“تنذر بكارثة محققة”.. منظمة حقوقية تنشر رسالة مسربة من داخل سجن العقرب في مصر

سجن ليمان طرة في مصر (غيتي)

قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إنها حصلت على محتوى رسالة مسربة من داخل سجن العقرب، تنذر بمأساة بعدما أقدم معتقلون غاضبون على الإضراب وإشعال النيران في عدد من الزنازين رفضًا للتنكيل المستمر بحقهم منذ سنوات طوال.

ونشرت الشبكة ظهر اليوم الثلاثاء الرسالة على منصاتها الاجتماعية، مطالبة النائب العام المصري والجهات الرقابية بالتحرك بعدما ازدادت أوضاع المعتقلين سوءًا مما ينذر بكارثة محققة قد تحل بين عشية وضحاها بسبب منعهم من أبسط حقوقهم الأساسية وتعمد إلحاق الأذى النفسي والبدني بهم.

وتقول الرسالة “لقد بدأنا إضرابًا عن الطعام منذ أسبوعين لعل صوتنا يصل إلى المسؤولين ليرفعوا عنا ما نحن فيه من عزل وحرمان من الأهل ومن حقوقنا الطبيعية؛ فلم يستجب ولم يسمع لنا أحد بل كانت دائمًا رسائلهم لنا (اقتلوا أنفسكم.. نحن لا يهمنا الإضرابات)”.

وتابعت الرسالة الموجة إلى أحرار العالم “لقد ضاقت بنا الدنيا حتى أشعلنا النار في زنازيننا يوم الجمعة قبل الماضية يوم 13/08/2021 وأمسكت النار في أجسادنا، وأصابت 12 منا بحروق.. فعلنا ذلك ليرتاح المسؤولون عنا”.

واستطردت “ومع ذلك قابلوا هذا الأمر بالبطش والتنكيل والتجريد من الملابس والإهانة والضرب والعزل، وتحول مبنى H1 w3 إلى مقر للدفاع المدني وقوات فض الشغب، الذين هددونا بكل شيء، حتى اعتقال الأهل وعاد الصمت إلى أرض الخراب (العقرب)”.

واختتمت الرسالة بالقول “أغيثونا يا أحرار العالم واحمونا يا أيها المسؤولون إذا كنتم تخافون من المسؤولية أمام الله”. بينما لم يصدر أي تعليق من وزارة الداخلية المصرية حتى الآن.

تصاعد الغضب والإضراب

ووفق بيان الشبكة، أكدت الرسالة وجود ثورة غضب عارمة بين معتقلي سجن العقرب شديد 1، وكان نتيجتها محاولة 15 معتقلًا إشعال النيران في أنفسهم بمبنىW3 H1، وهم من المعتقلين المضربين عن الطعام، والذين استكملوا إضرابهم داخل العزل.

حالة الغضب الشديد التي يعيشها المعتقلون من نزلاء المباني H2 وH3  وH4، عبروا عنها باستمرار إطلاق الهتافات والطرق على الأبواب، وتوجت بدخول أكثر من 100 معتقل في الإضراب المستمر عن الطعام حاليًا، ليرتفع العدد الإجمالي إلى ما يقارب 130 معتقلًا مضربًا عن الطعام حتى الآن، يأملون في الحصول على حقوقهم المسلوبة.

موقف إدارة السجن

وقالت الشبكة إن رد إدارة سجن العقرب على الظلم الواقع على المعتقلين واستمرار الانتهاكات والاضراب عن الطعام والغضب التي يجتاح السجن، جاء غريبًا.

وفي محاولة للتنصل من مسؤوليتهم قالت إدارة السجن “دي (هذه) أوامر سيادية واحنا مالناش دعوة (ليس لنا علاقة بها)”، كأن المسؤولية عن المعتقلين تقع على عاتق جهات أخرى، هي من توجه باتخاذ إجراءات ما بحقهم وإدارة السجن ما عليها سوى التنفيذ، وفق بيان الشبكة.

صورة من القمر الصناعي لسجن العقرب أخذت في سبتمبر/أيلول 2016 (هيومن رايتس ووتش)

تنكيل متواصل

وأضافت الشبكة في بيانها لها أن الإضراب المتواصل ومحاولات الانتحار تأتي ردَ فعل طبيعياً على التنكيل المتواصل بالمعتقلين، الذي تضاعفت وتيرته بعدما أجرت أجهزة الأمن في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تغييرات كبيرة للأسوء على سجن العقرب، وحرمت النزلاء من التهوية الكافية والكهرباء والماء الساخن بشكل كامل تقريبًا.

وجاء تشديد القيود في أعقاب الحادثة التي وقعت في 23 سبتمبر/أيلول بسجن العقرب، وقُتل فيها 4 من أفراد الأمن وأربعة نزلاء، يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي، لتتضاعف الانتهاكات داخل سجن العقرب، الذي يُحتجز فيه حاليًا ما يقرب من ألف سجين.

هذا مع حظر كامل للزيارات العائلية منذ مارس/آذار 2018، والحرمان من ساعات التريّض والحبس لمدة 24 ساعة منذ مطلع 2019، إضافة إلى إزالة جهاز التهوية المثبت على الحائط في كل زنزانة في مباني السجن الأربعة، والمقبس الكهربائي، وهو المصدر الوحيد للكهرباء للاحتياجات اليومية.

وكذلك إزالة المصباح الكهربائي الوحيد في كل زنزانة، مما ترك حوالي 100 زنزانة دون أي مصدر للضوء في المبنى محل الواقعة، كما جرى نقل مفاتيح الإضاءة في الزنازين الموجودة بالمباني الثلاثة الأخرى إلى خارج الزنزانة حتى لا يتمكن السجناء من التحكم بها.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد جرى استبدال شِباك البعوض الذي كان يغطي النافذة الوحيدة في كل زنزانة، والتي تطل على ممر السجن، بقضبان النوافذ بشبكة فولاذية، مما حد كثيرًا من دخول الهواء والضوء إلى الزنزانة، وهو ما أدى إلى استشراء البعوض في الزنازين طوال الوقت، وفق البيان ذاته.

تحذير من كارثة وشيكة

وترى الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن محتوى الرسالة التي خرجت من المعتقلين تؤكد استمرار البطش والتنكيل غير المحدود، ووصول المعتقلين إلى طريق مسدود، وهو ما ينذر بكارثة قد تحل إذا لم يلتفت المسؤولون إلى معاناة المعتقلين الذين تقطعت بهم سبل الحياة، ولم يعد أمامهم سوى إنهاء حياتهم.

وطالبت الشبكة في ختام بيانها الشبكة النائب العام والجهات الرقابية بالتحرك من أجل إيقاف مختلف صور التنكيل التي يتعرض لها معتقلو العقرب، ومنحهم حقوقهم المشروعة والعادلة، وإيقاف سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها الأجهزة الأمنية بحق المعتقلين.

المصدر : الجزيرة مباشر