أزمة فرنسية أمريكية بسبب الغواصات النووية والاتحاد الأوربي يأسف ويشجب

أعرب جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوربي عن “أسف” التكتل لعدم إبلاغه أو التشاور معه بشأن الاتفاقيّة الأمنيّة المبرمة بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال بوريل خلال عرض استراتيجيّة الاتّحاد الأوربي للتعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إنّ “اتفاقا من هذا النوع لم يجر إعداده أمس الأوّل، هذا يستغرق وقتا”.

وأضاف ” لكنّنا لم يتمّ إبلاغنا، ولم تتمّ استشارتنا، نحن شجب ذلك” مشيرا إلى أنّه سيعمل على “تحليل تداعياتها” لكنه أكد أنّ ذلك لن يؤدّي إلى “إعادة النظر في العلاقة مع الولايات المتحدة”.

وقال بيتر ستانو المتحدّث باسم بوريل إنه سيتمّ إجراء تحليل للوضع ولتداعيات هذا التحالف، مشيرا إلى الاجتماع المقبل لوزراء خارجيّة الاتّحاد الأوربي، المقرّر عقده في 18 أكتوبر/تشرين الأوّل في لوكسمبورغ.

وأكد المتحدّث أنّ الاتّحاد لم يتبلّغ مسبقًا بالشراكة العسكرية الجديدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، ما يثير مخاوف في أوربا من نهج إقصائي لدى واشنطن.

أزمة مفتوحة

ودخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة أزمة مفتوحة، أمس الخميس، بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية والحصول على أخرى أمريكية تعمل بالدفع النووي.

ووصفت باريس الأمر بأنه “طعنة في الظهر”، ولم يخف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان غضبه إزاء ما حصل قائلا إن “هذا القرار الأحادي، والمباغت يشبه كثيرا ما كان يفعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب”.

وأوضح “لا تجري الأمور على هذا النحو بين الحلفاء”، وكان قد شارك في المفاوضات التي أفضت إلى الصفقة حينما كان وزيرا للدفاع عام 2016.

وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أول من أمس الأربعاء، إطلاق شراكة استراتيجيّة مع المملكة المتحدة وأستراليا، تتضمن تزويد كانبيرا غوّاصات أمريكيّة تعمل بالدفع النووي، ما أخرج عمليا الفرنسيّين من اللعبة.

وفي إطار التحالف الجديد مع واشنطن ولندن، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الخميس فسخ أستراليا عقداً ضخماً بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو) أبرمته مع فرنسا في 2016 لشراء غواصات تقليدية.

لكن أبعد من الخلاف الفرنسي-الأسترالي، أدى القرار إلى التوتر بين فرنسا والولايات المتحدة، بينما كان يُعتقد أن بايدن يسعى إلى تعزيز العلاقات بعدما سادها الاضطراب في عهد ترمب.

لكن بايدن تعهد، الخميس، بمواصلة “العمل بشكل وثيق مع فرنسا” التي وصفها بأنها “حليف أساسي” في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن هذه التصريحات لم تخفف من الاستياء الفرنسي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الخميس، إن فرنسا “شريك حيوي” للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال الأمريكيون إنهم تواصلوا مع الفرنسيين قبل إعلان الرئيس الأمريكي التحالف الجديد، لكن باريس نفت أن تكون قد أبلغت صراحة بشكل مسبق بهذه الخطوة.

ولطالما كانت باريس متوجّسة من مواصلة بايدن نهج سلفه على صعيد الأولوية الاستراتيجية وخصوصا منافسة الصين، وإن اختلف الأداء شكلا.

لكن قضية التحالف الاستراتيجي مع أستراليا الذي يرمي إلى التصدي لمطامع الصين، تجسّد عمليا أسلوبا أحاديا في العمل وفي اتّخاذ القرارات من جانب بايدن، خاصة بعد الانسحاب من أفغانستان.

ونقلت فرانس برس عن مصدر فرنسي مطلع على الملف إن الأوربيين تكوّنت لديهم فكرة “واضحة بالقدر الكافي” عن نظرة واشنطن لحلفائها.

استياء أوربي

وقال بوريل “أتفهّم خيبة أمل الفرنسيّين” وأضاف “هذا الاتّفاق يُجبرنا مرّة أخرى على التفكير في الحاجة إلى تطوير الاستقلال الاستراتيجي للاتّحاد الأوربي”.

وشدد مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوربي على أنّه سيكون من المؤسف التقليل من أهمّية استراتيجيّة تعاون الاتّحاد مع منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال إن الأمر يتعلّق باستراتيجيّة تعاون مع شركاء ديمقراطيّين يشاركوننا قيَمنا، وليس باستراتيجيّة مواجهة” مشدّدًا على أنّ “الاتّحاد الأوربي يريد نسج روابط مع دول المنطقة وليس خلق تبعيّات”.

وذكّر بأنّ “هذه المنطقة هي المستقبل، وأن الاتّحاد الأوربي هو أكبر مستثمر بـ 12 تريليونًا (12.000 مليار) يورو”.

وأكد بوريل أن الاتّحاد الأوربي سيحتاج إلى التعاون مع المملكة المتحدة، وقال “لا توجد حماسة كبيرة من جانب القادة البريطانيّين، لكن إذا ما رغبوا في ذلك، فنحن مستعدّون”.

ورأى رئيس المجلس الأوربي (شارل ميشال) أنّ الشراكة الأمنيّة الجديدة تُظهر مرّة أخرى الحاجة إلى نهج مشترك للاتّحاد الأوربي في منطقة ذات أهمّية استراتيجيّة.

وأكد أن استراتيجيّة أوربّية قويّة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ أصبحت ضروريّة أكثر من أيّ وقت مضى.

ويسعى التكتل إلى ترسيخ علاقاته في المنطقة التي يعتبرها ذات أهمية استراتيجية كبرى لمصالحه، وقالت بروكسل في أبريل/نيسان الماضي، إن الاستراتيجية تتضمن تعزيز الوجود البحري الأوربي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وعبّر كثيرون في أوربا عن الاستياء إزاء الطريقة التي انسحبت فيها الولايات المتحدة من أفغانستان، وقد اتّهم معارضو هذه الخطوة بايدن بأنه همّش الأوربيين في قراره هذا.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية