بلومبرغ: الولايات المتحدة تحتاج إلى استراتيجية جديدة في “مكافحة الإرهاب”

الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون في ذكرى هجمات سبتمبر
الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون في ذكرى هجمات سبتمبر (غيتي)

منذ هجمات 11 من سبتمبر/ أيلول 2001، كان الهدف الرئيسي لسياسة الولايات المتحدة لمكافحة “الإرهاب” هو الحيلولة دون تعرض الوطن الأمريكي لأية هجمات مرة أخرى، واستنادا إلى هذا المعيار، على الأقل، كان أداء الولايات المتحدة جيدا، حسب تقرير وكالة (بلومبرغ) للأنباء.

ووفق التقرير ذاته، أدت المطاردة العسكرية العالمية لتنظيم القاعدة إلى القضاء على قيادته وتقويض قدرته على شن هجمات تستهدف أعدادا كبيرة من الضحايا، كما أعاقت مؤامرات محتملة كثيرة، ويرجع الفضل في ذلك إلى صلابة الأمن الداخلي وجمع المعلومات الاستخبارية.

وعلى مدى 20 عامًا مضت، قُتل نحو 100 أمريكي في هجمات عنف وقعت على الأراضي الأمريكية، وهو يساوي عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم بسبب حوادث إطلاق النار اليومية.

وتقول (بلومبرغ) إنه من المهم فهم أمرين -في ظل الاعتراف بهذا الإنجاز- الأول أن البلاد ما زالت عُرضة لخطر شن هجمات عليها في المستقبل، والثاني – وبحكم الضرورة – يجب تغيير الاستراتيجية المتبعة خلال الـ20 سنة الماضية.

وتضيف “سبق أن ردت الولايات المتحدة على أحداث سبتمبر بوجوب محاربة الإرهابيين في الخارج بوصفهم خصومًا عسكريين تقليديين، وقد أسيء فهم هذا التفكير بصورة جزئية لأسباب ليس أقلها الاستخفاف بخطر تأجيج الكراهية التي تحرك الحركات الإرهابية بدلًا من قمعه”.

وتتابع بلومبرغ “تترتب على ذلك تكاليف باهظة، والأمر الأكثر خطورة يتلخص في مقتل نحو 8 آلاف من القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حروب جرت بالعراق وأفغانستان، ومنذ 2001 يتجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي ومكافحة الإرهاب 5 تريليونات دولار بالقيمة الثابتة للدولار، وفي ذروة الحرب على الإرهاب استهلكت عملية مكافحة الإرهاب أكثر من 20% من إجمالي الإنفاق التقديري للولايات المتحدة”.

تركت هجمات سبتمبر 2001 بصماتها على العالم وليس أمريكا وحدها
تركت هجمات سبتمبر 2001 بصماتها على العالم وليس أمريكا وحدها (غيتي)

ويعكس انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان مؤخرا المعاناة من حالة الإنهاك العام بسبب مثل هذه الالتزامات، وسواء كان الاستراتيجيون في الحكومة يحبون ذلك أم لا، فقد دفعت هذه التجربة الولايات المتحدة إلى نهج جديد أقل اعتمادًا على الحروب الخارجية، وأكثر اعتمادا على الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية للحد من “التهديد الإرهابي”.

وتؤكد بلومبرغ “يعد التحدي خلال العشرين عاما المقبلة هو تشكيل هذه الاستراتيجية الأكثر دقة وتعقيدا لتحقيق أفضل النتائج وتُعد المهمة الأكثر فعالية هي فهم العدو، وقد تضاعف عدد الجماعات المتشددة التي صنّفتها الخارجية الأمريكية بأنها منظمات إرهابية أجنبية 4 مرات منذ وقوع أحداث سبتمبر”.

وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الجيش الأمريكي وشركاؤه في التحالف لإضعاف قوة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، يستمر “الآلاف من الإرهابيين” في العمل بسوريا والعراق وأفغانستان، بحسب التقرير.

وتقول (بلومبرغ) إن “الجهاديين” اكتسبوا موطئ قدم في أجزاء من جنوب شرق آسيا، وينتشرون في أنحاء أفريقيا، إذ يهدد المتمردون استقرار دول مثل الصومال ونيجيريا ومالي وموزمبيق.

وتشارك الجماعات “الجهادية” الأجنبية حاليًّا الاستعداد الذي كان لدى أسامة بن لادن لقتل الأبرياء من أجل خدمة أيديولوجيتها، على حد تعبير بلومبيرغ، وقد ساعد التعاون الوثيق بين وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات والمراقبة الشديدة لاتصالات المسلحين وتكثيف رصد مواردهم المالية في تقييد قدرتهم على بلوغ أهدافهم ويتعين الحفاظ على تلك الجهود وتحسينها، وفق التقرير.

وتضيف بلومبرغ “وعلى الرغم من رفض الرأي العام لـ(الحروب الأبدية)، ستحتاج الولايات المتحدة إلى مواصلة فرض الضغط العسكري على الشبكات المتطرفة، ويقع التحدي الأكبر في أفغانستان إذ يمكن لسيطرة طالبان على السلطة من جديد أن تجعل البلاد ملاذا آمنا للمتطرفين العنيفين مجددا”.

وتواصل “في ظل غياب القوات والدبلوماسيين على الأرض، يتعين على الولايات المتحدة زيادة استثماراتها في مجال تعزيز قدرات الأقمار الاصطناعية والاستطلاع لتحسين دقة الهجمات التي تشنها الطائرات من دون طيار”.

ويستطرد التقرير “يجب أن تسعى الولايات المتحدة إلى إبرام اتفاقيات لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول المجاورة لأفغانستان، ويتعين على الوكالات الغربية المعنية بمكافحة الإرهاب استكشاف إمكانية التعاون المحدود مع النظام الأفغاني الجديد لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، وهي جماعة منافسة لحركة طالبان وتنظيم القاعدة”.

أما خارج أفغانستان، فيجب أن يحافظ الجيش على الوجود في عشرات الدول التي تعمل بها حاليًا وحدات صغيرة لمكافحة الإرهاب -جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية- مدعومًا بواسطة الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار الأمريكية، حسب تقرير بلومبرغ.

وتعد “عمليات اكتساب موطئ قدم ذات الأثر المتوسط” ضرورية لجمع معلومات استخبارية بشأن تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وتتكلف أقل بكثير من عمليات مكافحة التمرد التي شنتها واشنطن في العراق وأفغانستان، ولها فائدة إضافية تتمثل في مساعدة الولايات المتحدة، وفق تقرير بلومبرغ.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات