احتجاجات عارمة ضد البرلمان والحكومة التونسية.. والنهضة تتهم عصابات خارجية بالاعتداء على مقراتها (فيديو)

تجمع مئات التّونسيين، اليوم الأحد، في أحد الشوارع القريبة من مقر البرلمان غربي العاصمة، احتجاجا على تردي الأوضاع الصّحية والسّياسية بالبلاد، وللمطالبة برحيل الحكومة وحلّ البرلمان، وسط حضور أمني كثيف.

وأغلقت قوات الشرطة أغلب المداخل المؤدية إلى مقر البرلمان في باردو، كما شهدت شوارع العاصمة -ومن بينها الشارع الرئيسي “الحبيب بورقيبة” – انتشارا أمنيا مكثفا.

ودعا ناشطون على مواقع التّواصل الاجتماعي مؤخرا، إلى التّظاهر في العاصمة تونس بالتّزامن مع الذكرى 64 لإعلان الجمهورية في 25 من يوليو/تموز من كل عام، مطالبين بإنهاء الأزمة السّياسية ورحيل الحكومة وحلّ البرلمان.

ولم تتبن أي جهات حزبية هذا التّحرك الاحتجاجي باستثناء “المجلس الأعلى للشباب” (مجموعة على موقع فيسبوك) الذي أصدر بيانا تناقله ناشطون في الأيام الماضية، دعا خلاله إلى تغيير المنظومة السّياسية خلال فترة انتقالية لا تتجاوز 6 أشهر.

ورفع المتظاهرون شعارات أبرزها، “فاسدة المنظومة.. الحاكم والحكومة”، و “يا مواطن يا مسكين مشيت تحت الساقين (تحت الأقدام)” و”الشعب تعب من فساد السّاسة”، و”نعم لحلّ البرلمان وطرد الحكومة الفاشلة” كما رددوا النشيد الوطني التّونسي مرارًا.

وشهدت شوارع العاصمة، أمس السّبت، انتشارا أمنيا كبيرا مع إغلاق لكل المنافذ المؤدية إليها ومنع دخول السّيارات إليها.

ونجح المئات في الوصول إلى الشوارع القريبة من البرلمان ورددوا شعارات مثل “الشعب يريد إسقاط النظام” و”الشعب يريد حل البرلمان”، و”لا خوف لا رعب السلطة بيد الشعب”.

واستخدمت الشرطة رذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة ورددوا هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحل البرلمان، كما ردد محتجون شعارات ضد حزب حركة النهضة الإسلامية، الحزب الأكبر في البلاد ودخلوا في مناوشات مع قوات الشرطة.

وخرجت مسيرات مماثلة في مناطق أخرى في البلاد من بينها صفاقس وقفصة وسوسة والقيروان وتوزر، وأظهرت مقاطع فيديو في (توزر) والكاف محتجون يقتحمون مقر حزب حركة النهضة.

وقال شهود عيان لوكالة رويترز إن مئات أيضا خرجوا في قفصة وسيدي بوزيد والمنستير ونابل وصفاقس وتوزر، وفي سوسة حاول المتظاهرون اقتحام المقر المحلي لحزب النهضة الإسلامي وأزال آخرون لافتة الحزب من على واجهة المقر.

الاعتداء على مقار النهضة

وفي صفاقس لاحقت الشرطة محتجين في الشوارع وأطلقت الغاز المسيل للدموع، وأظهر مقطع فيديو بُثّ على مواقع التواصل الاجتماعي محتجين يضرمون النار في مقر النهضة في توزر جنوبي تونس.

ونددت حركة النهضة في بيان عبر فيسبوك بالاحتجاجات ووصفتها بـ”المجموعات الفوضوية”، مضيفة أن الفئات المحتجة “قد ساءها الفشل في إقناع الرأي العام بخياراتها الشعبوية وغير الديمقراطية”، على حد وصف البيان.

وأشار البيان إلى التعدي على بعض مقرات الحركة في مناطق مختلفة من الدولة، ووجه الشكر إلى الجهات الأمنية التي تصدت للتجاوزات ومنعت تخريب الممتلكات العامة والخاصة، وأدان البيان ذاته ما سماها بـ”العصابات الإجرامية” المنفذة لأجندة خارجية ترمي إلى تعطيل المسار الديمقراطي وتخريب الدولة.

 

وناشدت النهضة مختلف الأطراف السياسية وأنصار الديمقراطية بإدانة المتورطين في هذه الاعتداءات وتشديد ملاحقتهم قضائيًا حقنا للدماء وإعلاء للنظم القانونية والديمقراطية التي تنتهجها الدولة.

وقبل أيام، تواترت دعوات من ناشطين للنزول إلى الشوارع تزامنًا مع عيد الجمهورية ولكنها لم تحظ بدعم حزبي واضح.

وتواجه تونس صعوبات اقتصادية تراكمت على امتداد فترة الانتقال السياسي منذ 2011 وغذتها أزمة وباء كورونا التي أضرت بقطاعات واسعة من المجتمع والعمال والفئات الهشة وولدت سخطا عاما.

وضرب الوباء تونس في الوقت الذي تكافح فيه لإنقاذ الاقتصاد الذي يعانى منذ ثورة 2011، ما يقوض الدعم الشعبي للديمقراطية مع تصاعد البطالة وتراجع الخدمات الحكومية.

والأسبوع الماضي، أقال المشيشي -على خلفية تدهور الوضع الصحي- وزير الصحة بعد مشاهد فوضوية في مراكز التطعيم خلال عطلة عيد الأضحى، عندما اصطفت حشود كبيرة بسبب نقص إمدادات اللقاح، وأعلن سعيّد أن الجيش سيتولى التعامل مع الجائحة قائلا إن خطط التصدي لها باءت بالفشل.

وتترافق احتجاجات اليوم مع أزمة سياسية ونزاعات دستورية بين الرئاسة من جهة والحكومة والبرلمان جهة ثانية.

ويطالب الرئيس قيس سعيّد بتغيير النظام السياسي الحالي والذهاب إلى نظام رئاسي، وهو ما ترفضه حركة النهضة الذي يترأس زعيمها راشد الغنوشي البرلمان.

ورأى بعض المحللين تحرك سعيد محاولة لتوسيع سلطاته خارج الدور الخارجي والعسكري المناط بالرئيس في دستور 2014.

وقد يعرقل الشلل الحكومي جهود التفاوض على قرض من صندوق النقد الدولي يعد حاسما من أجل استقرار المالية العامة للدولة، لكنه قد يشمل أيضا خفضا في الإنفاق من شأنه أن يزيد من معاناة الشعب الاقتصادية.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات