لمهاجمة السلالات المستقبلية.. البحث عن لقاح شامل لفيروس كورونا

حماية كبيرة توفرها "المناعة الهجينة" من فيروس كورونا (غيتي)

بينما يعمل منتجو اللقاحات على استهداف متحورات جديدة للفيروس المسبب لكوفيد-19، يتطلع العلماء إلى أبعد من ذلك ويبحثون عن لقاح شامل قادر على مهاجمة السلالات المستقبلية لكورونا أو حتى درء جائحة أخرى.

وبلغ عدد المصابين في العالم نحو 500 مليون، تعافى منهم نحو 430 مليونًا، وتحتل الولايات المتحدة النسبة الأكبر بأكثر من 81 مليون إصابة، تليها الهند بما يقرب من 45 مليونًا، بينما بلغ عدد الوفيات حتى الآن أكثر من 6 ملايين.

وأدى البحث عن لقاح مضاد لكوفيد-19 إلى الحصول على جيل جديد من الأمصال، كما بُذلت جهود كبيرة لتطوير لقاح يتيح تعزيز مناعة الجسم على نحو شامل ضد فيروس كورونا، لكن مستويات طموحها كانت متفاوتة.

وأعلنت شركة (فايزر) Pfizer عن خطة لهذا الغرض قبل بضعة أسابيع.

وقال درو وايزمان من جامعة بنسلفانيا -أحد رواد تقنية الحمض النووي الريبي المرسال MRNA المستخدمة في لقاحات شركتي فايزر ومودرنا- إن تكييف اللقاحات الحالية مع جميع السلالات المنتشرة له حدود، إذ “ستظهر متغيرات جديدة كل 3 أو 6 أشهر”.

لكن، بعد أكثر من عامين من محاولة الفيروس إصابة مزيد من البشر، بدأ في التحور على وجه التحديد للالتفاف على المناعة المكتسبة من خلال اللقاحات، بالطريقة نفسها التي تتغير بها الطفرات المستمرة للإنفلونزا التي تتطلب تغيير اللقاحات المضادة كل عام.

ولخص وايزمان الوضع بقوله “هذا يعقد الأمور قليلًا، لأننا الآن في مواجهة مباشرة مع الفيروس”.

لذلك يعمل فريقه على تطوير لقاح شامل مضاد لفيروس كورونا من خلال العثور على “تسلسلات مستضدة حاسمة محفوظة جيدًا” وهي عبارة عن أجزاء كاملة من الفيروس لا يمكن أن تتحور بسهولة لأن الفيروس سيموت بدونها.

وأضاف “يمكننا الحصول على لقاح شامل في غضون عامين أو ثلاثة، لكننا سنواصل العمل عليه وتكييفه لنبقى متقدمين على الفيروس”.

وكوفيد-19 ليس أول فيروس من كورونا ينتقل من الحيوان إلى البشر خلال هذا القرن، إذ إن أقدم قريب له المسبب لسارس SARS أدى إلى وفاة نحو 800 شخص في 2002-2004 وتبعه ميرس-كوف MERS-CoV (المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي في الشرق الأوسط) في عام 2012.

وكانت شركة VBI الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية قد أعلنت عن مشروعها لإنتاج لقاح شامل لفيروس كورونا في الأيام الأولى للوباء، في مارس/آذار 2020، كانت تستهدف فيروسات كورونا الثلاثة هذه.

وقال كبير المسؤولين الطبيين بالشركة فرانسيسكو دياز- ميتوما “إذا تخيلنا كل مستضد في لقاحها بلون أساسي، يمكن أن نتخيل أن هؤلاء الباحثين كانوا يأملون أن يوفر لقاحهم أجسامًا مضادة ليس فقط لهذه الألوان ولكن أيضًا “للتدرجات المختلفة للبرتقالي والأخضر والأرجواني الموجودة بين هذه الألوان”.

وأضاف “بعبارة أخرى، نحاول تعليم الجهاز المناعي أن يتوسع في رصد تنويعات الفيروس التي هو قادر على رؤيتها منذ البداية”.

خطوة واعدة

بدت اختبارات لقاح VBI واعدة حتى الآن، بما في ذلك لدى الخفافيش وآكل النمل الحرشفي (بانغولين). وتأمل الشركة بدء الدراسات السريرية في الأشهر المقبلة للحصول على نتائج في أوائل عام 2023.

كما تلقى مشروع لقاح آخر باستخدام جزيئات الفريتين النانوية -بقيادة بارتون هاينز مدير معهد اللقاحات البشرية بجامعة ديوك في الولايات المتحدة- تمويلًا من المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية.

ووفقًا لبارتون هاينز، فقد أثبت هذا اللقاح -الذي يستهدف الفيروسات الشبيهة بسارس ولكن ليس نطاقًا أوسع من فيروسات كورونا من نوع ميرس- فعاليته ضد المتحور أوميكرون.

لكن باميلا بيوركمان من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا تقول إنه قد لا يكون من الواقعي تطوير لقاح شامل ضد فيروس كورنا نظرًا لتعدد سلالاته، ومنها ما يسبب نزلات البرد البسيطة.

وهي تستخدم في مشروعها استراتيجية الجسيمات النانوية الفسيفسائية لاستهداف السلالة بيتا B من فيروسات كورونا بيتا التي تشمل SARS-CoV الأصلي وSARS-CoV-2 المسبب لجائحة كوفيد-19.

وقالت باميلا إن استهداف سلالة معينة شبيه “بسنوات عدة من الجهود المبذولة لتطوير لقاح شامل ضد الإنفلونزا”.

واعتبرت أن بدء التجارب السريرية بسرعة على البشر أمر بالغ الأهمية لتوفير لقاح على نطاق واسع.

ورغم أنه من غير المتوقع طرح أي من مشاريع لقاحات فيروس كورونا الحالية في العام المقبل، فإن توافرها قد يغيّر النهج العالمي في مكافحة كوفيد-19.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات