رويترز: الاقتصاد المصري تعرض لضغوط شديدة وعبء الديون آخذ في الارتفاع

موظف يحسب نقودا في مكتب صرافة بوسط القاهرة (رويترز)

قال تقرير لوكالة رويترز إن بعض أسباب مشكلات مصر الاقتصادية يعود إلى عقود مضت، مثل فشل التنمية الصناعية وسياسات التصدير التي خلّفت عجزا تجاريا مستمرا.

وذكر التقرير أن الاقتصاد المصري تعرّض لضغوط شديدة خلال العام الماضي مع انخفاض قيمة الجنيه وشُح العملات الأجنبية وارتفاع التضخم.

الجنيه المصري انخفض نحو 50% مقابل الدولار منذ مارس 2022 (رويترز)

تسعير العملة المحلية

وقال التقرير “تسبب تسعير العملة المحلية بأعلى من قيمتها الحقيقية وضعف حقوق الملكية والمؤسسات وهيمنة الدولة والجيش في إعاقة الاستثمار والمنافسة، كما تسببت برامج الدعم في استنزاف ميزانية الدولة لفترة طويلة رغم تخفيضها الآن”.

وذكر التقرير أن ضعف الاستثمار الأجنبي خارج قطاع النفط والغاز، أدى إلى الاعتماد بشكل أساسي على إيرادات السياحة والتحويلات المالية ورسوم عبور قناة السويس.

مسؤولون يقولون إنهم زادوا الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفقراء (epa)

أخطاء سياسية

وأشار التقرير إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كثيرا ما يلقي بالمسؤولية في المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد على الاضطرابات التي أعقبت انتفاضة 2011 والنمو السكاني السريع.

وقال التقرير “وفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن النمو السكاني ارتفع على أساس سنوي في 2021 بمقدار 1.7%. ومنذ عام 2020، تحدثت السلطات عن الصدمات الاقتصادية التي أحدثتها مشكلات خارجية، منها جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا”.

لكن المحللين قالوا إن هناك أخطاء سياسية أدت إلى هذا الوضع الاقتصادي، من بينها إنفاق الكثير لمساندة العملة المحلية والاعتماد على استثمارات المحافظ الأجنبية المتقلبة وعدم تنفيذ إصلاحات هيكلية.

سوق للبيع بأسعار مخفضة بعد ارتفاع حاد للأسعار (رويترز)

إلى أي مدى أصبح الوضع سيئا؟

وذكر التقرير أن الاقتصاد ينمو نموا مطردا، لكن تأثير هذا النمو الذي تشير التوقعات إلى أنه سيتراوح بين 4% و5% في العام الحالي لا يجاري الزيادة السكانية التي تشهدها مصر، وتقول أعداد كبيرة من المصريين إن مستوى معيشتهم قد تدهور.

ومنذ مارس/آذار 2022، انخفضت قيمة الجنيه المصري نحو 50% مقابل الدولار. وأدى النقص الحاد في الدولار إلى تقليل الواردات وتراكم البضائع في الموانئ، مما كان له تأثير سلبي في الصناعة المحلية.

وارتفع التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 25.8% في يناير/كانون الثاني، وهو أعلى مستوى منذ 5 سنوات، بحسب البيانات الرسمية، وزادت أسعار العديد من السلع الغذائية الأساسية بصورة أسرع.

وأفادت البيانات الرسمية بأن معدل الفقر بلغ نحو 30% من السكان قبل جائحة كوفيد-19، بينما يقول المحللون إن معدل الفقر ارتفع منذ ذلك الحين. وتشير التقديرات إلى أن 60% من سكان مصر البالغ تعدادهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو بالقرب منه.

وانخفض معدل البطالة إلى ما يزيد قليلا على 7%، لكن نسبة القادرين على المشاركة في سوق العمل شهدت انخفاضا أيضا في الفترة من 2010 حتى 2020، في حين تعاني بعض أجزاء منظومة التعليم الحكومي من حالة انهيار، وتسعى أعداد كبيرة من الخريجين للعمل في الخارج حينما يتسنى لهم ذلك.

مُزارع وسط حقول الأرز في دلتا مصر (رويترز)

ودائع واستثمارات.. وشروط

وقال التقرير إن الدول الغربية ودول الخليج تنظر إلى مصر في عهد السيسي على أنها ركيزة للأمن في منطقة مضطربة.

وبسبب الصدمة الاقتصادية التي أحدثتها الحرب الأوكرانية على مصر، تلقت القاهرة ودائع واستثمارات بمليارات الدولارات من حلفائها من دول الخليج، بما فيها السعودية والإمارات.

وأشار التقرير إلى أن دول الخليج بدأت بوضع شروط قاسية لضخ أموال جديدة على الرغم من تجديدها ودائعها الحالية في مصر، وتسعى على نحو متزايد إلى الاستثمارات التي تدر عائدا.

وفي مارس 2022، قالت الحكومة إنها بدأت محادثات بشأن أحدث حزمة مالية من صندوق النقد الدولي، وأكدت في نهاية الأمر حصولها على قرض بقيمة 3 مليارات دولار يرتبط بإجراء بعض الإصلاحات مثل تقليص دور الدولة والجيش في الاقتصاد.

مصر أنفقت الكثير في بناء المدن الجديدة والطرق السريعة (AFP)

عبء الديون

وتطرّق تقرير رويترز إلى ديون مصر الخارجية، وأشار إلى أن عبء الديون آخذ في الارتفاع لكن المحللين يختلفون حول مدى الخطر الذي تمثله هذه الديون.

وتتوقع الحكومة أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو/حزيران ستصل الديون إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يُظهر ارتفاع معدل الدين خلال السنوات القليلة الماضية الذي تريد الحكومة خفضه إلى 75% بحلول عام 2026.

وأدّت أعباء المديونية الثقيلة وارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة إلى زيادة تكلفة خدمة الدين، وتوقع التقرير أن تبتلع مدفوعات الفوائد على الديون أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية التي تنتهي في يونيو.

وتؤدي مدفوعات الديون الخارجية وفوائدها إلى فجوة كبيرة في التمويل الخارجي، وتمثل الفجوة التمويلية الفرق بين العرض والطلب في ما يتعلق بالتمويل بالعملة الأجنبية، ويجب على مصر أن تسدد لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

كشك لبيع الفاكهة في ظل تراجع العملة وزيادة التضخم (AFP)

كيف يتم إنفاق الأموال؟

وحول إنفاق الأموال، قال التقرير “بخلاف النفقات العادية التي تشمل الرواتب والخدمات العامة، أنفقت مصر الكثير على البنية التحتية في عهد السيسي”.

وشملت أوجه الإنفاق أيضا مشروعات الإسكان وإقامة عدد من المدن الجديدة وبناء طرق سريعة، وأبرز هذه المشروعات الضخمة هو العاصمة الإدارية الجديدة، التي قال أحد المسؤولين إن الدولة تحاول دفع تكلفتها المقدرة بنحو 58 مليار دولار من خلال بيع الأراضي والاستثمارات.

وقال معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إن واردات مصر من الأسلحة ارتفعت خلال العقد الماضي، مما يجعلها ثالث أكبر مستورد على مستوى العالم، كما ذكر التقرير.

ويقول المسؤولون إنهم زادوا حجم الإنفاق على البرامج الاجتماعية للفقراء، بما في ذلك برنامج المساعدات النقدية الذي يغطي 5 ملايين أسرة، لكن منتقدين يقولون إن الرعاية الاجتماعية غير كافية لحماية مستويات المعيشة.

المصدر : رويترز