“كل مَن يخرج الآن بلا روح”.. صدمة رجال الخوذ البيضاء مع كل عملية انتشال وصورة طفلتين تصمد أمام الزلزال (شاهد)

لليوم السادس على التوالي، وفي مشهد أشبه بخلية نحل، يعمل متطوعو الدفاع المدني السوري في مناطق المعارضة (الخوذ البيضاء)، على إخراج العالقين تحت ركام منازلهم التي دُمّرت نتيجة الزلزال الذي ضرب شمالي سوريا فجر الاثنين الماضي.
ووسط تخاذل واضح من المجتمع الدولي، يوثّق الدفاع المدني السوري، عبر حسابه على تويتر، مشاهد من محاولاته الأخيرة لإنقاذ عالقين تحت الأنقاض من دون جدوى، فكل من يخرجون الآن أجساد بلا أرواح.
موت فوق موت
وفي مقطع مؤثر قال أحد متطوعي الخوذ البيضاء “موت تشابه علينا. صورتان لطفلتين قرب أنقاض منزلهما في مدينة جنديرس بريف حلب، تبكي القلوب. وتبكي. وتبكي. هو موت فوق موت”.
وبيّن خلال الفيديو آثار الدمار التي غطت المكان كله في حين صمدت صورة الطفلتين اللتين لم يُعرف هل صمدتا تحت أنقاض الزلزال أم رحلتا مع الراحلين.
موت تشابه علينا….صورتان لطفلتين قرب أنقاض منزلهما في مدينة جنديرس بريف #حلب، تبكي القلوب… وتبكي …وتبكي … هو موت فوق موت.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/emEC4zf14A
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
في تلك الليالي الطويلة المظلمة منذ وقوع الكارثة، بقي رجال الدفاع المدني السوري على قيد الأمل وأرواحهم معلقة بأنفاس من هم تحت الركام، رغم تضاؤل الأمل في العثور على ناجين مع مرور الوقت.
في تلك الليالي الطويلة المظلمة… بقينا على قيد الأمل وأرواحنا معلقة بأنفاس من هم تحت الركام.
حارم ريف #إدلب 10-2-2023#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/oa4hB1odrR— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
وبينما ضاعت المعالم وغابت تفاصيل الحياة في مدن صارت ركامًا تلفّه تفاصيل العذاب كما في مدينة سلقين، أصبح جميع السوريين مفجوعين بالكارثة.
ضاعت المعالم وغابت تفاصيل الحياة في مدن باتت ركام تلفها تفاصيل العذاب
مدينة سلقين – الجمعة 10 شباط.#زلزال_سوريا #سوريا #الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/pdfrDBifEu— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
وتم انتشال عائلة قضت تحت الركام جراء الزلزال، في المدينة الواقعة غربي إدلب.
جميع السوريين باتوا مفجوعين بالكارثة.
انتشال عائلة قضت تحت الركام جراء الزلزال، في مدينة #سلقين غربي #إدلب، يوم الأربعاء 8 شباط#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/Lzttl39Zya— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
وانتشرت صورة أحد رجال الخوذ البيضاء وهو متعبٌ ومنهك يلتقط أنفاسه، لكنه أبى أن يغادر موقعه حتى الانتهاء من عملية البحث والإنقاذ في ثالث أيام الكارثة بالمدينة ذاتها.
متعبٌ ومنهك يلتقط أنفاسه، يأبى أن يغادر موقعه حتى الانتهاء من عملية البحث والانقاذ.
الصورة من عملية البحث والانقاذ في مدينة #سلقين، يوم الأربعاء 8 شباط، جراء الزلزال الذي ضرب شمال غربي #سوريا الاثنين 6 شباط.#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/7l9wBuYyIq— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
جنديرس المنكوبة
مع بزوغ فجر أمس الجمعة، أراد هذا المتطوع أن يزرع النور في ظلام موحش تفوح منه رائحة الحزن لعله يجد روحًا يعيد إليها الأمل في جنديرس المنكوبة بريف حلب الشمالي.
يزرع النور في ظلام موحش تفوح منه رائحة الحزن لعله يجد روحاً يعيد لها الأمل.
جنديرس ـ ريف حلب الشمالي ـ الساعة 3 فجر يوم الجمعة 10 شباط.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/Igc98QY5yT— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
غير أن المدينة المنكوبة شهدت وحدها حتى ظهر اليوم السبت، انتشال 515 جثة وأكثر من 830 مصابًا من تحت أنقاض المباني المدمرة، ولا تزال فرق الدفاع المدني تواصل أعمال البحث في الشمال السوري.
استمرار عمليات البحث تحت أنقاض المباني المدمرة في مدينة جنديرس شمالي #حلب اليوم السبت 11 شباط، وثقت فرقنا حتى الآن انتشال 515 جثة وأكثر من 830 مصاب من تحت أنقاض المباني المدمرة في المدينة، وتواصل فرقنا أعمل البحث في شمالي غربي #سوريا.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/iGSrlGQX0M
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
دمار واسع والكل يبحث في حيز ضيق من الوقت لانتشال عالقين تحت الأنقاض بالمدينة المنكوبة.
دمار واسع والكل يبحث في حيز ضيق من الوقت
من عمليات البحث في مدينة #جنديرس المنكوبة لانتشال عالقين تحت الأنقاض أمس الجمعة 10 شباط.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا_تستغيث#سوريا pic.twitter.com/d70xX2F07c— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
وحين غربت شمس الجمعة غربت معها الحياة مجددًا، حيث تم انتشال طفلة في المدينة مع استمرار عمليات البحث والانتشال بين الأنقاض في مشهد قاسٍ وحزين.
غربت الشمس وغربت معها الحياة مجدداً.
انتشال طفلة في مدينة جنديرس مساء الجمعة 10 شباط، مع استمرار عمليات البحث والانتشال بين الأنقاض#الخوذالبيضاء #سوريا #زلزال_سوريا pic.twitter.com/F2upp1PSM2— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
ومن قبل ذلك اليوم، غاب هتاف الحياة تقريبًا عن جنديرس المنكوبة منذ اليوم الرابع من الزلزال، فكل من خرج كان فاقدًا للحياة.
غاب عنا هتاف الحياة في اليوم الرابع على الزلزال، فكل من خرج كان فاقداً للحياة.
من عمليات انتشال جثث الوفيات من تحت الأنقاض في مدينة #جنديرس شمالي #حلب يوم الخميس 9 شباط#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا#سوريا_تستغيث pic.twitter.com/05FRvz0ugE— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
إنقاذ حتى الرمق الأخير
ومنذ وقوع الكارثة، وثّقت الخوذ البيضاء مقاطع أخرى تبعث الأمل مع خروج أناس على قيد الحياة قبل أن تعلن انقطاعه نهائيًّا مساء أمس، بقرارها توقف أعمال البحث عن ناجين وبدء انتشال جثث الضحايا ليبقى ضحايا الكارثة وصمة خالدة في وجه المجتمع الدولي.
ففي قرية أرمناز غربي إدلب، تمكن رجال الدفاع المدني من إنقاذ طفلة، رغم بقائها محاصرة مدة 40 ساعة، بين جدران منزلها الذي تهدم فوق عائلتها.
على قيد الحياة فقط، لكنها ليست على قيد الأمل.
لحظات إنقاذ الطفلة "تقى" بعد أكثر من 40 ساعةً من على بقائها محاصرةً بين جدران باردة ضمّت أجساد عائلتها بالأكمل، جراء الزلزال في قرية #أرمناز غربي #إدلب في ثاني أيام الزلزال، الثلاثاء 7 شباط.#الخوذالبيضاء #سوريا #زلزال_سوريا pic.twitter.com/ZT51440rSW— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
وفي قرية بسنيا غربي إدلب، تمكنوا من انتشال عائلة كاملة من تحت الركام وسط صيحات التكبير والتهليل فرحًا بأسرة كُتب لها الحياة رغم انعدام كل فرص الحياة.
الصوت القادم من غياهب الأنقاض كان كفيلاً بهتاف الحياة.
عائلة من بين مئات العوائل التي أنقذناها من بين الأنقاض والركام في قرية بسنيا غربي #إدلب مساء الثلاثاء 7 شباط.
#الخوذ_البيضاء#زلزال_سوريا#سوريا pic.twitter.com/u8JpGGFiXh— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
وفي بلدة عزمارين في ريف إدلب الغربي، كشفت عناصر الخوذ البيضاء عن مهارة واحترافية، ليس فقط في جهود الإنقاذ وانتشال الناجين، وإنما أيضا في التعامل مع الأطفال في هذه الظروف العصيبة، والقدرة على احتوائهم وطمأنتهم للتخفيف من هول ما يلاقون.
من تحت الركام هناك من كان يبحث عن الأمل بالحياة، ولبينا النداء.
إنقاذ طفل من بين الأنقاض في بلدة عزمارين في ريف إدلب الغربي، مساء الثلاثاء 7 شباط.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/6cLONpGYVM— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 9, 2023
ولم يقتصر أصحاب (الخوذ البيضاء) على البحث عن ناجين، بل تجولوا أيضا في مخيمات الإيواء، لتقديم الخدمات الطبية للمتضررين، وسط ظروف صعبة يعانيها المدنيون مع انعدام مقومات الحياة حتى قبل الزلزال وتفشي مرض الكوليرا، ووجود نحو مليوني مهجّر يعيشون في المخيمات.
