كوارث تلوح في الأفق.. التغيرات المناخية في الماضي “إنذار مبكر” لنقاط التحول الحالية

التغيرات المناخية ليست وليدة اللحظة
التغيرات المناخية ليست وليدة اللحظة (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أن الاضطرابات المفاجئة في مناخ الأرض قبل آلاف السنين، والتي تسببت في ارتفاع شديد في مستوى سطح البحر وذوبان كثيف للجليد، قد تشكل إنذارا لما تشهده مناطق تعاني وضعا مناخيا حرجا في عالمنا اليوم.

وهذه النقاط المناخية الحاسمة التي من المستحيل العودة إلى الوضع الذي كان يسبقها على مرّ القرون أو أكثر هي بمثابة نقاط تحول فاصلة قد تطرأ إثرها تغيرات سريعة وكبيرة على الطبيعة.

وتشمل تلك التغيرات كوارث تلوح في الأفق مثل ذوبان الصفائح الجليدية في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) ما قد يؤدي بدوره إلى رفع مستوى البحر بأكثر من 10 أمتار.

ومن المعلوم أنه من الصعب جدا استباق مثل هذه الاضطرابات نظرا للتغيرات البسيطة نسبيا أو التراكمية في بعض العوامل مثل تركز الكربون في الغلاف الجوي التي قد تثيرها.

وركّز فريق دولي من العلماء على اختلالين أساسيين في الطبيعة ناجمين عن تغيرات في الطوف الجليدي والمحيطات والمتساقطات، من خلال استعراض أحداث مناخية سابقة، ونُشرت خلاصاتهم في مجلة (نيتشر جيوساينس).

التغيرات المناخية تؤثر على ملوحة بحيرات كاليفورنيا
التغيرات المناخية تؤثر على ملوحة بحيرات كاليفورنيا (غيتي)

ودرس العلماء الظروف المسببة لموجة الاحترار/الاحتباس الحراري المعروفة بـ(بولينغ-أليرود) قبل نحو 15 ألف سنة التي أدت إلى ارتفاع حرارة الهواء على سطح الأرض إلى 14 درجة مئوية في غرينلاند.

وركّز الفريق أيضا على ما يُعرف بالفترة الأفريقية الرطبة قبل حوالي 6 آلاف إلى 5 آلاف سنة التي أدت إلى تغيرات إقليمية في النظم البيئية وفي مجتمعات ما قبل التاريخ.

وتوصل الدارسون إلى أن نظما مناخية سابقة متعددة مثل ديناميات المحيط وأنماط التساقطات كانت تتباطأ مع اقترابها من نقطة تحول تخفق بعدها في التعافي من تداعيات الاضطرابات.

وقال تيم لنتون المشارك في الدراسة ومدير معهد النظم العالمية في جامعة إكستر إن “الماضي القريب للأرض يظهر لنا كيف تسببت تغييرات مباغتة في نظامنا بتداعيات متعاقبة على النظم البيئية والتجمعات البشرية في جهودها للصمود”.

وأكد “نحن أمام خطر مواجهة نقاط تحول متعاقبة مجددا، لكنه هذه المرة من صنع يدنا وستكون التداعيات عالمية”، مشيرا إلى أهمية أنظمة الإنذار المبكرة في هذا الصدد.

انقسام علمي

وقد نجد قبل 800 ألف سنة، مستويات مشابهة لثاني أكسيد الكربون في الجوّ عند حدود 412 جزءا في المليون، لكن معدل تركز ثاني أكسيد الكربون لا سابق له.

وينقسم العلماء حول تاريخ أو إمكان تحريك التبدلات عند نقاط التحول، لكنّ كثيرين يعتقدون أن تأثيرات مثل ذوبان الصفيحة الجليدية باتت ثابتة بسبب تلوث الكربون.

وقال مؤلفو الدراسة -نُشرت على الإنترنت مؤخرًا- إنها تحوي أدلة على أن تأثيرات التغييرات المفاجئة في الماضي على نظام الأرض تضافرت لتسبب اضطرابات على مستوى الكوكب برمته.

وعلى سبيل المثال، فإن التغييرات في مستويات الجليد والتيارات المحيطية في بداية فترة احترار (بولينغ-أليرود) في أواخر العصر الجليدي الأخير تسببت بتأثيرات متتالية مثل انخفاض مستويات الأكسجين في المحيطات وتعديلات في الغطاء النباتي ومستويات ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي.

وقال المؤلف الرئيسي فيكتور بروفكين من معهد ماكس بلانك للأرصاد الجوية “قد يبدو الأمر غير منطقي، لكن التنبؤ بالمستقبل قد يتطلب النظر إلى الماضي”.

وأضاف “فرصة اكتشاف التغيرات المفاجئة ونقاط التحول -حيث تؤدي التغييرات الصغيرة إلى تأثيرات كبيرة- تزداد مع طول مدة عمليات الرصد”.

وأردف “لهذا يكتسب تحليل التغييرات المفاجئة وتسلسلها المسجل في المحفوظات الجيولوجية أهمية كبيرة”.

فيضانات أفغانستان

وفي السياق، لقى ما لا يقل عن 113 شخصا مصرعهم، الخميس الماضي، في فيضانات اجتاحت ولاية نورستان (شمال شرقي أفغانستان)، ولا يزال 110 أشخاص في عداد المفقودين.

وقال المتحدث باسم الوزارة الافغانية لإدارة الكوارث الطبيعية أحمد تميم عظيمي، اليوم السبت، إن هذا الفيضان الذي ضرب منطقة كامديش الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر شمال شرق كابول، إثر تساقط أمطار غزيرة أسفر “الآن عن مصرع 113 شخصا”.

وأوضح أن “نحو 110 أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين”، مشيرا إلى أنّ “173 منزلا دمرت بالكامل بالإضافة إلى عشرة محلات تجارية وستة جسور”.

وتودي الأمطار الغزيرة والفيضانات الهائلة كل عام في أفغانستان بحياة عشرات الاشخاص، خصوصاً في المناطق الريفية حيث العديد من المنازل لم تبن وفق معايير السلامة، ومن ثم فهي معرضة بشكل خاص لخطر الانهيار خلال تساقط الأمطار في الدولة الفقيرة.

وأودت فيضانات مماثلة، في أغسطس/آب الماضي، بحياة نحو 100 شخص في إحدى مدن ولاية بروان، على بعد نحو 60 كيلومترا شمال كابول.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية