“أصحاب ولا أعز”.. أول فيلم عربي من إنتاج “نتفليكس” يثير جدلا واسعا في مصر

فيلم "أصحاب ولا أعزّ" أولى التجارب السينمائية العربية لمنصة نتفليكس

بعد أيام من طرح منصة نتفليكس الرائدة عالميا في مجال البث التدفقي فيلم “أصحاب ولا أعز”، أولى تجاربها السينمائية العربية، تصدّر العمل الشبكات الاجتماعية في المنطقة وخصوصا في مصر، حيث أثار جدلا كبيرا وصل إلى حد المطالبة بمنعه بحجة “استهدافه القيم العربية”.

وطرحت المنصة، الخميس الماضي، الفيلم الذي يدور حول حفل عشاء بين مجموعة أصدقاء مقربين يخوضون تحديا يقوم على ترك هواتفهم مفتوحة على الطاولة والاطلاع جماعيا على المكالمات والرسائل التي تأتي لكل منهم، لكن سرعان ما تتكشف أسرارهم الشخصية بينهم، بما يشمل إخفاء خيانات زوجية أو ميول جنسية مثلية.

هذا العمل هو النسخة العربية من الفيلم الإيطالي “Perfect Strangers” (بالإيطالية “Perfetti sconosciuti”) الذي أُنتجت منه نسخ عالمية كثيرة، وأخرجه اللبناني وسام سميرة في أولى تجاربه السينمائية، وشارك في إنتاجه منتجون عرب بينهم المصري محمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي.

وأدى أدوار البطولة ممثلون معروفون معظمهم لبنانيون من أمثال نادين لبكي وعادل كرم وجورج خباز، إضافة إلى النجمة المصرية منى زكي والممثل الأردني إياد نصار.

وبعد ثلاثة أيام على طرح الفيلم البالغة مدته ساعة و39 دقيقة، تصدّر “أصحاب ولا أعز” قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة عبر نتفليكس في معظم البلدان العربية، كما تصدّر منصات التواصل الاجتماعي وخصوصا في مصر، بين مؤيد ومعارض لما طرحه العمل السينمائي من أفكار.

دعوى قضائية

ورفع المحامي المصري أيمن محفوظ دعوى قضائية تطالب بـ”عدم عرض الفيلم بشكل جماهيري” لأنه “يهدم القيم الأسرية” حسب ما نقلت مواقع صحفية مصرية، السبت.

وفي تصريحات للجزيرة مباشر، قال الشيخ محمد الصغير مستشار وزير الأوقاف وكيل اللجنة الدينية في البرلمان المصري الأسبق، إن التسويق للشذوذ والتعايش مع الرذيلة هدف معلن على الأجندة الدولية.

وأضاف “الإعلام رأس حربة المعركة عبر فرضه الشذوذ باسم الفن وترهيب من يعترض عليه، وفيلم (أصحاب ولا أعز) حلقة من ذلك”.

وتابع الصغير “اللافت أن دعاة الرذيلة وقفوا صفا واحدا للدفاع عن المنكر مع ما بينهم من “حسد وضغائن” لأن ثراءهم يأتي من شيوع الفواحش”.

وأبدى الصغير دهشته من غضب بعض الممثلين عقب عرض فيلم “ريش” الذي تعرّض لظاهرة الفقر والعشوائيات في مصر، حيث قالوا آنذاك (البلد مش كده خالص) معتبرين ما حدث تشويها لسمعة مصر، في الوقت نفسه يدافعون عن فيلم “أصحاب ولا أعز” الذي يسوّق للشذوذ والانحلال بحجة أن هذه شريحة موجودة في المجتمع المصري.

منع نتفليكس

وذهب البرلماني المصري مصطفى بكري -المعروف بحملاته الإعلامية المتكررة على فنانين ومفكرين يتهمهم بالترويج لمضامين غير أخلاقية- إلى حد مطالبة مجلس النواب بالاجتماع بشكل عاجل بهدف “منع” نتفليكس في مصر.

