كيف تُضخّم وسائل التواصل الاجتماعي الإسلاموفوبيا على الإنترنت؟

مواطنون فرنسيون يحملون لافتات خلال مظاهرة للاحتجاج ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا (الأناضول)

نشر موقع “ذا كونفرسيشن” بنسخته الأمريكية تقريرا عن كيفية عمل الحملات الإعلامية التي يقوم بها مجموعات من المحافظين على مواقع التواصل الاجتماعي، لتضخيم الإسلاموفوبيا واستهداف شخصيات إسلامية في المجتمعات الغربية.

وقال الموقع إنه في أغسطس/آب الماضي، تعرضت حملة إعلانية على فيسبوك تنتقد النائبتان في الكونغرس الأمريكي إلهان عمر ورشيدة طليب، لتدقيق شديد. واتهم المنتقدون بأن الإعلانات ربطت عضوات الكونغرس بالإرهاب، وندد بعض الزعماء الدينيين بالحملة ووصفوها بأنها “معادية للإسلام” ، أي نشر الخوف من الإسلام وكراهية المسلمين.

“لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها النائبتان إساءات معادية للإسلام أو عنصرية، خاصة على الإنترنت”. يقول كاتب التقرير الأستاذ في مجال الاتصالات والذي يدرس سياسات العرق والهوية عبر الإنترنت، سيف شاهين، ويضيف: “رأيت أن إلهان عمر غالبًا ما تكون هدفًا لهجمات القوميين البيض على تويتر”.

وأضاف: “لكن الهجمات على المسلمين عبر الإنترنت لا تقتصر على السياسيين،  فبعد عشرين عامًا من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تذهب الصور النمطية التي تربط المسلمين بالإرهاب إلى ما هو أبعد مما يظهر في الصحف والتلفزيون. تدق الأبحاث الحديثة ناقوس الخطر بشأن تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا في المساحات الرقمية، ولا سيما استخدام الجماعات اليمينية المتطرفة للمعلومات المضللة وأساليب التلاعب الأخرى لتشويه سمعة المسلمين وعقيدتهم”.

النائبتان إلهان عمر(يسار) ورشيدة طليب

تضخيم الكراهية

ويتابع الموقع: “في يوليو/ تموز 2021، على سبيل المثال، نشر فريق بقيادة الباحث الإعلامي لورانس بينتاك بحثًا عن التغريدات التي ذكرت إلهان عمر أثناء حملتها لانتخابات الكونغرس. وأفادوا بأن نصف التغريدات التي درسوها تضمنت “لغة معادية للإسلام أو معادية للأجانب أو أشكال أخرى من خطاب الكراهية”.

جاءت غالبية المنشورات المسيئة من عدد صغير من “المحرضين” – الحسابات التي تنشر المحادثات المعادية للإسلام على تويتر. ووجدوا أن العديد من هذه الحسابات تخص محافظين. لكن الباحثين أفادوا أن مثل هذه الحسابات نفسها لم ترقى رواجا وقبولا.

بدلاً من ذلك، وجد الفريق أن ما يعرف بـ”مكبرات الصوت” أو “المضخمين”، وهي الحسابات التي تجمع وتحرض الناس على نشر أفكارهم من خلال إعادة التغريد الجماعية والردود، هي المسؤولة في المقام الأول.

وكانت النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام هي أن أربعة فقط من أفضل 20 حساب ممن يطلق عليهم “مكبرات صوت” أو “المضخمين” معادية للإسلام كانت حسابات حقيقية، فيما كان معظمهم إما روبوتات – تم إنشاؤها عن طريق الخوارزميات لتقليد الحسابات البشرية – أو “دمى sockpuppets” ، وهي حسابات بشرية تستخدم هويات مزيفة لخداع الآخرين والتلاعب بالمحادثات عبر الإنترنت.

وقامت الروبوتات والحسابات الأخرى بنشر التغريدات المعادية للإسلام والتي تم نشرها في الأصل من خلال حسابات حقيقية، ما أدى إلى تأثير أكبر وانتشار أوسع أفضى إلى زيادة ظاهرة الإسلاموفوبيا.

مسلمو الدنمارك في ساحة البرلمان إحياءً لذكرى ضحايا مذبحة كرايستشيرش في كوبنهاغن (غيتي)

الحسابات “المخفية”

لدى تويتر ما يزيد قليلاً عن 200 مليون مستخدم نشط يوميًا. في الوقت نفسه، يمتلك موقع فيسبوك ما يقرب من ملياري شخص – ويستخدم البعض استراتيجيات تلاعب مماثلة على هذه المنصة لتصعيد الإسلاموفوبيا.