جولة لمتطوعات #الخوذ_البيضاء،أمس الجمعة 10 شباط،في مخيمات الإيواء في مخيم جبل كللي شمال غربي #سوريا، لتقديم الخدمات الطبية للمتضررين من #زلزال_سوريا ظروف صعبة يعانيها المدنيون مع انعدام مقومات الحياة حتى قبل الزلزال وتفشي مرض #الكوليرا ووجود نحو مليوني مهجّر يعيشون في المخيمات. pic.twitter.com/6s4tUpeZCz
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023
ومع اللحظات الأولى من الزلزال أعلن الدفاع المدني السوري، حالة الطوارئ القصوى، وواصل الليل بالنهار من أجل إنقاذ أكثر عدد ممكن من العالقين تحت الأنقاض، وأعلن الشمال السوري “منطقة منكوبة” مستنجدًا بإدخال مساعدات وإغاثات لنجدة مئات العائلات القابعة تحت الأنقاض.
أوضاع مأساوية في مخيمات الإيواء، رصدتها متطوعات #الخوذ_البيضاء، اليوم الجمعة 10 شباط، أثناء جولتها في مخيم الإيواء في كللي شمال غرب #سوريا، لتقديم الخدمات الطبية للمتضررين من الزلزال الذي وقع في شمال غرب سوريا فجر الاثنين 6 شباط.#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/7Bn59dDG4I
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
وخلال الساعات الأولى من بداية الزلزال كان أنقذ مئات من تحت الأنقاض وهم على قيد الحياة، وانتشل أيضًا عددا كبيرا من جثث الذين قضوا تحت ركام المنازل، ولكن الفرص بدأت تتضاءل والوقت بدأ ينفذ بعد مرور 72 ساعة من عمر الزلزال بسبب الصعوبات الكبيرة التي واجهت عمليات الإنقاذ.
الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ …والانتقال لمرحلة البحث والانتشال.. وإحصائية مفصلة لـ 108 ساعات من العمل
لقراءة التقرير كاملاً: https://t.co/AGuOlDwpNF#الخوذ_البيضاء #زلزال_سوريا #سوريا pic.twitter.com/RlB3MekS7Z— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 10, 2023
وتمثلت أبرز الصعوبات في شح الوقود اللازم لتشغيل الآليات الثقيلة ساعات أطول لتسريع عمليات الإنقاذ، والانتشار الجغرافي الكبير للدمار في معظم مناطق شمال غرب سوريا وما يتطلبه من مستلزمات كبيرة جدًّا في معدات البحث والإنقاذ، والمعدات التقنية الحديثة لتحديد أماكن المصابين، كالمستشعرات الحرارية ومجسات النبض والكاميرات، وغياب المساعدات الدولية وعدم الاكتراث من المجتمع الدولي بالنداءات الإنسانية.
وقد بدأ متطوعو الخوذ البيضاء عملهم عام 2013 بعدما تصاعدت الثورة السورية إلى نزاع مسلح تسبب حتى اليوم في مقتل قرابة نصف مليون سوري ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وفي 2014 أصبحوا يعرفون باسم “الخوذ البيضاء” نسبة إلى الخوذ التي يضعونها على رؤوسهم، وتعرّف العالم عليهم بعدما تصدرت صورهم وسائل الإعلام وهم يبحثون بين الأنقاض عن أشخاص عالقين تحت ركام الأبنية أو يحملون أطفالا تغطيهم الدماء إلى المستشفيات خلال المعارك والهجمات العسكرية التي طالت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.
وتلقى عدد منهم تدريبات في الخارج، ثم عادوا إلى سوريا لتدريب زملائهم على تقنيات البحث والإنقاذ.
وتضم منظمة الخوذ البيضاء الناشطة في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة بشمال وشمال غرب سوريا حاليا 3300 متطوع، معظمهم من الرجال، وبينهم نساء يشاركن في عمليات الإنقاذ.
في معركة هي الأشد مع ركام الأبنية المنهارة على أمل إنقاذ روح وإعادة الحياة لها،تمر لحظات يقترب اليأس…لكن يدفعه الأمل من جديد.
من استجابة متطوعات #الخوذ_البيضاء يوم الخميس 9 شباط، في انتشال المدنيين العالقين تحت الأنقاض في مدينة حارم غربي إدلب.
#زلزال_سوريا #سوريا_تستغيث #سوريا pic.twitter.com/2toGKax6BE— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 11, 2023