العلاج المناسب لهم، مما يعني زيادة أعداد الوفيات.

وقالت المسؤولة الأممية إن الحرب في أوكرانيا تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، مما زاد من وطأة الوضع على اللاجئين والنازحين السوريين.

المصدر : الجزيرة مباشر