درس الباحث في المعلومات المضللة يوهان فاركاس وزملاؤه، صفحات فيسبوك “االمخفية” في الدنمارك، والتي يديرها أفراد أو مجموعات يتظاهرون بأنهم إسلاميون متطرفون من أجل إثارة الكراهية ضد المسلمين. وجد تحليل العلماء لـ 11 صفحة على الانترنت من هذا النوع، أنها مزيفة، وأن المنظمين نشروا ادعاءات حاقدة على الدانماركيين والمجتمع الدنماركي، وهددوا “بالاحتلال الإسلامي على البلاد”.

بعد ذلك، توضح الدراسة أن فيسبوك أزال الصفحات لانتهاكها سياسة محتوى المنصة، لكنها عادت للظهور تحت ستار مختلف. وعلى الرغم من أن فريق فاركاس لم يتمكن من تأكيد من كان يقوم بإنشاء الصفحات، إلا أنهم وجدوا أنماطًا تشير إلى “نفس الفرد أو المجموعة المختبئة خلف العباءة”.

نجحت هذه الصفحات التي تخفي هوية أصحابها في إثارة آلاف التعليقات المعادية والعنصرية تجاه الإسلاميين التي يعتقد المستخدمون أنها تدير الصفحات. لكنهم أثاروا أيضًا الغضب تجاه الجالية المسلمة الأوسع في الدنمارك، بما في ذلك اللاجئين.

وغالبًا ما تنسجم مثل هذه التعليقات مع نظرة أوسع للمسلمين باعتبارهم تهديدًا لـ “القيم الغربية” و “البياض”، ما يؤكد كيف أن الإسلاموفوبيا تتجاوز التعصب الديني.

إحراق نسخة من القرآن في مدينة “مالمو” السويدية في وقت سابق (مواقع التواصل)

التهديدات المزدوجة

ويقول التقرير إن “هذا لا يعني أن المتطرفين الإسلاميين (الحقيقيين) يغيبون عن شبكة الإنترنت. لطالما خدم الإنترنت بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص كوسيلة للتطرف الإسلامي”.

لكن في السنوات الأخيرة، عملت الجماعات اليمينية المتطرفة على توسيع وجودها على الإنترنت بشكل أسرع بكثير من الإسلاميين. بين عامي 2012 و 2016 ، نما متابعو القوميين البيض على تويتر بأكثر من 600٪ ، وفقًا لدراسة أجراها خبير التطرف جي إم بيرغر. ووجد أن القوميين البيض “يتفوقون على داعش في كل مقياس اجتماعي تقريبًا، من أعداد المتابعين إلى التغريدات يوميًا”.

عالية المخاطر

ويشير التقرير إلى أن التعرض لرسائل الإسلاموفوبيا له عواقب وخيمة. تظهر التجارب أن تصوير المسلمين على أنهم إرهابيين يمكن أن يزيد من الدعم للقيود المدنية على المسلمين الأمريكيين، بالإضافة إلى دعم العمل العسكري ضد الدول ذات الأغلبية المسلمة.

ويشير نفس البحث إلى أن التعرض لمحتوى يتحدى الصور النمطية للمسلمين – مثل تطوع المسلمين لمساعدة إخوانهم الأمريكيين خلال موسم عيد الميلاد – يمكن أن يكون له تأثير معاكس ويقلل من الدعم لمثل هذه السياسات، خاصة بين المحافظين السياسيين.

وتم الإبلاغ عن العنف ضد المسلمين وتخريب المساجد وحرق القرآن على نطاق واسع في الولايات المتحدة على مدار العشرين عامًا الماضية، وهناك دلائل على استمرار تزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا.

لكن الدراسات التي أعقبت انتخابات عام 2016 تشير إلى أن المسلمين يعانون الآن من الإسلاموفوبيا “بشكل متكرر على الإنترنت أكثر من المواجهة وجهاً لوجه”.

وفي وقت سابق من عام 2021، رفعت مجموعة مناصرة للمسلمين دعوى قضائية ضد مديري فيسبوك، متهمة الشركة بالفشل في إزالة خطاب الكراهية ضد المسلمين. وتزعم الدعوى أن فيسبوك نفسه كلف بإجراء تدقيق للحقوق المدنية خلص إلى أن الموقع “خلق جوًا يشعر فيه المسلمون بأنهم تحت الحصار”.

وفي العام 2011، في الذكرى العاشرة لأحداث 11 سبتمبر، وثق تقرير صادر عن مركز التقدم الأمريكي، شبكة الإسلاموفوبيا الواسعة في البلاد، ولفت الانتباه إلى دور “خبراء المعلومات المضللة” من اليمين المتطرف في نشر الدعاية المعادية للمسلمين.

المصدر : مواقع أمريكية