مفاوضات بين منظمات إنسانية وطالبان.. والأوربيون يعتزمون العودة إلى كابل بشروط

أحد الشوارع في العاصمة الأفغانية كابل- 1 سبتمبر(رويترز)

تتفاوض المنظمات الإنسانية في الكواليس مع حركة طالبان بهدف مواصلة أنشطتها داخل أفغانستان، التي باتت على شفير “كارثة إنسانية” محتملة بينما تخيّم الضبابية على الوضع الاقتصادي والمالي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر يوم الثلاثاء من “كارثة إنسانية” وشيكة في أفغانستان وحضّ دول العالم على تقديم مساعدات مالية عاجلة.

وتعيش منظمات غير الحكومية حالة عدم يقين بينما تحاول الحصول على ضمانات بشأن استمرارية برامجها، وتؤكّد أنه لا نية لديها في أن تخفف وجودها ونشاطها.

وقالت متحدثة الرسمية باسم المجلس النروجي للاجئين” فرقنا على الأرض بدأت تنخرط في مناقشات مع طالبان في عدّة ولايات، وطلبوا منا في كل مرة أن نواصل القيام بعملنا”.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر فلوريان سيريكس إن “التحولات في أفغانستان لم تؤثر على علاقتنا مع طالبان والوضع الحالي لا يبدل من طريقة تصرفنا”.

وأعرب عناصر إغاثة أجانب آخرون غادروا البلد نهاية أغسطس/آب عن رغبتهم بالعودة مجددًا، في وقت حذر ممثل أطباء بلا حدود في أفغانستان من أن البلاد قد تواجه نقصًا في الإمدادات الطبية.

مفاوضات وضمانات

وأكدت منظمات غير حكومية أخرى أنها تجري محادثات مع طالبان بغية مواصلة عملياتها على الأرض أو أنها تبلغت ضمانات أمنية لمواصلة البرامج القائمة.

ويعاني البلد الذي يعد من بين أفقر دول العالم من انهيار ويرزح تحت وطأة الجفاف وجائحة كورونا ونزوح مئات آلاف السكان، في وقت يعتمد فيه الاقتصاد على المساعدات الدولية المعلقة تقريبًا في الوقت الحالي.

ويعيش 18 مليون شخص من أصل سكان أفغانستان المقدر عددهم بنحو 35 إلى 40 مليون شخص في أوضاع إنسانية كارثية وحذرت الأمم المتحدة من أن عددًا مماثلًا قد ينضم إلى هذه الفئة داعية إلى تقديم مساعدات دولية.

ويشكل الحفاظ على أمن المهمات مسألة حساسة أيضًا في واحدة من أكثر المناطق خطورة لأعمال الإغاثة.

كانت طائرة أمريكية قصفت مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز-شمال- في 3 من تشرين الأول/أكتوبر 2015، وسط قتال بين إسلاميين والجيش الأفغاني، ما أدى لسقوط 42 قتيلًا منهم 24 مريضًا و14 عاملًا في المنظمة الحكومية.

وفي يونيو/حزيران الماضي، قُتل عشرة عمال إزالة ألغام أفغان يعملون لدى منظمة هالو ترست البريطانية في ولاية بغلان -شمال على أيدي تنظيم الدولة.

اجتماع للمساعدات الإنسانية

ويستضيف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اجتماعًا رفيع المستوى في 13 من سبتمبر/ أيلول الجاري للبحث في زيادة المساعدات الإنسانية لأفغانستان، وفق ما أفاد المتحدث باسمه أمس الجمعة.

وقال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان إن “المؤتمر سيدعو إلى زيادة سريعة في التمويل من أجل استمرار العمليات الإنسانية، ولضمان حصول الأفغان على الخدمات الأساسية التي يحتاجون إليها”.

وشدد على ضرورة حماية مكاسب التنمية في البلاد، معتبرًا أن حقوق النساء جزء “أساسي” من استقرار أفغانستان في المستقبل.

وأشار دوجاريك إلى أن “أفغانستان تواجه كارثة إنسانية وشيكة” خصوصا بسبب “النزاع الطويل الأمد والجفاف الشديد وجائحة كوفيد-19”.

ويحتاج نصف السكان البالغ عددهم 38 مليون نسمة إلى مساعدات إنسانية، في حين أن أكثر من نصف الأطفال دون سن الخامسة سيعانون من الجوع في العام المقبل، بحسب الأمم المتحدة.

واستأنفت الأمم المتحدة الرحلات الجوية الإنسانية إلى شمال أفغانستان وجنوبها بعد سيطرة طالبان على السلطة في البلاد، على ما أعلن دوجاريك الخميس.

الاتحاد الأوربي

وعرضت دول الاتحاد الأوربي، شروطها لإقامة علاقات مع نظام طالبان في المستقبل، واتفقت على التنسيق لضمان حضور مدني لها في كابل للمساهمة في عمليات الإجلاء.

وقال مسؤول السياسات الخارجية في التكتل الأوربي جوزيب بوريل في مؤتمر صحفي أمس” علينا التحدث إلى الحكومة الأفغانية الجديدة، وهذا لا يعني اعترافًا بل حوارًا عملانيًا”.

ويشدد الأوربيون ضمن شروطهم على ألا تتحول أفغانستان إلى “موئل للإرهاب”، وأيضًا احترام السلطات لحقوق المرأة وحرية الصحافة إلى جانب إرساء “حكومة جامعة وذات صفة تمثيلية”.

وقال بوريل إنه يتعين على طالبان الالتزام بالسماح للرعايا الأجانب والأفغان المعرّضين للخطر بمغادرة البلاد بعد انجاز عمليات الإجلاء السابقة التي قادتها الولايات المتحدة.

وأكد وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس قائلًا “من جهتنا، هذه الشروط غير قابلة للتفاوض”، وأضاف” بالطبع لا أحد يتوهم بأنها ستلبى بنسبة 100% في غضون الأيام المقبلة”.

وقال إنها “مهمة على الأمد البعيد”، وأضاف “لا نريد الحكم على طالبان والحكومة بناء على أقوالهم، بل بناء على الأفعال”.

وغادر الدبلوماسيون الأوربيون أفغانستان إلى دول مجاورة أو إلى دولهم، إلا أنّ التكتل يخشى من أثر غيابه دبلوماسيًا عن كابل وترك مساحة فارغة أمام قوى لم تغلق مقارها.

ويرغب الاتحاد الأوربي في تجنب تدفق المهاجرين إلى أراضيه مثلما حدث في العام 2015، وتستقبل باكستان وإيران أكبر عدد من اللاجئين الأفغان.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات