اعتُقل معصوب العينين مقيد الرجلين.. منصور أصغر فلسطيني معتقل إداريا في إسرائيل

منصور أصغر فلسطيني معتقل إداريًّا في إسرائيل (مواقع التواصل)

بادر الفتى الفلسطيني محمد غسان منصور (17 عامًا) والدته التي كانت تحدثه عن زملائه في مقاعد الدراسة، خلال أول زيارة له في سجن إسرائيلي، بقوله “لا تُكملي، فهذا يقهرني، أنا وغيري نُسجَن ظلمًا”.

ومحمد تلميذ مجتهد، كان يقترب من إنهاء الثانوية العامة، ويسخّر وقته للدراسة لتجاوز مرحلة مفصلية في حياته، عندما اعتقلته قوة عسكرية إسرائيلية في أبريل/نيسان 2021.

وقالت والدة الطفل السجين (سناء منصور) في الزيارة الأولى، بعد أكثر من ستة أشهر من المنع، إن ابنها محمد كان متعبا جسديًّا ونفسيًّا، وبدأ يسرد تفاصيل اعتقاله والتنكيل به، والقهر الذي تعرّض له.

قالت والدة محمد إن ابنها، كان في بداية مرحلة التوجيهي، ومجتهدًا في مدرسته، لكن الدراسة الأكاديمية لم تكن بذاتها همّ محمد، الذي كان يعدّها خطوة نحو التجارة.

ولم تكن بداية الطريق معبّدة أمام محمد منصور وطموحه، فالسلطة الفلسطينية اعتقلته نحو شهرين احترازيًّا -حتى لا يعتقله الإسرائيليون- حسب تفسير والدته.

اعتقال بوحشية

وعندما كان محمد في سجن السلطة طلب كتبه الدراسية، حتى يستعد لتعويض ما فاته من امتحانات، واستمر ذلك شهرين، لكن بمجرد إفراج السلطة الفلسطينية عنه باغت الجيش الإسرائيلي العائلة واعتقله بوحشية.

وتشير والدة محمد إلى أن ذلك كان عند الساعة الثانية فجرًا، يوم 9 أبريل 2021، وتصف المشهد قائلة “دخلوا بهمجية ووحشية، ضربوه على رأسه بالسلاح، وفقدَ النظر تمامًا في تلك اللحظة”.

وفي لحظة الاعتقال لم يسمح الجنود لشقيقة محمد الصغرى بأن تقدّم له الماء، كما رفضوا السماح لأفراد العائلة بتزويده بالملابس أو توديعه، وروى محمد لأمه تفاصيل أصعب لحظات الاعتقال خلال زيارتها له.

وتنقل الوالدة ما أخبرها به ابنها خلال الزيارة بقوله “إن أصعب لحظة كانت لحظة الاعتقال، معصوب العينين مقيد الرجلين، برد وجوع”.

وأمضى محمد -بحسب والدته- 28 يومًا في زنازين التحقيق، وقالت إنه من الصعب أن يؤخذ طفل بهذه الوحشية والظلم، والأصعب أن يكون معتقلًا إداريًّا (دون تهمة).

وشرحت والدة محمد، كيف أنها رأت ابنها وهو في حالة صعبة، تزداد في كل زيارة لاحقة أو تمديد اعتقاله دون تهمة أو محاكمة، وقالت إن ابنها أصيب بحالة نفسية عندما صدر بحقه أمر الاعتقال الإداري أول مرة (حبس 6 أشهر).

وأوضحت أن نفسيته اضطربت أكثر عند تجديد أمر الاعتقال مرة ثانية (حبس 4 أشهر) ثم جددوا له الاعتقال الإداري مرة ثالثة.

وصدر أمر الاعتقال الإداري الأول لمدة 6 أشهر بحق الطفل منصور يوم 24 أبريل 2021، ثم مُدّد أربعة أشهر أخرى، كان يُفترض أن تنتهي في فبراير/شباط الماضي، لكن أمر اعتقال إداري جديد صدر مدته أربعة أشهر.

وناشدت والدة الطفل المعتقل، المؤسسات الحقوقية العالمية، التدخل للإفراج عن ابنها، وقالت إنه طفل لا ذنب له.

ومع نهاية 2021، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين الأطفال في سجون إسرائيل نحو 160 طفلًا من بين 4 آلاف و600 أسير وأسيرة، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

التماس للأمم المتحدة

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، توجه فرع فلسطين في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال بالتماس عاجل إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، بخصوص منصور.

وقالت الحركة إن قوات الاحتلال احتجزت منصور، لمدة 15 يومًا في ظروف مهينة وغير إنسانية في معتقل (حوارة) الإسرائيلي، شمال الضفة الغربية.

ونقلت عن الطفل خلال زيارة محامي المنظمة له قوله إن جنود الاحتلال ربطوا يديه للخلف بمربطين بلاستيكيين وشدّوهما بقوة، وكان أحدهم يمسكه من عنقه بينما كان آخر يوجه له الركلات.

وقال المحامي إن محمد تعرّض للتفتيش العاري مرات عدة، وفي 25 أبريل 2021، صدّقت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن (عوفر) على أمر اعتقال إداري بحقه.

وتقول الحركة إن إسرائيل اعتقلت إداريًّا أربعة أطفال خلال 2021، و39 طفلًا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015.

الاعتقال الإداري

واعتُقل نحو 50 ألف فلسطيني إداريًّا منذ عام 1967، وفق مؤسسة الضمير لرعاية السجين وحقوق الإنسان.

وبدأت إسرائيل استخدام هذه العقوبة المحظورة في القانون الدولي ضد الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال والنساء، منذ احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس عام 1967.

​وتعود القوانين العسكرية الإسرائيلية المتعلقة بأوامر الاعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ الانتدابي البريطاني (1920- 1948) لعام 1945.

المصدر : الأناضول