الاسم “صابر” ..التهمه “مصري”

 

  محم باهر – صحفي في قناة الجزيرة

الاسم “صابر” ..التهمه “مصري” والسن أجهل أهل عصري”.. رغم انسدال الشيب ضفاير ضفاير .. من  شوشتى .. لما لتحت خصري …”

مازالت كلمات قصيدة “تذكرة مسجون” لأحمد فؤاد نجم تعبر عن واقع المصريين المرير خاصة بعد الإفراج عن الزميل “بيتر غريستي” صحفي الجزيرة الأسترالي الجنسية فقط لأنه ليس مصرياً، والأنباء عن تنازل زميله محمد فهمي عن جنسيته المصرية وخروجه من السجن بجنسيته الكندية طبقاً لقانون صدقت عليه الرئاسة المصرية مؤخراً.

وما إن ولدنا ونحن نرددها: “أنا مصري وأبويا مصري”، فلكل فرد الحق في جنسية وطنه، الذى ولد وتربى وعاش فيه، وهو حق مكفول بقوة القانون والعرف والدستور، لا يمكن الجدال فيه، ولا يمكن لقوة أياً كانت أن تسحب من المواطن جنسيته، إلا أن الفترة الأخيرة تصاعدت وتيرة إسقاط الجنسية عن مواطنين يكتنفهم الغموض، ودعوات أخرى بإسقاط الجنسية عن معارضي النظام بمباركة إعلامية وأحياناً قضائية، ولم يسلم كل من قال “لا” في وجه النظام، من دعوات سحب جنسيته.

البداية الفعلية لإسقاط الجنسية المصرية عن مواطنين، دون تحقيق نيابي، أو محاكمة قضائية، كانت مع قرار رئيس الوزراء الحالي إبراهيم محلب، بسحب الجنسية من مواطن يدعى “صائل صديق عبد الرحيم الزرو”، بدعوة الغش على جهة إدارية، بإخفائه جنسية والدته الفلسطينية.

ثم أصدر قرارًا آخر بإسقاط الجنسية عن المواطن “هشام محمد محمد الطيب”، وذلك بتهم “الارتباط بإحدى الجهات الأجنبية التي تعمل على تقويض النظام الاجتماعي والاقتصادي للدولة”، فهل ستصبح الجنسية أداة سوط لـ”تأديب المعارضة”؟ ومن المخول له بإصدار تلك القرارات؟!

وقتها شن عدد من أساتذة السياسة هجوماً حاداً على “محلب” ووصفوا هذه القرارات بـ”التعسفية والغامضة”، وبأنها تعبر عن الدولة البوليسية التي تحكم مصر حالياً وتقمع كل من يخالف رأي النظام وتصادر الرأي الآخر، مؤكدين أن رئيس الوزراء ليس من  صلاحياته إسقاط الجنسية عن المواطنين، لأن ذلك بيد القضاء المصري وحده دون غيره، والذى يتم تغييبه حالياً.

واليوم .. ينتظر المعدّ المصري باهر محمد قراراً بترحيله من سجنه كزميله الأسترالي بيتر غريستي، ولا أمل في تنازله عن جنسيته المصرية، ليستطيع الخروج من السجن كزميله محمد فهمي، كونه لا يحمل إلا الجنسية المصرية.

هذا الأمر، أحدث غضباً لدى المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان، حيث أكدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق ا?نسان، أن الإفراج عن الصحافي الأسترالي، بيتر غريستي، وترحيله، كان يجب أن يتم لأنه بريء، وليس عبر قرار جمهوري لرئيس الجمهورية، يطعن في استقلال القضاء ويمارس تمييزاً صارخاً ضد المتهمين المصريين، مما يجعلهم مواطنين درجة ثانية محرومين من هذا الامتياز الأجنبي، الذي استفاد منه الصحفي، محمد فاضل فهمي، إذ تخلى عن جنسيته المصرية وأبقى جنسيته الكندية”.

في حين أصبح من المستبعد أن يفرج عن صحافي “الجزيرة” الثالث، باهر محمد، المحكوم عليه بسبع سنوات، لأنه مصري فقط، لا يحمل جنسية أخرى، جنبا إلى جنب ضمن ما يزيد عن 60 صحافياً مصرياً يقبعون في السجون، حيث لا ينطبق عليهم هذا القانون التمييزي الصارخ.

وعلق حازم غراب والد باهر محمد عبر صفحته على “فيسبوك”: “مصريتنا…مصريتنا

حماها الله، من شر ما خلق، ومن شر حانث خائن قتل واغتصب…وقهر، ومن شر شامخ قضى فأعدم وظلم…وفجر” وتابع: “حدث وتنازل الصحفي محمد فهمي عن جنسيته المصرية ليشتري بها حريته .. لا يلام على ذلك سوى الأوغاد الذين اضطروه …ظلموه فسجنوه فهانت عليه مصريته”.

وفي مشهد إنساني قالت جيهان محمد زوجة الزميل المعتقل باهر محمد: “إحساسي بالظلم.. أنا معايا أطفال صُغيرين محتاجين لاهتمام ورعاية وحب .. إزاي أقول لابني اطلع زي باباك .. انت بتقبض على صحفي مش بلطجي .. سنة بعيد عن أهله وهو مظلوم .. ولسه عندي أمل إنه يخرج براءة”.

ودشن العديد من النشطاء هاشتاج بعنوان “أفرجوا عن باهر محمد المصري”، كدعم إلكتروني بعد تفرقة العفو المزعوم في الجنسيات .. وعلى مواقع التواصل أيضاً، عبّر المصريون عن غضبهم من التمييز الذي قد يحصل ضد الصحافي المصري. وكتبوا منذ ليل أمس تغريدات تطالب بالحرية للصحافي المصري باهر محمد، والصحافيين الآخرين المسجونين في مصر، وأشاروا إلى أن القاهرة تبكي دماً حيث صارت الجنسية المصرية سبب إدانة وعادت المحاكم المختلطة للمستعمر لتبرئة الأجانب، وكتب أحد المستخدمين: “أن تكون صحافياً أجنبياً ليست جريمة، ولكن أن تكون مصرياً أصبحت جريمة”.