يتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي منشورًا يؤكدون فيه أن مومياء رمسيس الثاني حصلت على “جواز سفر” لكي تُسافر من مصر إلى فرنسا لتخضع للعلاج.
ولكن هذا الادعاء خطأ، بحسب وكالة فرانس برس، كما أن صورة جواز السفر صُمّمت لترافق مقالاً نشر على موقع “هيريتاج ديلي” عام 2018.
ويضمّ المنشور صورة جواز سفر بيومتري وضعت عليه صورة مومياء رمسيس الثاني بالإضافة إلى معلومات عنه مثل الاسم والجنسية وتاريخ الولادة ورقم الجواز. وكتب في النص المرافق للصورة أن هذا الجواز أصدرته الحكومة المصرية تسهيلاً لسفر المومياء إلى فرنسا لمعالجة وجود طفيليات عليها.
جواز سفر فرعون
رمسيس الثاني(فرعون) تعرض لبعض الطفيليات..!
فقرر الخبراء ضرورة معالجته في فرنسا
ولأن القانون الفرنسي لايسمح لأي إنسان بالدخول للبلاد حياً أو ميتاً إلا بجواز سفر
أصدرت الحكومة المصرية جواز سفر وتم السفر به لفرنسا
وقد كتبت المهنة:ملك متوفي
{فاليوم ننجيك ببدنك} pic.twitter.com/qDIsg4QTsc— كلمات (@khlemat) October 14, 2020
ويغزو هذا المنشور موقعي فيسبوك وتويتر وتطبيق إنستغرام منذ عام 2018 ، وقد تداوله مستخدمون باللغة الفرنسية في سويسرا وبلجيكا وفرنسا كما حصد آلاف المشاركات باللغة الإنجليزية.
وتؤكد جميع المنشورات أن جواز السفر هذا صدر بناء على “قانون فرنسي أو مصري” باختلاف المنشورات، لا يجيز دخول أي شخص “حياً كان أو ميتا” الأراضي الفرنسية من دون حيازته جواز سفر صالحاً.
ويبدو جواز سفر الفرعون، الذي حكم مصر منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، بيومتريًا، أي يتضمّن صورةً وبصمات رقمية تتيح التعرّف آليًا على الأشخاص بواسطة أجهزة مراقبة حديثة العهد.
إلا أن إصدارات الجوازات البيومترية في مصر بدأت عام 2008 وبالتالي لا يمكن أن يكون جواز سفر رمسيس الثاني صدر عام 1974.
ويُلاحظ في صورة المنشور عبارة HERITAGEDAILY.COM تحت الرمز الشريطي.
وعلى إثر ذلك، أرشد التفتيش بواسطة محركات البحث على الإنترنت باستخدام كلمات مفتاحية إلى الصورة منشورة إلى جانب مقال باللغة الإنجليزية على موقع “هيريتاج ديلي” المذكور أعلاه، وهو عبارة عن مدوّنة تعنى بالاستكشافات والأبحاث التاريخية وعلم الآثار وعلم الإنسان.
وكُتب بشكل واضح في التعليق تحت الصورة أن صورة جواز السفر هي مجرّد رسم صُمّم ليرافق المقال فقط.
وقال مؤسس الموقع ماركوس ميليغان في حديث مع وكالة فرانس برس في 12 من أكتوبر/ تشرين أول 2020 إنّ هذه الصورة صمّمت عام 2018 قبل أن يعاد نشرها من جديد في 2020.
وبالفعل، بدأ انتشار صورة الجواز في سياق مضلل في هذا الشهر بالتحديد.
هل حصلت مومياء رمسيس الثاني على "جواز سفر" لكي تُسافر من مصر إلى فرنسا لتخضع للعلاج؟
خطأ
صورة جواز السفر" صُمّمت لترافق مقالاً نشر على موقع "هيريتاج ديلي" عام 2018
التفاصيل⬇️https://t.co/OxC7NyOGwI
— 🔍 في ميزان فرانس برس (@AFPfactMENA) October 19, 2020
يمكن من خلال أبحاث مبسطة على الإنترنت ملاحظة أن جوازات السفر المستخدمة في سبعينيات القرن الماضي لا تتماشى مع نموذج الجواز في المنشورات المضللة.
ففي تلك الحقبة كانت تدوّن المعلومات بخط اليد كما هو مبيّن في جواز سفر الرئيس أنور السادات وهو
الذي أعطى الضوء الأخضر آنذاك لنقل مومياء رمسيس الثاني إلى فرنسا.
ويمكن رؤية النموذج عينه في صورة لـ جواز سفر أم كلثوم وقد التقطها زائر في متحفها في القاهرة.
في سبتمبر/ أيلول 1976 نُقلت مومياء رمسيس الثاني من مصر إلى فرنسا بعد أن أصابها نوع من الفطريات، واستقبلت في مطار بورجيه بحفاوة.
وكان الرئيس الفرنسي آنذاك فاليري جيسكار ديستان أقنع نظيره المصري أنور السادات بنقل المومياء واعدًا بأن يحظى الفرعون بمعاملة الملوك، حسبما جاء في وثائقي نشر عام 2010 بعنوان “رمسيس الثاني”.
من جهة أخرى، قالت المسؤولة عن دراسات المتابعة والاستعراضات للآثار المصرية في متحف اللوفر إليزابيث دافيد لوكالة فرانس برس في 12 من أكتوبر/ تشرين أول 2020 إن الحديث عن جواز سفر لرمسيس الثاني لا يرتكز على أي دليل.
وحسب دافيد فإن الالتباس قد يكون ناجماً عن تقرير نشره المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي عام 1985 استخدمت فيه عالمة الآثار كريستيان دوروش نوبلوكور عبارة “جواز سفر” وهي كلمة وضعتها بين مزدوجين للحديث عن إخراج مومياء رمسيس الثاني من مصر.
أما عن حيازة مومياء جواز سفر فقال البروفيسور في الحقوق ماتيو توزيل ديفينا في حديث لوكالة فرانس برس في 13 من تشرين الأول/أكتوبر 2020 إن القانون الفرنسي لا يفرض حيازة الأموات على جواز سفر، كما أن نقل المومياء يدخل “ضمن نقل الموجودات” وليس الأشخاص.
وبالتالي فإن استخدام كلمة “جواز سفر” غير صحيح. ولكن في بعض الأحيان يتطلب نقل بعض الآثار إذنًا لتدخل دولا أخرى.
يبقى أن مومياء الملك رمسيس الثاني موجودة اليوم في القاهرة ولم تخرج منها منذ عودتها من فرنسا.