إدارة التوتر.. كيف تسيطر على مشاعرك السلبية؟

يزداد منسوب التوتر والقلق مع تراكم الضغوط اليومية وتصاعد الأحداث على المستوى العالمي.. فكيف يمكن إدارة الشعور بالتوتر؟

يوضح دكتور كوام مكنزي بروفسيور الطب النفسي بجامعة تورنتو في كتابه “القلق ونوبات الذعر ” أن الخوف والقلق شعور طبيعي ومفيد للإنسان ويحسن من أدائه، كما يساعد على التفكير بسرعة، ولكن المشكلة الإفراط في هذا الشعور بشكل يؤدي إلى اضطراب يعكر صفو بالحياة، ويتسبب في ردود فعل جسدية مرضية.

وأكد د. كوام أننا يمكننا تعليم أنفسنا إدارة الشعور بالقلق من خلال الطريقة التي نتجاوب بها مع الأحداث الخطرة، وأن هناك تقنيات مساعدة ذاتية للتعامل مع القلق، مثل: التحدث إلى الأقارب والأصدقاء، تمارين الاسترخاء، العلاج بالكتب أو بالمطالعة.

وبين أنه لا ينجح الجميع في القيام بالمساعدة الذاتية، وقد يحتاج هؤلاء إلى علاج نفسي لدى الطبيب.

التوتر الدائم يؤدي إلى اضطرابات نفسية وأمراض جسدية (غيتي)
 
الأكل العاطفي

وسرد كتاب “قل وداعا للتوتر” للدكتور جيف براون من كلية الطب بجامعة هارفارد، أسباب زيادة الأحمال العصبية على الإنسان في العصر الحديث؛ أهمها تعدد المهام.

وبين أن تناول الأكل الصحي يمثل تحديا كبيرا أمام من يتعرضون للتوتر، لأن الكثير من الناس يلجأون إلى الأكل العاطفي كنوع من العلاج الذاتي لتخفيف مشاعر الغضب والاكتئاب والقلق والحزن، والتوتر يزيد من إخراج هرمون الكوليسترول الذي يحفز الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الدهنية والحلوة والمالحة (المشهية).

وأوضح أن ممارسة الرياضة إحدى الطرق العديدة التي نتخذها للتخلص من المنتجات الكيميائية للتوتر في الجسم، كما تعمل الرياضة على تعزيز إطلاق الإندورفين، المسمى بهرمون السعادة.

وذكر أن هناك أطعمة تساعد على التصدي للتوتر مثل الأطعمة الغنية لفيتامين (ج) مثل التوت والبرتقال والخضروات الخضراء المورقة. وتساعد الأطعمة الغنية بالأحماض الدهنية الأوميجا 3 على مقاومة الاكتئاب، كما أن الخوخ والدواجن ومنتجات الألبان تحتوي جميعها على أنواع مختلفة من المهدئات الطبيعية التي تساعد على الحد من التوتر، ويمكن أن تساعد الأغذية الغنية بالألياف (الفاكهة، الخضراوات، الجوز، جميع الحبوب) على ضبط نسبة السكر في الدم لمنع تقبات المزاج.

وأشار د. طاهر شلتوت استشاري الطب النفسي إلى أن الضغوط هي حالة من الصراعات. وبين أن الصراع هو في أبسط تعريفاته أن يأخذ قرار بين أمرين، ونحن نعيش في صراعات يومية، ومن أبرز وسائل العلاج هو العلاج السلوكي.

يمكننا تعليم أنفسنا إدارة الشعور بالقلق من خلال الطريقة التي نتجاوب بها مع الأحداث والمشكلات (غيتي)
 
القلق الإيجابي

وأكد د. بول ماكينا في كتابه “سيطر على التوتر” على أن 50% من الأسباب التي تدفع الناس للذهاب للأطباء لها علاقة بالتوتر، وعادة لا تظهر أعراض هذا النوع من التوتر على الجسد إلا بعد فترة طويلة، لكنها تطفو على السطح في صورة حالة مزاجية سيئة، وفقدان حس الفكاهة، وصداع، واقتراف أخطاء سخيفة، وينتهي الأمر بالاكتئاب والقلق والأمراض البدنية.

وبين أن التفكير السلبي وطريقة استقبالنا للضغوط وتفسيرنا للأحداث يعد أكبر مسبب للتوتر.

وأوضح آلية ضبط التوتر الداخلي من خلال تعلم تفسير أسباب التوتر، كما تفيد ممارسة الاسترخاء المنتظم في استرداد الطاقة وشحن نظامنا، وزيادة الكفاء في العمل.

حلقة من برنامج "كلام الليل" حول الضغوط النفسية
ترويض القلق

هل القلق يجعلك دائما في أمان؟.. يجيب  على هذا السؤال د. بول بقوله إن هناك نوع من “القلق الإيجابي” الذي يساعدنا في تخيل المخاطر والأخطاء الممكنة، والتوصل على حل لكل مشكلة أو خطأ، إذا يدفع القلق إلى الحماية وبذل الجهد.

ويوصي بالسلام النفسي مع العقل ومحاولة حل الصراعات الداخلية، واقترح تدريب يساعد على ترويض القلق:

  1. فكر في أمر ما يثير قلقك.
  2. اطرح على انفسك هذا السؤال: “ما الهدف الإيجابي من وراء هذا الشعور؟ ما الفائدة التي يقدمها لي؟  غالبا ما ستتمثل الإجابة بمنتهى البساطة في “أنه يقدم لي الحماية”.
  3. عندما تحصل على إجابة صحيحة من وجهة نظرك، اطلب من عقلك ابتكار ثلاثة طرق جديدة على الأقل تمكنك من الحصول على كل الفوائد الإيجابية للقلق دون الاضطرار للشعور بالتوتر وعدم الارتياح.
  4. راجع نفسك كي تتأكد من ارتياحك التام لاستخدام بدائل التوتر الجديدة هذه، لو شعرت بأي تردد، عد واطلب من عقلك حل أي صراعات داخلية، ستعرف أنك على استعداد للمضي قدما عندما تشعر بسلام تام مع بدائلك الجديدة.
المشاكل العائلية والضغوط المهنية أبرز أسباب التوتر (غيتي)

وذكر د. عبد الرحمن لطفي أمين في كتابه “القلق والتوتر.. الأسباب والحلول” أن التوتر هو حالة نفسية تصيب الإنسان وتختلف أسبابه من شخص لآخر، ومن أبرز أسباب القلق والتوتر هو المشاكل العائلية والخوف الشديد والصدمات النفسية والفشل.

وأضاف أن التخلص من التوتر يتطلب التحلي أولا بالإيمان والتوكل على الله، وممارسة تمارين التنفس مثل الشهيق والزفير وممارسة الرياضة، وأخذ قسط جيد من النوم، وتقبل الأشياء الثابتة التي ليس من المتوقع تغييرها في الحياة.

اقرأ أيضا:

“المساج”.. علاج ملوكي منذ عصر الفراعنة

“الأكل العاطفي”.. عندما تصبح الثلاجة “الصديق وقت الضيق”

المصدر : الجزيرة مباشر