بعد أزمة سفينة قناة السويس.. كيف يمكن تفادي تعطل الملاحة مجددا؟ (فيديو)

أثار حادث جنوح سفينة حاويات ضخمة في قناة السويس قلقا على التجارة الدولية وتساؤلات حول قناة السويس، هذا الممر الاستراتيجي للعالم ولمصر.

واقترح متابعو الجزيرة مباشر عددا من الحلول والإجراءات لتفادي حدوث أزمة مماثلة في المستقبل.

وتراوحت تلك الاقتراحات بين تطوير إمكانيات السفن لمواجهة التحديات المناخية، لتفادي جنوح السفن بسببها، مثلما حدث مع السفينة (إيفر غيفن)، وتطوير القناة نفسها عبر أخذ الاحتياطات اللازمة لمثل تلك الحالات، وكذلك تقليل الاعتماد على الشحن البحري عبر الاعتماد على طائرات شحن كبيرة الحجم، وكذلك إنشاء خطوط سكك حديدية لربط البلاد والقارات ببعضها.

كذلك دعا المتابعون مصر إلى تفويت الفرصة على منافسيها باتباع أعلى وسائل الإدارة والأمان إذا أرادوا أن تبقى قناة السويس في موضع الريادة، فالمنافسة شرسة والسوق والتجارة لا يعترفون إلا بلغة المصالح، على حد قولهم.

وكان رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع أكد أن الهيئة استخلصت عدة دروس من أزمة السفينة الأخيرة، أهمها ضرورة امتلاك القدرات والعمل على تطوير الوحدات والكراكات، مؤكدا وجود خطط لامتلاك كراكات وقاطرات جديدة لتلبية احتياجات الهيئة، وكذلك وجود تفكير في زيادة قدرة المعدات ورفع قوة شد القاطرات من 160 طنًا إلى 250 طنًا لمواجهة التغير والحجم الكبير الموجود في السفن.

بدائل لقناة السويس

ونجحت مصر في تحرير سفينة الحاويات (إيفر غيفن) وسحبها إلى منطقة البحيرات بعيدا عن مسار المجرى الملاحي بعد 6 أيام من الأزمة.

وأنجزت هيئة قناة السويس المصرية العملية بسرعة نسبية على الرغم من أن المنقذين الهولنديين الذين شاركوا في جهود الإنقاذ حذروا من أن المرحلة الأخيرة ستكون الأصعب.

وقد تفتح أزمة السفينة باب البحث عن بدائل لقناة الملاحة البحرية التجارية الأشهر في العالم، إلا أن الخبراء يرون أن تداعيات ما حدث ستكون محدودة التأثير على سمعة مصر في الشحن التجاري.

ومنذ افتتاحها عام 1869، شكلت قناة السويس بديلا للطريق الملاحي القديم بين آسيا وأوربا، الذي يلتف حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح، ما اختصر مسافة سير السفن بآلاف الكيلومترات، ووقتا يتراوح ما بين 5-6 أيام.

والأحد الماضي، اقترح السفير الإيراني لدى موسكو، كاظم جلالي، تفعيل الخط الملاحي (شمال- جنوب) الذي يمر من بلاده، ليكون بديلا عن قناة السويس.

ومنذ سنوات، تروج إيران للممر التجاري الذي يربط بين الهند حتى روسيا مرورًا بأراضيها، وتقول إنه بديل جيد لقناة السويس المصرية.

وأصدر مركز الإمارات للسياسات دراسة، الإثنين الماضي، قال فيها إن ترويجًا جرى خلال أزمة السفينة الجانحة لطريق أقصر عبر القطب الشمالي يعرف باسم الممر الشمالي الشرقي، الذي يمر عبر روسيا.

ومن ناحية أخرى “أُعيد تسليط الضوء على وثيقة تعود لعشرات السنين، عن مخطط أمريكي لفتح ممر بحري بديل لقناة السويس في الصحراء الإسرائيلية، عبر ربط البحر المتوسط بخليج العقبة”، وفق الدراسة.

طمأنة مصرية

والشهر الماضي، نفت هيئة قناة السويس وجود أي تأثيرات سلبية قد تواجهها، بسبب خطوط ملاحة إسرائيلية قد تمتد بين البحرين الأحمر والمتوسط الواقعين جنوب إسرائيل وغربها.

وذكرت الهيئة في بيان، بتاريخ 2 فبراير/شباط الماضي، أن مسار القناة سيظل الأقصر والأكثر أمنًا للربط بين الشرق والغرب، حيث تتمكن الحاويات عبر القناة من نقل كميات أكبر من البضائع، وبتكلفة أقل من أي مسارات برية.

وازدادت مخاوف المصريين بشأن مستقبل القناة، بعد إعلان إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات تمر عبر السعودية والأردن حتى إيلات على البحر الأحمر، ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط.

ويعني ذلك وجود منافس في قطاع النفط سيشارك قناة السويس بإيرادات عبور الخام، والأهم أنه سيفتح الباب أمام دراسة تطوير ممر بري من جنوب إسرائيل إلى غربها في قطاعات تجارية أخرى.

وفي الربع الأخير 2020، وقعت شركة “خطوط أوربا- آسيا” الإسرائيلية، وشركة “أم إي دي- ريد لاند بريدج ليمتد” الإماراتية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال نقل النفط الخام بين دول الخليج.

ويهدف الاتفاق إلى تطوير بنية تحتية قائمة وجديدة، لنقل نفط دول الخليج إلى أسواق الاستهلاك في أوربا، والذي يمر معظمه حاليًا عبر قناة السويس.

معالجة استثنائية

ويقول رئيس تحرير (ماريتايم إكزيكيوتيف) توني ميونوز لوكالة فرانس برس “الحكومة المصرية تعاملت بشكل جيد استثنائي مع إغلاق الممر التجاري الهام في ظل ضغط دولي كبير”، مشيرًا إلى الدور المهم الذي لعبه المتخصصون الدوليون في الإنقاذ الذين عملوا جنبًا إلى جنب مع المصريين.

ويستشهد ميونوز على وجه الخصوص بخبرة نيك سلوني، خبير الإنقاذ البحري الجنوب أفريقي الذي عمل على كارثة السفينة السياحية (كوستا كونكورديا)، عام 2012، قبالة إيطاليا.

ويقول أنجوس بلير من الجامعة الأمريكية في القاهرة “كان محتما أن يتمّ التلويح بالأعلام المحلية بعد نجاح إعادة التعويم. لكن هذا لا يقلّل من المشاركة الهولندية”، في إشارة إلى شركة الإنقاذ الهولندية (سميت سالفدج) التي كانت تعمل مع الهيئة المصرية لتحرير السفينة العالقة، بتكليف من شركة (إيفر غرين) مالكة السفينة.

ويرى بلير وميونوز أن توقف القناة له تأثير ضئيل أو معدوم على حصة مصر من حركة شحن البضائع على المدى المتوسط.

ويقول بلير “في جوهره، كان هذا مجرد حادث مروري، (وإن كان) حادثًا كبيرًا”، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن “المطارات تتعرض لحوادث، ولكن يعاد فتح المطار في غضون ساعات إلى يوم واحد، ثم تُجرى التحقيقات لمعرفة السبب”، ويضيف “لذا لا أعتقد أن هناك ضررًا لسمعة مصر”.

ويشير ميونوز إلى أن “بديل الإبحار حول أفريقيا ليس معقولاً”، مؤكدًا أن “الغرض الكامل من هذه السفن الضخمة هو تقليل وقفات الموانئ والتكاليف التشغيلية”.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر + الفرنسية