“أكبر إخفاق”.. استياء غربي من واشنطن بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان

عناصر من حركة طالبان في العاصمة الأفغانية كابل(رويترز)

تتوالى الانتقادات الشديدة للولايات المتحدة وبينها مواقف من الجانب الغربي بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان مما يكرس فشل عشرين عاما من الالتزام العسكري لحلف الأطلسي في هذا البلد.

ومن وزير الدفاع البريطاني وصولا إلى المستشارة الألمانية، لم يخف الحلفاء الأوربيون، لواشنطن امتعاضهم وسط مشاهد الذعر في مطار كابل لآلاف الأفغان وهم يحاولون الفرار.

وقال تقرير (لفرانس برس) بعد عقدين من الوجود العسكري الغربي، باتت أفغانستان في أيدي طالبان التي تقوم بدوريات في شوارع كابل ودخلت القصر الرئاسي.

“فشل” للمجتمع الدولي

وأشار التقرير إلى حديث وزير الدفاع البريطاني (بن والاس) بأن عودة طالبان إلى السلطة “فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها”.

وهو حدث نادر في العلاقات المميزة بين لندن وواشنطن، إذ انتقدت حكومة بوريس جونسون علنا منذ عدة أيام القرار الأمريكي بالانسحاب الذي أدى إلى رحيل قوات حلف الأطلسي وبينها عسكريون من ألمانيا وبريطانيا.

وفي ألمانيا، الحليف التقليدي الآخر للولايات المتحدة، كان الاستياء واضحا بينما تنشط السفارات لإجلاء رعاياها والموظفين الأفغان الذين عملوا لديها.

واعتبرت المستشارة أنغيلا ميركل أمس الإثنين أن التدخل الغربي في أفغانستان لم يكن نجاحه على قدر الآمال المعقودة، على الرغم من الضربات التي تلقّاها تنظيم القاعدة منذ عام 2001.

وقالت ميركل في مؤتمر صحفي” من المسلّم به أن القاعدة لم تعد قادرة على شن هجمات ضد الولايات المتحدة انطلاقا من أفغانستان.

لكنّها شددت على أن “كل الأمور الأخرى التي تلت لم تتكلل بالقدر نفسه من النجاح ولم تتحقق وفق ما خطّطنا له” بحسب ما قالت.

وكانت المستشارة التي تغادر السلطة في ختام انتخابات تشريعية في 26 سبتمبر/ أيلول، تطرقت في وقت سابق وأمام مسؤولي حزبها إلى أسباب “سياسية داخلية” وراء الانسحاب الأمريكي.

قوات بريطانية في مطار كابل لإجلاء المواطنين البريطانيين(رويترز)

“أكبر إخفاق”

ورأى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أن المجتمع الدولي “أساء تقدير” الوضع في أفغانستان، وقال” لا شيء لنقوله، نحن جميعا، الحكومة وأجهزة المخابرات والمجتمع الدولي، أسأنا تقدير الوضع.

وقال رئيس حزب (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) الذي تتزعّمه المستشارة الألمانية إن انسحاب القوات الغربية من أفغانستان هو “أكبر إخفاق” للحلف الأطلسي منذ تأسيسه.

وقال رئيس الحزب (أرمين لاشيت) إن استيلاء حركة طالبان على السلطة بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي يبيّن بوضوح أن “تدخّل المجتمع الدولي لم يتكلّل بالنجاح”.

وأضاف قائلا” إنه أكبر إخفاق لحلف شمال الأطلسي منذ تأسيسه، ونحن أمام تحوّل تاريخي”.

والمرارة في ألمانيا أكبر وخصوصا أنها كانت ثانية دولة مساهمة في القوات الأجنبية في أفغانستان في السنوات العشرين الماضية، خلف الولايات المتحدة مع حوالي 150 ألف فرد.

وتحدث وزير الخارجية الأسبق يوشكا فيشر -كان يشغل منصب وزير خارجية ألمانيا في بدء تدخل حلف الأطلسي في أفغانستان عام 2001- عن “خطأ”.

وقال فيشر “لم أتوقع مثل هذا القرار بالانسحاب سريعاً” وأضاف “نرى تداعياته اليوم”.

استخلاص العبر من الفشل

ودعت وزيرة الدفاع الألمانية (انغريت -كارينباوبر) حلف شمال الأطلسي، إلى استخلاص العبر من الفشل المسجل في أفغانستان حيث استعادت حركة طالبان السلطة.

وقالت الوزيرة في تصريح لمحطة محلية اليوم الثلاثاء إن ثمة مواضيع كثيرة يجب بحثها داخل حلف شمال الأطلسي بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان بعد وجود عسكري غربي استمر 20 عاما.

وألمحت إلى أن الدول الأوربية قد تضطر في المستقبل إلى تولي مهام كانت تقوم بها الولايات المتحدة.

وأوضحت قائلة” علينا فيما بعد أن نعرف إن كنا مستعدين لتحمل العواقب واتخاذ التدابير التي كنا تركناها حتى الآن للأمريكيين”.

ويعقد سفراء دول حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا الثلاثاء للبحث في الوضع في أفغانستان حيث تحاول الدول الغربية تسريع عمليات إجلاء رعاياها.

موسكو واستئناف الاتصالات

واستأنفت روسيا الاتصالات مع طالبان، ويلتقي سفيرها في كابل اليوم الثلاثاء ممثلين عن طالبان بحسب ما قال مبعوث الكرملين إلى أفغانستان.

وعلى عكس الدول الغربية التي سارعت لإجلاء الدبلوماسيين من البلاد في خضم بسط حركة طالبان سيطرتها في نهاية الأسبوع، أعلنت روسيا أنها ستبقي سفارتها في كابل مفتوحة.

وتسعى روسيا التي كانت مستعدة لوصول طالبان إلى السلطة، لتجنب زعزعة استقرار منطقة نفوذها في آسيا الوسطى، بحسب ما ذكر تقرير (فرانس برس).

وكانت موسكو أكدت وسخرت في الأيام الماضية من فشل منافسها الأمريكي بعد عشرين عاما من الحرب في أفغانستان.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات