شاهد: نساء طاجيكستان يقبلن على ممارسة مهن الرجال هربًا من الفقر

لم تكنْ زارينا تتوقعُ يوماً أنَّها ستُضْطَرُّ، وهي في السابعةِ والأربعينَ من عمرِها، إلى تعلَّمِ مِهنَةِ السِّباكة.

غيرَ أنَّ هذهِ المُدَرِّسَةَ السابقةَ التي تتولّى وحدَها تربيةَ طفلَيْها في دوشانبي عاصمةِ طاجيكستان، لم تجِد أمامَها خَياراً آخر.

زارينا نابييفا، متدربة على السباكة، قالت: “أتعلمُ هذه المهنةَ للتمكُّنِ من حلِّ مُشْكِلاتِ السِّباكة في منزلِي. فعندما تتصلُ بسبَّاكٍ فهو إما لا يأتي، وإما يتأخرُ كثيراً، لكنّي عندما أتولَّى المهمةَ بنفسي، لن تكون النتيجةُ أفضلَ فحسب، بل أدَّخِرُ المالَ أيضاً”.

ودفعَ الوضعُ الاقتصاديُّ السيّءُ بأكثرَ من عَشَرةٍ في المئةِ من سكانِ طاجيكستان، وغالبيَّتُهم من الرجال، الى الهِجرة بحثاً عنْ فُرصِ العملِ في الخارج، وخصوصاً في روسيا حيث باتوا يُعانونَ من الانكماش الاقتصاديّ الذي شهدتهُ البلاد مؤخرا.

وقد تراجعتِ التحويلات المصرفية من روسيا إلى طاجيكستان بنحوِ ثُلُثَي ما كانت عليهِ في العامِ ألفَين وأربعةَ عشر.

وبنتيجةِ ذلك، توجهتْ نساءٌ كثيرات إلى سوق العمل بحثا عن مِهَنٍ مخصصةٍ عادةً للرجال في هذا البلدِ المُسْلِمِ المُحافِظ.

وقالت ماريجونا عبداللوييفا، وهي متدربة على التصليح الميكانيكي للسيارات: “لا يُعارِض والدايَ اختياري مِهنةً للرجال. لا أعلمُ ما هو رأيُ أصدقائي وجيراني في ذلكَ، لكني لا آبَهُ بما يُفكِّرون نظراً الى أني اخترتُ مِهنةً تُعجِبُني”.

وتُشكّلُ النساءُ في مراكزِ التدريبِ المهنيِّ اليومَ نحوَ ستينَ في المئةِ من المتدربين.

غيرَ أنَّ هذا التغييرَ في الأفكارِ السائدةِ تقابِلهُ نظرةٌ اجتماعيةٌ سلبية.

مؤمن أحمدي، اختصاصي في علم الاجتماع قال: “أزواجُهُنَّ الموجودونَ في الخارجِ لا يريدونَهُنَّ بطبيعةِ الحالِ أن يمارِسْنَ مِهَناً مخصصةً للرجال. لكنَّهُنَّ مضطراتٌ لذلكَ، وسيَعدُلنَ عن الأمرِ مع عودةِ أزواجِهِنَّ وفي حوزتِهم المال”.

ورغمَ التراجُعِ الملحوظِ في نِسَبِ الفَقْرِ في السنواتِ الأخيرة، لا تزالُ طاجيكستان تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على التحويلاتِ المصرفيةِ للعاملينَ في المهجر، تزامناً مع عجزِها عنْ تأمينِ فُرَصِ العمل، ما قد يدفعُ النساءَ في نهايةِ المطافِ الى السيرِ على خُطى الرجالِ، ومغادرةِ البلاد.

ومع أن معدلات الفقر تراجعت كثيرا خلال العقد الأخير، لا يزال هذا البلد يواجه صعوبات كبيرة على صعيد توفير فرص عمل جديدة.

فمن أصل 130  الف شاب ينهون دراساتهم سنويا، ينضم أكثر من 60 الفا إلى صفوف العاطلين عن العمل، على ما يؤكد المحلل الطاجيكي المقيم في موسكو صائم الدين دستوف.

وتوضح علا كوفاتوفا التي تدرس المشاكل المتعلقة بالفروق بين الجنسين في طاجيكستان أن “النساء اللواتي يهاجرن غالبا ما يقعن ضحايا لنظرة مريبة من المجتمع الطاجيكي في حال انتقلن للعمل في الخارج لأن بعض النساء المهاجرات يمتهنن الدعارة”.

وتلفت إلى أن النساء اللواتي يمتهنن وظائف مخصصة تقليدا للرجال يعانين في كثير من الأحيان من نظرة اجتماعية سلبية.

وفي هذا الإطار، أبدى الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن في خطابه إلى الأمة في ديسمبر/كانون أول أسفه لأن النساء يضطررن بشكل متزايد للقيام “بأعمال ثقيلة ومضنية جسديا” داعيا الشركات العاملة في قطاع الخدمات إلى توظيف أعداد أكبر من النساء.