بحث عالمي عن سبب انتشار حالات التهاب الكبد الغامضة بين الأطفال

(رويترز)

حفزت الحالات المتزايدة لمرض التهاب الكبد لدى الأطفال عملية بحث دولية لتحديد سبب هذا المرض، بمشاركة محققين وباحثين من وكالات الصحة العالمية وعدة دول بالعالم، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

وعادةً ما ينتج التهاب الكبد عن أحد الفيروسات العديدة المعروفة (التهاب الكبد A، أو B، أو C، أو D، أو E)، ولكن تم استبعاد هذه الفيروسات جميعًا في الحالات الجديدة التي أظهرت أعراضًا شديدة بشكل غير معتاد.

إذ استمر طفل صغير في التقيؤ عدة أيام في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي -وهو الآن في مستشفى برمنغهام بولاية ألاباما الأمريكية- مع ظهور اصفرار في عينيه والتهاب شديد في الكبد. وبعد إجراء اختبارات الدم له استبعد الأطباء على الفور جميع الأسباب الشائعة لالتهاب الكبد الفيروسي، وتذكروا مدى ندرة رؤية التهاب الكبد الحاد في طفل يتمتع بصحة جيدة.

وفي غضون أسبوع، ظهر طفل آخر يعاني من الأعراض نفسها في مركز “تشيلدز أوف ألاباما”، ثم ظهر ثالث، واستمرت الحالات في الظهور. وخلال الأشهر الأربعة التالية كان الأطباء يعتنون بتسعة أطفال، جميعهم تقل أعمارهم عن 6 سنوات ويعانون من التهاب حاد في الكبد مجهول السبب، بل إن طفلين نُقلا إلى مستشفى خارج الولاية لحاجتهما إلى عملية زرع كبد.

وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن ما اعتقد أطباء ألاباما أنه تفشٍّ محلي في أكتوبر تطور إلى تفشٍّ عالمي غامض أصاب ما لا يقل عن 520 طفلا في 20 دولة، 180 منهم في الولايات المتحدة.

لكن مركز السيطرة على الأمراض قال إن “الغالبية العظمى” هي تقارير بأثر رجعي، وليست أمراضًا جديدة. وقد توفي أحد عشر طفلا في أماكن مختلفة من العالم جراء هذا المرض، خمسة منهم في الولايات المتحدة، كما احتاج أكثر من عشرين طفلا إلى عمليات زرع كبد.

من جانبها قالت إليزابيث ويتاكر المختصّة في الأمراض المعدية لدى الأطفال بالكلية الملكية بلندن التي أبلغت عن 176 حالة، إنه هذا الأمر غير معتاد لأن هؤلاء الأطفال أصحاء، ومعظمهم تقل أعمارهم عن 5 سنوات.

وأضافت أن التهاب الكبد الخفيف شائع إلى حد ما عند الأطفال، لكن الأطباء يرون شيئًا مختلفًا ومثيرًا للقلق، إذ يصاب هؤلاء الأطفال بالتهاب شديد في الكبد لدرجة تتطلب عمليات زرع في بعض الحالات، مشيرة إلى أن المملكة المتحدة كانت تجري عادة ما بين 8 و10 عمليات زرع من هذا القبيل في السنة، لكنها هذا العام احتاجت إلى 11 عملية في ثلاثة أشهر.

واعترفت الطبيبة بأنه لم يتم التوصل بعد لسبب ذلك بعد سبعة أشهر من البحث، لكن الأدلة المتراكمة تشير إلى سببين رئيسيين هما زوج من الفيروسات يعملان بمفردهما أو ربما جنبًا إلى جنب. أحدهما هو الفيروس الغدي (adenovirus)، وهو عائلة شائعة من الفيروسات تسبب أعراضًا تتراوح من نزلات البرد إلى احمرار العين، والثاني هو فيروس كورونا الذي يعتقد بعض الأطباء أنه ربما يكون قد ساهم في التهاب الكبد من خلال عدوى قديمة أو عدوى مصاحبة أدت إلى المبالغة في رد فعل الجهاز المناعي.

وإلى جانب الأطباء الذين يعملون بشكل محموم لحل هذا اللغز، هناك عشرات من العائلات التي شاهدت أطفالها ينتقلون مما بدا وكأنه نوبات يومية من اضطراب المعدة والإسهال والقيء إلى التهاب الكبد الحاد إلى فشل الكبد، وفي عدد قليل من الحالات تم إخبارهم عن احتياج أطفالهم إلى عمليات زرع. ويشارك البعض الآن تفاصيل تجاربهم للمساعدة على حل اللغز.

بيد أن البحث مليء بالتحدي والخيوط المثيرة غير الحاسمة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن الأطباء في بلدان مختلفة قد اختبروا أشياء مختلفة ولا توجد حتى الآن بروتوكولات موحدة.

وأقوى دليل يربط حالات التهاب الكبد بالفيروس الغدي هو نتائج الاختبارات التي أظهرت ذلك في دم أكثر من نصف الأطفال في الولايات المتحدة وما يقرب من ثلاثة أرباع الأطفال في المملكة المتحدة، وهي سلالة مرتبطة بأمراض المعدة الشديدة.

المصدر : واشنطن بوست