وأشار بكري إلى أن الفيلم “ليس أول عمل لنتفليكس يستهدف القيم والأخلاق العربية والمصرية بالذات ويدافع عن ظاهرة المثلية الجنسية وفيه أكثر من 20 لفظا إباحيا”، رغم أن العمل الذي صنفته المنصة العالمية بأنه مناسب لمن هم فوق 16 عاما بسبب الكلام الفاضح في بعض حواراته، لا يحوي أي مشاهد إباحية أو حتى قبلة.

ومن بين أكثر الحوارات التي أثارت الجدل في الفيلم، رد فعل أب (يؤدي دوره اللبناني جورج خباز) مع ابنته ذات السنوات الـ17 التي سألته عن رأيه بشأن إمكان إقامتها علاقة حميمة مع صديقها، فما كان منه إلا أن ترك لها حرية التصرف بما تراه مناسبا.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية سيلا من التعليقات على الفيلم الذي انتقده كثيرون يرون أنه مقتبس بصورة “عمياء” من فيلم غربي من دون أي اعتبار للقيم أو الخصوصيات العربية، بينما أشاد آخرون في المقابل بالعمل معتبرين أنه ينقل صورة واقعية لأحداث ومشكلات حقيقية موجودة في المجتمعات العربية رغم محاولة البعض إخفاءها.

وقال الناقد الفني المصري طارق الشناوي في تصريحات تلفزيونية إن ما يقال عن أن الفيلم “يروّج للمثلية الجنسية غير صحيح” مضيفا “أصبحنا نحاكم الخيال ونعتبره واقعا”.

وأشار الشناوي إلى أن الدولة المصرية “ليس لها رقابة على ما يُعرض في منصة نتفليكس” موضحا أن الفيلم كان بعيدا عن الأجواء المصرية و”حتى مفردات الحوار في الفيلم لبنانية”.

وتأتي هذه الموجة من تعليقات المصريين على الرغم من أن السينما المصرية قدّمت أفلاما اجتماعية كثيرة وصفها النقاد بالجريئة وأثارت جدلا واسعا في المجتمع المحافظ، من بينها فيلم “سهر الليالي” الذي تطرّق عام 2003 إلى مشكلات يواجهها أزواج من جيل الشباب، بينها ما يرتبط بالعجز الجنسي والخيانة الزوجية والفروق الطبقية.

وفي عام 2006، ناقش فيلم “عمارة يعقوبيان” المأخوذ عن رواية الكاتب المصري علاء الأسواني، المثلية الجنسية بشكل صريح.

وفي مفارقة لافتة، فإن النسخة الإيطالية الأصلية من العمل كانت قد حصدت جائزة أفضل سيناريو في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2016.

هجوم على منى زكي

وتركزت أكثرية الانتقادات على منى زكي الممثلة المصرية الوحيدة في هذا العمل.

وتؤدي في “أصحاب ولا أعز” دور زوجة تعاني من تدخل والدة زوجها في حياتها ومن الفتور الجنسي في العلاقة مع زوجها. وتركّز هجوم كثيرين عليها بسبب مشهد في الفيلم تظهر فيه وهي تنزع سروالها الداخلي من تحت الفستان قبيل خروجها من المنزل.

ولم يتوقف الهجوم على الممثلة منى فقط بل شمل زوجها الفنان المصري أحمد حلمي الذي انتقده البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب “سماحه لزوجته بأداء مثل هذا العمل”.

في المقابل، أبدى ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي -بينهم فنانون مصريون وعرب- دعمهم لمنى زكي واستنكارهم لحملة الانتقادات لها.

من بين هؤلاء الناشط اليساري المصري خالد علي الذي أشاد بالممثلة منى زكي وسجلها السينمائي الحافل بالأعمال الناجحة، واصفا فيلم (أصحاب ولا أعز) عبر فيسبوك بأنه “جريء وغير تقليدي”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية