أنباء عن مجزرة في حمص

تصاعدت حدة التوتر في مدينة حمص وسط سوريا, حيث شهدت الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء تدخلا من جانب قوات الأمن لفض اعتصام آلاف المحتجين, الذي تحدثوا عن وقوع “مجزر حقيقية”.

وتحدث الناشط الحقوقي عمر أدلبي للجزيرة عن إطلاق نار كثيف على المتظاهرين, وقال إن هناك “مجزرة”. كما قال شاهد عيان من حمص يدعى أبو عصام للجزيرة نت إن الاتصالات الهاتفية شبه مقطوعة عن المدينة, وقال إن إطلاق النار كان يتم بشكل مباشر على المتظاهرين.

وتحدث أبو عصام عن حالة من “الرعب” تسود حمص, مشيرا إلى أنباء عن انتشار الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد لفض الاعتصام. وتحدث شهود للجزيرة عن سقوط أربعة قتلى وعشرات المصابين.

وتحدث شاهد آخر للجزيرة نت رفض نشر اسمه, وقال إن هناك مجزرة حقيقية, وأشار إلى سقوط ما يقرب من 30 بين قتيل ومصاب في حمص في الساعات الماضية. وقال الشاهد إن المنطقة محاصرة والقناصة والشبيحة على المباني الحكومية المحيطة يطلقون الرصاص على الناس في الشوارع.

كما أشار الشاهد إلى إطلاق نار كثيف قرب مركز قيادة الشرطة بالمدينة, وقال إن إطلاق الرصاص مثل “زخ المطر”. كما أشار إلى انطلاق نداءات عبر مكبرات صوت من المساجد قرب ساحة الساعة وحي باب سباع تقول “حي على الجهاد” وتدعو لنجدة المعتصمين.

وتحدث شاهد العيان محمد رفعت للجزيرة عن محاولة للتفاوض من جانب قوى الأمن مع مشايخ في المنطقة, لكنه قال إن إطلاق النار تم رغم ذلك.

كما قال ناشط حقوقي لرويترز إن قوات الأمن خاطبت المحتجين في الساحة عبر مكبر للصوت طالبة منهم الرحيل ثم أطلقت النار.

وكانت مدينة حمص قد شيعت أمس الضحايا الذين تعرضوا لإطلاق نار أثناء الاحتجاجات. كما شيعت بلدة تلبيسة القريبة ثمانية من ضحاياها، وبينهم العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه الذين سقطوا برصاص قناصة.

وقال شهود عيان ليونايتد برس إنترناشونال إن الآلاف من أبناء حمص والبلدات القريبة اعتصموا في المنطقة الممتدة من الساعة القديمة إلى الساعة الحديثة وسط المدينة.

وأضاف الشهود أن لجانا شعبية كانت تسيطر على مداخل الشوارع المؤدية إلى منطقة الساعة وتخضع كل من يدخل إليها للتفتيش.

وردد المتواجدون بهتافات تطالب بالحرية والوحدة والوطنية ونبذ الطائفية، فيما خلت المنطقة من وجود قوات الأمن التي اكتفت بالمراقبة من مناطق بعيدة.

وقد أصدرت وزارة الداخلية السورية تعميما في محافظة حمص بمنع دخول الدراجات الآلية إلى المدينة، وذلك “نظرا لقيام بعض المجموعات المسلحة في المحافظة بتنفيذ مخططاتهم الإجرامية باستخدام الدراجات الآلية”.

في هذه الأثناء, حملت السلطات السورية مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية مسؤولية ما يجري في مدينتي حمص وبانياس.

وقالت وزارة الداخلية السورية في بيان إن “مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهد أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والاعتداء على الممتلكات العامة وقطع الطرقات العامة والدولية إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس”.

وذكر البيان أن بعضا من هؤلاء دعا علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد مطالبين بإقامة إمارات سلفية, على حد نص البيان.

وأشار البيان إلى أن “ما قامت به هذه المجموعات المسلحة يشكل جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات”,  وشدد على أنه “لن يتم التساهل مع النشاطات الإرهابية لهذه المجموعات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب”.

من ناحية اخرى, انتقد كبار علماء سوريا البيان الذي أصدره الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بخصوص الأوضاع فيها، واعتبروا أنه يستند إلى “خلفيات حزبية مرتبطة بمخططات واضحة تستهدف النيل من أمن واستقرار سوريا”.

وقال كبار علماء سوريا في بيان صدر أمس الاثنين إن مهمة العلماء هي “درء الفتن، وتحقيق مقاصد الشريعة في جلب المصالح ودرء المفاسد بناء على فقه بواقع العالم الإسلامي عموما وسوريا خصوصا”. وأشار البيان إلى “مواقف سوريا الثابتة والصامدة بوجه أعداء العرب والمسلمين جميعا”. وأضاف “ها هي تدفع ثمنا غاليا لتلك المواقف”.

كان بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه الشيخ يوسف القرضاوي قد أصدر بيانا انتقد فيه السياسة السورية وطالب السلطات بالاستجابة لمطالب المحتجين.

على صعيد آخر, نفت الولايات المتحدة العمل على تقويض الحكومة السورية, وقالت إنها تعمل لمساندة المطالبة بالديمقراطية “مثلما تفعل في مختلف أنحاء العالم”.

جاء ذلك تعقيبا على ما نشرته صحيفة واشنطن بوست نقلا عن برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس على الإنترنت, قالت إن وزارة الخارجية الأميركية مولت سرا جماعات معارضة سورية. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر إن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يتعامل مع التطلعات المشروعة لشعبه.

وقد ذكرت الصحيفة أن البرقيات الدبلوماسية أظهرت أن الخارجية الأميركية قدمت منذ العام 2006 مبالغ مالية تصل إلى ستة ملايين دولار لمجموعة من السوريين في المنفى لتشغيل قناة بردى التلفزيونية الفضائية التي تتخذ من لندن مقرا لها ولتمويل ناشطين داخل الأراضي السورية.